العقيد معمر القذافي - بداية و نهاية - حكم ليبيا 41 سنة فماذا تبقى للشعب الليبي ؟
اذا صورت فستموت.. القذافي كذب والكذب حقيقة
صحف عبرية
2011-03-11
غشي غيم من الغبار الاصفر طرابلس أول أمس. فالعواصف الرملية هنا أمر يتكرر كثيرا والمدينة الصحراوية تعيش داخلها. من كل صوب تطالعك صور ضخمة للقذافي. الزعيم 'القائد'، كما يسمونه هنا في خشوع. في طريقي الى المطار أقف مع عدة صحافيين آخرين في حي أبو سليم. أُخرج كاميرا وفي خلال دقائق يلتف حولي عشرات من الرجال والاولاد والنساء يرفعون صور القذافي ويهتفون 'الله معمر وليبيا بس'.هذا هو الشعار اليوم في طرابلس مؤيدي القذافي مثل هتاف النازيين في المانيا بالضبط: 'إله واحد، شعب واحد، فهرر واحد'. هذه خلاصة العقيدة الفاشية في صيغتها العربية ايضا. يلتف الجمهور ويضغط على الصحافيين القلة من كل الاتجاهات، ونتخلص بصعوبة ونفر الى الحافلة الصغيرة التي تنقلنا الى المطار.أترك الدولة متنفسا الصعداء. بنى القذافي لنفسه في سني حكمه الواحدة والاربعين، وهو القائد الضئيل القامة، أمة كاملة على صورته وشخصه. الجماهير الذين ينساقون وراءه يعيشون في رتابة أصبح العنف فيها من الدفع بالأيدي والصراخ حتى اطلاق النار الحية نهج حياة. وهو يحكم دولته بالتأليف بين غسل الدماغ وعبادة الشخصية والفاشية. لا يؤيد مؤيدوه عقيدته إن وجدت أصلا. انهم يؤيدونه.الحقيقة الوحيدة هي حقيقة الزعيم. وهم عميان عن كل ما لا يصدر مباشرة عن فمه. وعندما نحاول اجراء حديث مع واحد من مؤيدي 'الزعيم'، يمكن ان نحصل فقط على اجوبة مُحفظة. وهي بالضبط نفس النصوص التي يبثها التلفاز الليبي الذي يسيطر عليه القذافي مرة بعد اخرى. يحرص القذافي في الايام الاخيرة، عالما بقوته السحرية على الجمهور، على الظهور الشخصي الكثير. فهو يثرثر وهم يردون عليه بصرخات الحب.وما لا يفعله شعر الزعيم المفلفل يفعله المسلحون من قبله. يسيطر القذافي على طرابلس ومدن حولها بخلاف اماكن أبعد مثل بنغازي لانه موجود داخل الميدان وكذلك رجال أمنه. انهم موجودون في كل زاوية وفي كل ركن.
'على حساب الشعب'
بدأت رحلتي الى ليبيا يوم الاثنين قبل عشرة ايام من مالطا. حاولت ركوب احدى العبارات التي خرجت لتخليص عمال اجانب علقوا في ليبيا اثناء الثورة، لكن ناس العبارة رفضوا السماح لي بركوبها. 'ناس القذافي سيطرحونك ويطرحوننا اذا لم تأت برخصة رسمية من السفارة'، قالوا بصرامة.بيد أنني عندما وصلت السفارة الليبية في فاليتا عاصمة مالطا، خرج السفير وأعلن للمتظاهرين الذين تجمعوا في المكان بأنه ينضم للثوار مع موظفي السفارة كلها. ورفع العلم الليبي القديم من ايام الأسرة المالكة ذي الالوان الاحمر والاسود والاخضر ودخل دخولا دراميا الى الداخل. وبهذا انقضى احتمال أن أحصل على ترخيص.