البخيت يحذر من اضطرابات داخليّة في الأردن ومن إعلان حالة الطوارئ
البخيت يحذر من اضطرابات داخليّة في الأردن
ومن مفاوضات فلسطينيّة إسرائيليّة "سريّة"
ومن إعلان حالة الطوارئ
رئيس الوزراء الأسبق العين الدكتور معروف
البخيت:
30-12-2013
قال رئيس الوزراء الأسبق العين الدكتور معروف البخيت
انه إذا ما تطورت الأحداث في منطقة الشرق الأوسط باتجاه الأسوأ، فإن الأمر قد يتطلب
"إعلان حالة الطوارئ" في المملكة، محذرا من مغبّة الذهاب إلى مفاوضات فلسطينيّة
إسرائيليّة، "تمهّد لها قنوات سريّة"، قبل استجماع عناصر القوّة كافة.
واكد خلال محاضرة ألقاها بعنوان "التحوّلات
في البيئة الاستراتيجيّة في الشرق الأوسط وتداعياتها على الأردن" في مركز الدراسات
الاستراتيجية، بالجامعة الأردنيّة اليوم الاثنين أن التوقيت الراهن هو "الأسوأ"
بالنسبة للقضيّة الفلسطينيّة.
إلى اليمين مؤرخ الأردن علي محافظة وإلى اليسار الروائي الفلسطيني والمفكر تيسير نظمي وجها لوجه ! |
حضر المحاضرة رئيس الوزراء الأسبق سمير
الرفاعي ورئيس الديوان الملكي الهاشمي الأسبق عدنان أبو عودة والوزير الأسبق صالح إرشيدات
والمؤرخ الدكتور علي محافظة وعدد من كبار المسؤولين بالإضافة إلى حزبيين ونقابيين.
وقال البخيت في المحاضرة، التي جاءت بدعوة
من مركز الدراسات الاستراتيجيّة في الجامعة، إن الموقف الأردني من الأزمة السورية
"اتّسم بالحصافة وبعد النظر، حيث نجحت المملكة بإدارة موقف محايد من الأزمة السورية".
وأضاف إن اتباع سياسة الحدود المفتوحة لأسباب
إنسانية، نتج عنها استقبال الأردن أكثر 600 ألف لاجئ سوري، إضافة إلى إقامة عدد مساوٍ
من الأشقاء،إذ أصبحت أعداد اللاجئين والمقيمين السوريين 20بالمئة من الأردنيين، مّا
شكل ضغطاً مفاجئاً على البنية التحتية بما في ذلك التعليم والصحة والطرق.
وتابع جميع أطراف الأزمة السورية
"تفهمت" الموقف الأردني لغاية الآن، لكن مع دخول الأزمة السورية مرحلة التحضير
الميداني لمؤتمر "جنيف 2"، الذي هو ثمرة تفاهم روسي أميركي، قد يتطلب الأمر
الزجّ بكل الإمكانات لنيل مكاسب اللحظة الأخيرة قبل المؤتمر.
وأوضح البخيت أن مصالح المحور السني (الآني)
"التقت عند نقطة إسقاط النظام السوري أو إضعافه قدر الإمكان، في مواجهة حلف إيران
– العراق – سورية وحزب الله".
وزاد "دخل الصراع بين المحورين مرحلة
النهائيات في العقدة السورية والعقدة الإيرانية، فيما ينشغل المحوران في تجميع أوراق
تفاوضية أو تحسين الوضع التفاوضي لمختلف الأطراف التي ستحضر المؤتمر، الذي يعتقد الكثير
انه سيقرر إطاراً لتسوية إقليمية كبرى بين القوى العالمية والإقليمية".
وتابع أن هذه التسوية الإقليمية تمرّ من
جهة التحالف الذي يدعم المعارضة السّوريّة، عبر منع أو إعاقة أو إضعاف بعض أوراق الحلّ
بالمركز السوري الداخلي أولاً بالوسائل الأمنيّة، وفي مقدمة هذه الأوراق تنحية الرئيس
بشار الأسد وضمان حصة سياسية بالحكومة الانتقالية التي سيقرها المؤتمر.
لكنه أضاف أنه بالمقابل ستلجأ إيران إلى
توظيف الأوراق الطرفية التي تملكها في لبنان وفلسطين وبعض دول الخليج، إلى أقصى قدر
ممكن أو إخراج وتحييد هذه الأوراق من التداول السياسي والتوظيف قبل وبعد عقد المؤتمر.