قال اصدقاء ان السفارة في لندن ما تزال مخلصة للقذافي وأن ثمة احتمالا أن أحصل على تأشيرة دخول لليبيا. طرت الى لندن وبعد حديث قصير الى ملحق اعلام السفارة تبين أن لي حظا. فقد أعلن ابن القذافي سيف الاسلام في ذلك اليوم بالضبط بأن كل صحافي يريد أن يقف على الوضع للتحقق منه ولرؤية مبلغ كذب شبكات تلفاز 'الجزيرة' و'العربية' والـ 'بي.بي.سي' مدعو للمجيء الى ليبيا. قال الملحق: 'سافر الى المطار. ستنقلك شركة الطيران الليبية بلا تأشيرة دخول ايضا' (ومفهوم أنني لم أُجهد نفسي بتبشيره بأنني صحافي اسرائيلي).كان الملحق صادقا. ففي يوم الجمعة، في ذروة العاصفة الرملية، هبطت قُبيل المساء في طرابلس. ولأنني جئت بلا تأشيرة اضطررت الى أن انتظر ساعات ترهق الاعصاب حتى اتصل في نهاية الامر واحد من أفراد 'سلطة العناية بالاعلام الاجنبي' وأبلغني أن شؤوني تعالج. بعد ذلك بساعات جاء سائق في سيارة رتب الامور في غضون دقائق وهكذا خرجنا آخر الامر من المطار.في الخروج من المطار ضربتنا موجة قوية من العفن. بل ان المنظر كان أصعب. آلاف الاشخاص من النساء والرجال والاولاد والاطفال يجلسون في الظلام على أمتعتهم في برد الصحراء ويحملقون الى العاصفة الرملية. مهاجرو عمل من مصر وغانا وبنغلاديش وتركيا ودول كثيرة اخرى انتظروا في عجز طائرة ربما تأتي لنقلهم الى بيوتهم. اختلط بكاء الاطفال بصراخ الناس وصيحات رجال الشرطة الذين يحاولون فرض النظام بضرب الهراوات.في فندق 'ريكسوس' في مركز المدينة استقبلني موظف الاستقبال بحرارة. 'كل شيء على حساب الشعب الليبي'، ابتسم لي. تبين في الغد انه لا توجد وجبات بالمجان. إن الوجه الحبيب لرجال شبكة الاعلام الاجنبي هو القفاز الحريري الذي يلف القفاز الحديدي لاجهزة الأمن الليبية.عرفت سريعا أنني حر في المضي الى حيث أشاء، لكنني اذا حاولت الوصول الى منطقة حساسة فسيظهر فورا حولي رجال شرطة أو جنود أو مجرد رجال أمن بملابس مدنية يُعيدونني الى المكان الذي جئت منه بغير أدب زائد وفي عنف ظاهر احيانا.هذا ما حدث عندما بلغت مثلا الميدان الاخضر الذي هو الصيغة الخاصة للقذافي من الميدان الاحمر في الصين، والذي منه يؤجج كل مساء ثورته المضادة. ليس الحديث عن مشهد يشبه ما كان في مصر حيث جاء عدة آلاف من مؤيدي مبارك لمشاجرة المتظاهرين في ميدان التحرير. فهنا في طرابلس يقوم كل مساء عشرات الآلاف من المؤيدين المتحمسين الذين يؤمنون بزعيمهم ايمانا أعمى ويتعلقون بكل كلمة تخرج من فمه.عندما حاولت تصوير حواجز الشرطة التي تحيط بالميدان، انقض علي رجل أمن وأخذ مني الكاميرا وطلب رؤية وثائقي. وعندما اقتنع أعاد إلي الكاميرا وحدق إلي وقال اربع كلمات 'يو فوتو يو داي'.