وذكر البخيت ثلاثة تحديات راهنة أمام السياسة
الأردنية فيما يخصّ الموقف من الأزمة السّوريّة، أولها: قد تقوم السعودية بالعمل على
فرض رؤيتها على الأردن فيما يخصّ موقفه من الأزمة السورية.
الثاني: التعارض بين الموقفين الأميركي
والسعودي في حل الأزمة السورية، ما يضع الأردن بين قطبي ضغط أميركي – سعودي، والثالث:
دخول إسرائيل على خط الأزمة بشكل واضح بعد التفاهم الأميركي الإيراني. ويبدو أن هذا
الاندفاع الإسرائيلي ما هو إلا بداية لمرحلة جديدة من مواجهة إسرائيلية إيرانية قد
تطول.
وبخصوص المخاطر المحتملة على الأردن، أكد
البخيت أن الأردن يشكّل المجال الجيواستراتيجي المثالي وشبه الحصري للتأثير في مجريات
الأزمة السورية بالنسبة لكل أطراف الصّراع في سورية واللاعبين الأساسيين بالإقليم.
وأضاف أن "سورية لم تعد تنظر للأردن
كمحايد تماماً، إذ "اتهم مساعد وزير الخارجيّة فيصل المقداد المملكة بأنها تستضيف
غرفة عمليات سعودية – إسرائيلية لإدارة العمليات العسكرية في سورية، ما يضع الأردن
أمام احتمال لجوء سورية إلى دحر المسلحين بمنطقة حوران وإرغامهم على دخول الأراضي الأردنية،
الأمر الذي يعني نقل جزء من الحرب الجارية بسورية إلى داخل أراضي المملكة".
وحذر البخيت أن تتحول مخيمات اللاجئين السوريين،
جراء ذلك، إلى "خزان بشري لتغذية الصراع".
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حذّر البخيت
من مغبّة الذهاب إلى مفاوضات فلسطينيّة إسرائيليّة، "تمهّد لها قنوات سريّة"،
قبل استجماع عناصر القوّة كافة، مشيراً إلى أن التوقيت الراهن هو "الأسوأ"
بالنسبة للقضيّة الفلسطينيّة، من حيث غياب الظهير العربي القويّ، وانشغال المراكز العربيّة
الرئيسة بأزماتها الداخليّة، وتراجع أهميّة القضيّة على سلم أولويّاتها.
وفيما دعا إلى ضرورة التمسّك بقرارات الشرعيّة
الدوليّة بشأن القضيّة الفلسطينيّة، أكد أن أيّ قرار جديد، "قد يعني إلغاء القرارات
السالفة، وما ترتب عليها من حقوق ومن موقف دوليّ".
وقال إنه وكما في الحرب، فإن الدخول إلى
معركة التسوية السلميّة، دون إمكانات ولا خطة وفي غير أوانها "يعني خسارة المعركة"،
مشدّداً على ضرورة أن يكون الأردن حاضراً ومشاركاً في الوصول إلى النتائج لحماية مصالحه
العليا.
وأكد رفضه بأن يكتفي الأردن بإبلاغه بالمسارات
والمجريات، مع احتماليّة "حدوث مفاجآت، تترتب على القنوات السرية".
وبين البخيت طالما أن إسرائيل مستمرة في
تهويد القدس وبناء المستوطنات، فإنه من الصعب تصور إقامة الدولة الفلسطينية المتواصلة
بدون إرغام إسرائيل"، مضيفاً إن أميركا بدورها ولأسباب داخلية "من غير المتوقع
أن تقوم بفرض حل قصري".
ولفت إلى أنه على الأرجح أن تكون المفاوضات
"فرصة للتهدئة لتتفرغ أميركا للتعاطي مع الأزمة السورية والإيرانية"، قائلاً
إن هناك احتمال بأن يتم إغراء إسرائيل لعدم مقاومة الاتفاق الإيراني مقابل تبني وجهة
نظر إسرائيل بإعطاء أولوية للترتيبات الأمنية، وذلك بالضغط على الجانب الفلسطيني بإحياء
فكرة الاعتراف بدولة فلسطينيّة ذات حدود مؤقتة والاستمرار بالتفاوض.