اصبع على الكلاشينكوف
أسمع في الليل اصوات اطلاق نار. كان اليوم الذي هبطت فيه في ليبيا يوما صعبا جدا في طرابلس. فقد نشبت أحداث شغب بعد صلاة الجمعة، وفي حيي تاجورا وسوق الجمعة فرق ناس القذافي المظاهرات بالغاز المسيل للدموع وباطلاق نار حي من المروحيات. لم يُسدد الى الجمهور مباشرة بل الى أطرافه. وفي مقابلة ذلك صورت قوات الامن المتظاهرين والآن في الليل يجرون اعتقالات بحسب الصور التي في أيديهم.قال لي الناس الذين التقيت بهم بعد ذلك في طرابلس إن ناس القذافي يدخلون البيوت ويحققون مع الشباب أو يعتقلونهم. بعد ذلك يختفي اولئك المحقَق معهم ببساطة. كل هذا يحدث في الليل، بعيدا عن عيون الصحافيين وهذا هو سبب اطلاق النار الذي يُسمع من آن لآخر ايضا.المدينة كلها مليئة بالحواجز ونقاط حراسة الجيش والشرطة والعصابات المدنية التابعة للقذافي. فهؤلاء ببساطة ينشئون خيمة في وسط حي ويجلسون هناك طوال النهار كله وأيديهم دائما على الكلاشينكوف.أقرر الخروج مع صحافي آخر ومترجم الى حي تاجورا. فاجأني أن تلقينا إذنا. صفوف طويلة أمام المخابز. يوجد نقص في الخبز. وصف طويل أمام مركز شراء غاز الطهو. كانت تاجورا قبل ذلك مدينة شرقي طرابلس وامتزجت الآن بالمدينة التي يسكنها مليون ونصف مليون ساكن. لكن ناس تاجورا مثل ناس الاحياء الاخرى الذين تمردوا، ينتسبون الى عائلات والى قبائل أصيلة في المنطقة، بخلاف الخليط الكبير الذي تدفق على طرابلس وسكنها في إثر النفط.يدحرج علي ابراهيم ابن الخامسة والاربعين في عدم ارتياح اسطوانة الغاز الفارغة التي يمسك بها. يرمي بنظرة خائفة نحو جماعة من الرجال بلباس مدني يقفون جانبا ويرقبوننا ويرفض الجواب عن اسئلتي. وهكذا عرفت ان رجال القذافي مبثوثون في كل مكان. لا يحملون سلاحا على نحو معلن لكن يمكن التعرف عليهم بحسب شكل شعورهم الافريقي واسلوب اللباس وفي ضمن ذلك النظارات الشمسية الشهيرة تلك التي استعاروها من منظر الزعيم المعروف جدا.في النهاية استجاب علي ابراهيم وقال: 'آمل ان يعود الوضع سريعا الى ما كان عليه.أريد استقرارا. عندي زوجة وثلاثة اولاد'. لا استطيع ان اقول أكثر. أما محمد قليل، معلم جغرافيا، فوقف وراءه في الصف وهو مستعد للحديث خاصة. يتحدث في حذر عن المعارك التي وقعت أمس: 'كان اولئك شبانا رموا بقنابل حارقة، ولهذا أطلقت عليهم قوات الامن الغاز المسيل للدموع'.
عن أي تغيير تبحث؟
'لا أبحث عنه ولا يبحث عنه الزعيم ايضا'، يسارع الى الجواب ويضيف 'القذافي والشعب ايضا يريدون حقوق المواطن وحرية التعبير وامورا كتلك الموجودة في دول اخرى. فنحن نستحق هذا ايضا. وعدنا الزعيم أمس بأن نحصل على حقوق أكبر وعلى سكن وعمل للشباب'. هل تصدقه؟ سألته. ابتسم قليلا وقال في خفوت '80 في المئة'.بخلاف مصر التي فيها 80 مليون نسمة لكن فيها موارد محدودة، يوجد في ليبيا أقل من 6 ملايين مواطن وايراد يبلغ عشرات مليارات الدولارات من النفط. البلد غني لكن الشعب فقير بسبب السلطة الفاسدة. ومن المفارقات الاخرى انه يعمل في ليبيا نحو مليون عامل اجنبي لكن لا يوجد عمل للشباب المحليين.دُفع الى الحلقة التي اجتمعت حولنا فجأة شخص طلب الحديث. قال: 'اسمي احمد سليمان وأنا رجل اعمال. فعل القذافي من اجلنا ما لم يفعله أحد من اجلنا. قبل الثورة في 1969 سكنت عائلتي كوخا قذرا ولم يكد يوجد عندنا ما نأكله. واليوم توجد لنا جميعا شقق حسنة ومصدر عيش. من اجل هذا اؤيد القذافي'. ويهز رجال الامن الذين اقتربوا للاصغاء ايضا ويبدو انهم هم الذين أرسلوا هذا الرجل للحديث رؤوسهم موافقين مبتسمين.
النصر ولا يهم أيّ نصر
طلبت زيارة الحي الايطالي من المدينة القديمة، حيث عاش يهود طرابلس في الماضي. لا توجد لذلك اليوم علامة وذكر لكن عندما خرجنا من ابواب الفندق أشار المترجم الى المنطقة الممتدة من شمال الفندق حتى البحر وقال: ' كل هذا يسمى اراضي الفلاح'. من هذا؟ سألت. 'يهودي ثري عاش هنا وهرب'.هرب رفائيلو فلاح الى ايطاليا بعد 1967 مثل كل يهود ليبيا. هرب خوفا من الجمهور المنكل الثائر الهائج، الذي عرفته من قريب في مكوثي في طرابلس. أُممت اراضي فلاح التي بلغت مئات الدونمات ويبني القذافي عليها اليوم مشروعا سكنيا ضخما فيه آلاف الشقق المخصصة للطبقات القليلة الدخل. تبني المشروع شركة صينية، بيد أنه مع بدء الاضطرابات ترك العمال الصينيون المكان ويقف ساكنا الآن.في السادسة صباحا من اليوم التالي استيقظنا في الفندق على صوت اطلاق نار قوي سمع قريبا جدا وفي انحاء المدينة كلها. ميز ذوو الآذان الحادة هدير محركات دبابات ومدرعات تتحرك غربا نحو الزاوية كما يبدو.كانت النار قوية وقريبة جدا بحيث أسرعت الى حزم حقيبتي والكاميرات وخرجت جريا من غرفتي المتجهة نحو الشارع الى القسم الداخلي من الفندق غير المكشوف لاطلاق النار من الخارج.تحاول مجموعة الصحافيين المتجمعة على عجل تخمين ما يحدث. توجد اشاعات عن معركة بين معسكري عائلة القذافي في منطقة العزيزية قرب الفندق، لكن بعد ساعة أبلغنا صحافي ينزل فندقا آخر في المدينة انه يرى العابا نارية فوق الميدان الاخضر في مركز طرابلس القريب من المدينة القديمة التي اعتاد القذافي ان يخطب في الجماهير في الايام الاخيرة من فوق أسوارها.تبين ان الحديث عن اطلاق نار فرحا. بشر التلفاز الليبي الجماهير مع الفجر بأن جيش ليبيا خرج في الليل للهجوم على المتمردين وانتصر في جميع الجبهات. وكان هذا كافيا لاخراج المؤيدين الى الشوارع. والى ذلك يبدو ان رجال الامن أُمروا باطلاق رصاص الابتهاج العفوي في الجو.امتلأت الشوارع بصفوف السيارات وفيها ناس ذوو شالات خضراء ونساء يلبسن الملابس الخضراء، كلهم يرفعون صور القذافي ويرفعون علامات الانتصار ويقولون صارخين 'نصر! نصر!'.كيف تعلم ان الجيش انتصر؟ سألتُ شابّـاً انقض عليّ محتضنا مقبلا عندما خرجت من باب الفندق. 'سمعت من المذياع ومن ناس في الحي'، أجاب مبتهجا. وهكذا يجيب ايضا محتفلون آخرون.مجموعة من فتيات مدارس ثانوية بالزي المدرسي يلوحن بكتاب القذافي الاخضر ويحتفلن بالنصر برغم انهن لا يعلمن عن أي نصر يتم الحديث. في كل مرة مر في الشارع شباب مسلحون أطلقوا رصاصا في الهواء وصرخوا بصرخات هستيرية تأثرا وتأييدا للقذافي.تجمع في الميدان الاخضر مئات الآلاف من مطلقي النار يغنون ويرقصون احتفالا بالنصر الذي لم يكن ولم يوجد.أصبح واضحا فجأة مبلغ نجاح القذافي (برغم عاداته العجيبة وسلوكه غير السوي) في غسل أدمغة الطبقات الدنيا من شعبه على نحو يجعلها تصدق بلا تردد وشك كل ما يقول لهم الزعيم ووسائل الاعلام التي تخدمه. حتى عندما يواجه الجيش الليبي المخلص للقذافي مقاومة شديدة يكفي ان يقول التلفاز ان الجيش منتصر كي يعتبر ذلك حقيقة. والحال كما هي في كتاب جورج اورويل '1984'، فالحقيقة في ليبيا القذافي كذب والكذب حقيقة.