وقال البخيت إنه وبالنظر للتحولات العميقة
في البيئة الاستراتيجية للشرق الأوسط وتداعياتها على مختلف الأطراف، فإن على السياسة
الخارجية الأردنية "مغادرة" حالة السكون بانتظار نتائج الأحداث، وسياسات
رد الفعل إلى القيام بمبادرات لإعادة التموضع واعتماد البدائل الكفيلة بالدفاع عن مصالح
المملكة وصون استقلالها.
وبخصوص الانفتاح الأميركي على إيران، قال
البخيت إنه أثمر بتوقيع الاتفاق المرحلي عن فتح صفحة جديدة بتاريخ العلاقات الإيرانية
الأميركية، قائلاً إن هذا التحول بالسياسة الأميركية "جاء بمثابة الصدمة للسعودية
أولاً، ولإسرائيل ثانياً، وهما خصما إيران تقليدياً، ومن موقعين مختلفين".
وحول الصراع السعودي – الإيراني، والصراع
الإسرائيلي – الإيراني، بين البخيت أنه صراع طويل وسيمرّ بعدة مراحل: ما قبل مؤتمر
"جنيف 2"، حيث سيبلغ ذروته في الأيام المقبلة وسيمتد الصراع إلى ما بعد المؤتمر،
إلى حين استقرار المعادلة الإقليمية والتي من "المرجح أن تكون لصالح إيران وعلى
حساب السعودية وإسرائيل".
وأشار البخيت إلى أبرز التوصيات والاقتراحات،
التي من شأنها أن تدعم مناعة الدولة الأردنيّة ضد الاستحقاقات الكبرى، وتحقق فاعليّة
الأداء، والقدرة على التفاعل مع التطوّرات، وهي:
أولاً: ضرورة التحرّك الفوري لإجراء اتصالات
مع القائمين على مؤتمر "جنيف 2" وأميركا وروسيا لوضع قضية اللاجئين السوريين
على جدول الأعمال بهدف إقامة محميات إنسانية داخل الأراضي السورية، والبدء بعودة اللاجئين،
والطلب من مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته، والضغط على أطراف الصراع لإقامة المحمية الإنسانية.
ثانيا: اتخاذ تدابير (عسكرية وأمنية) بالمنطقة
الشمالية، حتى لو اقتضى الأمر إعلان المنطقة على امتداد الشريط الحدودي "مغلقة
تدار من قبل الأجهزة العسكرية والأمنية".
ثالثا: العمل على عدم الانجرار وراء مغامرة،
تورّط الأردن في أدوار أمنية وسياسية تضعه في خندق واحد مع التكفيريين الإرهابيين،
وتضعنا في حالة صدام مع التوجهات الدولية التوافقية من الأزمة السورية.
رابعاً: القيام بإجراء حوار جدي مع السعوديين
لضمان الحفاظ على المسافات الكافية، والتي تكفل حماية المصالح العليا للدولة الأردنيّة
وضمان حياديّتها وعدم تدخلها في شؤون الدول الأخرى، وبما يحافظ على خصوصيّة وطابع العلاقة
الاستراتيجيّة مع الرياض.
خامساً: إذا تطورت الأحداث باتجاه الأسوأ،
قد يتطلب الأمر إعلان حالة الطوارئ.
سادساً: بذل كل جهد لتعزيز تماسكنا الداخلي
ووحدة الصف، بإجراء حوار عميق مع القوى كافة لإزالة حالات الاحتقان، ولخلق حالة من
التوافق الوطني، ليكون الأردن قادراً على إدارة المرحلة القادمة بكل جوانبها.
سابعاً: ضرورة تغيير الحالة السياسية الحالية
تجاه المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وذلك بالإصرار على التواجد بالمفاوضات بممثل
واحد على الأقل، حتى لا تحدث مفاجأة كما حدث في أوسلو وحتى لا يدفع الأردن فاتورة التصور
الأميركي الإسرائيلي للحل، مع ملاحظة الحقيقة التالية: قبول الطرف الفلسطيني، تحت الضغط،
بتنازلات على صعيد ملف اللاجئين، يعني خلق أزمة داخليّة كبيرة في الأردن
واضطرابات داخليّة، وتفريطاً بمصالح الدولة الأردنيّة ومواطنيها من اللاجئين الفلسطينيين،
وسيُصار إلى لوم الأردن واتهامه، ومن كافة الأطراف الداخليّة، بالتفريط والتخاذل، مع
وجود إعلام معاد قويّ.
(بترا)
المثقفون في مواجهة العسكر ! |
تعليقات