يديعوت 11/3/2011
القذافي فاوض اليهود الليبيين على تمويل تشكيل حزب لهم في اسرائيل
كشف مسؤول الجالية اليهودية الليبية مائير كحلون، وهو مهاجر من ليبيا عام 1950 الذي يسكن اليوم تل أبيب، لصحيفة "جروسالم بوست" الإسرائيلية، عن ملفات لقاءات عقدها مع مندوبين لمعمر القذافي.قال كحلون "ما بين 2005-2007 سافرتُ مع مساعدين إلى عمان للقاء مبعوثين من ليبيا تحت ستار مناقشة تعويض الجالية اليهودية الليبية عن ممتلكاتهم، وقد عرض المفوضون من القذافي علينا مبالغ ضخمة، بشرط أن نشكل حزبا سياسيا في إسرائيل للجالية اليهودية الليبية".لم يفصح كحلون عن أسماء الليبيين الذين التقاهم في عمان، وقال إنه التقى وزير خارجية ليبيا عام 2005 بوساطة أحد رجال القانون من عرب 1948، وكان هذا اللقاء هو الأول من نوعه، وعقد اللقاء مرتين في عمان ما بين 2006-2007. وقال كحلون: "لقد أبلغوني بأن المسؤول الليبي الذي التقيته كان سيف الإسلام القذافي، وأنه يعشق أغاني المطربة الإسرائيلية زهافا بين، وقد أحضرتُ له في اللقاء الثاني ألبومها الغنائي".وفي أواخر 2007 اقترح عليّ أحد المقربين من العقيد القذافي عرضا بتشكيل حزب إسرائيلي للجالية الليبية اليهودية، فرفضتُ هذا الاقتراح، وجاء الاقتراح في إطار فكرة العقيد بتأسيس دولة (اسراطين) دولة يهودية عربية مشتركة.وقد توقفتْ اللقاءات مع مبعوثي القذافي بعد عام 2007 بعد مصالحة العقيد مع أميركا وبعد أن دفع تعويضات لضحايا طائرة لوكربي.يقول كحلون: لا تهمني النقود فأنا أرغب فقط في زيارة قبر والدتي في ليبيا.ويبلغ عدد الجالية اليهودية التي كانت تسكن ليبيا مائتي ألف رحلوا منها وسكنوا إيطاليا وإسرائيل.
حسابات التدخل الأميركي في ليبيا
شاكر الجوهري
التدخل العسكري الأميركي ـ الأوروبي في ليبيا، أصبح أكثر من احتمال، وأقل من حقيقة.. أو فلنقل أنه بات حقيقة محتملة.التصريحات التي تصدر من واشنطن وعواصم اوروبية، يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار.باراك اوباما وساركوزي طالبا "بإنهاء فوري للعنف" في ليبيا.والبيت الأبيض يقول أنه "لا يستبعد أي شيء" في رده على القمع الذي تمارسه حكومة القذافي ضد الإنتفاضة الشعبية، و "لا يستبعد خيارات ثنائية"..ووزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يعلن أن فرنسا وايطاليا هما الأفضل لفرض منطقة الحظر الجوي على ليبيا، غير مستبعد للخيار العسكري.والاتحاد الاوروبي يبحث ارسال قوة تدخل انساني إلى ليبيا.والبنتاغون بدأ بدراسة خطط طوارىء عدة للتعامل مع الوضع المتدهور فى ليبيا بناء على طلب من الرئيس اوباما.
الهدف المعلن لكل هذه التصريحات والتحركات هو "وضع حد للأزمة فى ليبيا".
ويبدو أن وضع حد لهذه الأزمة لا يشمل اسقاط نظام معمر القذافي، ولا الإستجابة لرغبات الشعب الليبي بالتحرر من نظامه، دون الخضوع للإحتلال..!
فقط وقف الإستخدام المفرط للقوة ضد الشعب..!
فجميع التصريحات الأميركية والأوروبية خلت من أية اشارة لضرورة استجابة القذافي لرغبات الشعب الليبي، وهي الصيغة التي استخدمتها هذه الأطراف في تعاملها مع زين العابدين بن علي، وحسني مبارك، قبيل نجاح الثورتين الشعبيتين في البلدين بإطاحة نظامي الحكم فيهما.
أما ما يؤشر إلى أن واشنطن لا تفكر في اطاحة نظام القذافي فهو اعلان الإدارة الأميركية أنها تؤيد طرد ليبيا من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة..!
هذا يعني أن واشنطن تعمل على اطالة عمر نظام القذافي، وتغليف حقيقة اهدافها من التدخل العسكري الذي تلوح به، بإجراءات ذات طبيعة انسانية.. شأن كل عمليات السيطرة والإستعمار التي ارتكبتها اميركا، وغيرها من الدول الإستعمارية والإمبريالية لدى تدخلها عسكريا في أي دولة من دول العالم..!
الهدف الحقيقي هو النفط، لا الشعب الليبي..!!
ولعل خارطة توزيع آبار النفط في ليبيا، توفر غطاءا مناسبا لتحقيق هذا الهدف، الذي لا يضع مصالح ورغبات الشعب في الإعتبار.بعد أن سيطر الثوار الليبيون على معظم انحاء ليبيا، فإن شراسة نظام القذافي التي تستدعي التدخل العسكري لوقف العنف، تتمركز حاليا في طرابلس العاصمة، ومحيطها الجغرافي.
ومن ينظر إلى خارطة آبار النفط في ليبيا، يجدها تتمركز في منطقتين جغرافيتين:
الأولى: جنوب وشمال وغرب طرابلس.
1. جنوب وغرب العاصمة الصحراوي، حيث لا سكان، وبالتالي لا ثورة شعبية، مع توفر امكانية لدى القوات الغازية لفرض طوق عسكري يحول دون تعرض الثوار الليبيين لمنشآت انتاج النفط.
2. البحر الواقع شمال العاصمة، وأيضا حيث لا سكان، ولا امكانية لوصول الثوار إلى منشآت انتاج النفط في عرض البحر.
الثانية: جنوب وغرب بنغازي. وفي غرب بنغازي توجد الطرق التي يستعد الثوار لسلوكها إلى طرابلس لإستكمال انجاز اسقاط نظام القذافي.
وهذا التحرك يمكن اخضاعه لمنطق التدخل العسكري بهدف وقف العنف في ليبيا..!!
هنا يتوجب التوقف أمام مفارقة اميركية من العيار الثقيل:
السيطرة على نفط العراق استوجبت غزوا عسكريا للعراق تحت شعار اشاعة الديمقراطية عبر جنازير الدبابات وطائرات ومدافع الإحتلال.
أما السيطرة على نفط ليبيا، فهي تتطلب عدم الإلتفات إلى رغبات الشعب الليبي في الديمقراطية..!
يجدر أن نلاحظ أيضا:
أن الإعتراضات الأميركية على استخدام العنف في ليبيا تأجلت طوال عشرة أيام طويلة، من طراز الأيام العشرة التي هزت العالم قبيل أن تطيح الثورة البلشفية بقيادة لينين، بالنظام الإمبراطوري في روسيا.
وفور أن لاحت امكانية حسم الثوار للموقف، وازدياد احتمالات اطاحتهم بالقذافي، وارتقاء هذه الإحتمالات إلى مستوى الحقيقة المنتظرة، ارتفعت شعارات وقف العنف في ليبيا، على نحو لا يفرق بين عنف نظام القذافي الذي يقتل البشر من أجل الحفاظ على ديمومة جثومه على صدر الشعب، واضطرار الليبيين إلى الدفاع عن أنفسهم وحياتهم، وحرياتهم، بصدورهم العارية، وما تيسر لهم من بنادق حصلوا عليها من معسكرات الجيش التي اجتاحوها، وجنود وضباط انحازوا للشعب في مواجهة اجرام الدكتاتور.
تلافي وقوع ليبيا تحت الإحتلال الأميركي، الذي يضع النفط الليبي بين ناظريه، ممكن في ثلاث حالات:
الأولى: صحوة ضمير معمر القذافي، على نحو يجعله يقدم استقالته، ويتنحى من السلطة لصالح الشعب الليبي، والدولة الليبية.
الثانية: تدخل عسكري عربي يحسم الموقف لصالح الثورة.
الثالثة: انتصار سريع وحاسم للثورة الشعبية الليبية، وتمكنها من اسقاط القذافي.
الحالة (الإحتمال) الأول (صحوة ضمير القذافي)، نوردها فقط حتى لا يقال أننا اسقطنا هذا الإحتمال، وهو احتمال نظري وحسب، لا امكانية عملية له على أرض الواقع، في ضوء معرفة التركيبة السيكولوجية للرجل.
ذات الأمر ينطبق على الإحتمال الثاني، فهو غير وارد عمليا.
الدولة العربية الوحيدة التي تملك الإمكانيات العسكرية، والحدود المشتركة مع ليبيا في ذات الآن، هي مصر، الغارقة حاليا في تفاعيل الثورة الشعبية، وسجالات الثوار مع المجلس العسكري الأعلى.
الإحتمال الثالث يعتمد على امكانية تحرك ثوار غرب ليبيا، الأقرب جغرافيا إلى طرابلس، وكذلك على انحيازات أخرى واجبة من قبل قوات الجيش والأجهزة الأمنية المتواجدة في العاصمة إلى جانب الشعب، وتجنيبا للبلاد أن تقع تحت الإحتلال الأميركي.. ذلك أن الطريق الصحراوي الطويل بين بنغازي وطرابلس يصعب تصور امكانية قطعه من قبل ثوار مدنيين، وجنود انحازوا للثورة، تحت القصف الجوي المتوقع من قبل سلاح الجو الليبي الموالي حتى الآن للقذافي، خلال فترة قصيرة تسبق التدخل العسكري الأميركي ـ الأوروبي في طرابلس..!
هذه الحقائق اللوجستية تدفع إلى ترجيح حدوث التدخل العسكري الأميركي ـ الأوروبي في ليبيا، وعلى نحو يفرض طرح السؤال عن مدى وحدود هذا التدخل المتوقع، والملوح به..؟
يمكن تصور المراحل الجغرافية التالية للتدخل العسكري في حال حدوثه:
المرحلة الأولى: انزال عسكري بحري في منطقة طرابلس، تحت شعارات حقن الدماء، ووقف العنف.
المرحلة الثانية: انتشار قوات التدخل في مناطق انتاج النفط غرب ليبيا تحت دعاوى من طراز حماية ثروة البلاد النفطية.
المرحلة الثالثة: انتشار هذه القوات في وسط ليبيا (غرب بنغازي)، حيث آبار النفط، وبذات المبرر (حماية ثروة البلاد النفطية).
وحين يتم التدخل تحت شعار وقف العنف، فإنه يفترض فقط الفصل بين الأطراف المتصارعة، مع الحفاظ على سيطرتها على المناطق التي تتواجد فيها.. يساعد اميركا على ذلك اتساع الرقعة الجغرافية الليبية (مليون و759540كم2) ، وقلة السكان مقارنة بهذه المساحة (5 ملايين نسمة، منهم مليونين من العجائز وكبار السن).وربما تجري قوات الإحتلال حوارا غير مباشر بين هذه القوى، هدفه الوحيد ادامة الإنقسام الليبي، بما يهيئ الظروف لتقسيم البلاد والعباد..!ويبقى السؤال: لم منحت واشنطن العقيد القذافي مهلة عشرة أيام ثمينة، قبل أن تبدأ في إطلاق التصريحات، المهيئة للتدخل العسكري في ليبيا..؟ لا جدال في أن واشنطن كانت معنية ببقاء نظام القذافي، وعدم نجاح الثورة في اسقاطه للأسباب التالية:
أولا: أن هذا النظام لا يمثل أية مخاطر على مصالحها في المنطقة.. فهو يبيعها نفط ليبيا بأسعار مخفضة، وسلم الولايات المتحدة كل ما يتعلق ببرنامجه النووي السابق، ويتماهى سياسيا وعسكريا مع الموقف الأميركي المعادي لنظام الحكم في السودان، وأوقف أي تحرش بنظام الحكم في تشاد، وأي دعم للثورة الفلسطينية، وفصائلها المقاومة، أو لسوريا، وتخلى عن تحالفه السابق مع ايران.
ثانيا: أن سقوط نظام القذافي، وقيام نظام حكم ديمقراطي في ليبيا، مؤهل لأن يفتح الأبواب على مصاريعها، لأن تكر سبحة النظام العربي الحليف لأميركا بكامله.
اميركا باتت في حاجة ملحة لأن تفشل ثورة شعبية في اسقاط نظام حكم عربي موال لها، كي تتراجع معنويات الشعوب العربية المندفعة على طريق التحرر من الأنظمة الموالية لأميركا.
ثالثا: أن النظام الديمقراطي المرتقب في ليبيا، قد يدعم مصر ماليا، ويغنيها عن المساعدات الأميركية المشروطة، التي قيدت السياسة المصرية في نطاق المصالح، والتحالفات الأميركية.
إن تغيير نظام الحكم في مصر، في ظل استمرار الحاجة المصرية للمساعدات المالية الأميركية، تحول دون انفلات المواقف السياسية المصرية من عقدة المصالح الأميركية، لكن الخوف الحقيقي هو من تصليب المساعدات الليبية للإقتصاد المصري، بما يفتح الباب أمام تصليب السياسة المصرية، ويخرجها من طوق المصالح الأميركية.
أمير قطر:
التغيير قادم ولصالح العرب.. وعلى العالم تأييد إرادة الشعوب بالتحرر
تمنى أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على العقيد معمر القذافي أن يساهم بأسرع وقت ممكن في إيجاد حل للوضع في ليبيا ومنع استباحة المزيد من الدماء.وقال أمير قطر في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الألماني كريستيان فولف إن على أوروبا والعالم أن يظهروا خلال الثورات التي تشهدها الدول العربية مواقف واضحة وسريعة منذ البداية لمساعدة شعوب المنطقة المطالبة بالعدالة الاجتماعية وحرية التعبير، وألا تنتظر حتى ترى ميلان الكفة لتقرر موقفها فيما بعد.وقال بهذا الشأن "نحن نريد مواقف سريعة منهم حتى لا تشعر الشعوب العربية أن الدكتاتوريات إذا استطاعت احتواء الموقف فإن أوروبا ستقف معها"، وأضاف أن "على أوروبا أن تدعم حقوق الشعوب المتطلعة إلى الحرية والعدالة والاستفادة من اقتصادها وثرواتها التي لا تستطيع أن تستفيد منها في ظل الدكتاتوريات".وفيما يتعلق بموضوع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا أكد أمير قطر أن هذه الهجرة مردها الأوضاع المعيشية بسبب الدكتاتوريات المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط، وشدد على أن التغيير قادم وأنه يصب في مصلحة الشعوب العربية.وردا على سؤال عن وجود مبادرة عربية فردية أو مشتركة عاجلة تتعلق بالوضع في ليبيا قلل الشيخ حمد من إمكانية نجاح أي مبادرة عربية.وطالب أوروبا والمجتمع الدولي بتقديم مساعدات عاجلة لليبيين والعمل على إيجاد طرق لذلك خاصة وأنها تستطيع التحكم بالأجواء الدولية.وقال في هذا الموضوع "أعتقد أن أوروبا تستطيع التحكم في الأجواء، وطائراتها تستطيع الذهاب إلى ليبيا لتقديم مساعدات إنسانية"، وأضاف "نعرف عقلية الليبيين عند إصرارهم على شيء، وهم الآن بحاجة إلى مشاورات لإيصال مساعدات تساعدهم على البقاء وفتح موانئهم على البحر المتوسط كنافذة على أوروبا بهدف إيصال المساعدات في الظروف الحالية".
'عملاء' الموساد يواجهون القذافي ومرتزقته
صحف عبرية
2011-02-25
قبل اسبوع من نشوب الاضطرابات في ليبيا استُدعيت مجموعة صغيرة من المستشارين والاصدقاء الشخصيين لسيف الاسلام القذافي، الابن الثاني من بين أبناء 'العقيد' الثمانية. قال سليمان الدرة ـ الذي كان حتى هذا الاسبوع من مستشاري القذافي المقربين وأصبح منذ هرب من طرابلس محللا مطلوبا لشؤون ليبيا وعائلة الحاكم ـ لقناة 'الجزيرة' إن اللقاء تم في المنطقة المحروسة في باب العزيزية في الضاحية الجنوبية من طرابلس.
هنا توجد قواعد الوحدات الخاصة للجيش الليبي. وهنا تسكن عائلة القذافي الواسعة محاطة بأسوار اسمنتية صلبة وحرس خاص، في مبنى متواضع وهو نفس المبنى الذي قصفته طائرات حربية امريكية في 1986. ومن هنا ايضا خطب الحاكم هذا الاسبوع خطبته الهاذية التي حذر فيها قائلا: ما زلت لم أستعمل القوة مع متعاطي المخدرات. وقد التقطت له الصور هنا ايضا في سيارة الهامر المدرعة مع مظلة بيضاء وأعلن قائلا 'لا تصدقوا الكلاب'. منذ بدأت الاضطرابات، لم يترك القذافي هذه المنطقة المغلقة.
'جلسنا حتى آخر ساعات الليل وأجرينا تقديرا لما سيحدث عندما تنشب أحداث الشغب'، قال الدرة. 'كان واضحا ان الجماهير ستخرج الى الشوارع. وقد أعلن سيف الاسلام في بداية اللقاء قائلا: 'أبي مقطوع كثيرا عن الواقع، يجب علينا ان نساعده'. علمنا جميعا ان الرسم على جدار الفيس بوك الذي حدد السابع عشر من شباط (فبراير) ليكون أول يوم في ثورة الشباب. سمعنا من سيف الاسلام أن قوات الأمن مستعدة. قال: 'ليبيا تشبه الساندويش بين تونس ومصر، ولا يوجد احتمال ألا تصاب بجرثومة المظاهرات''.
غير أن ابن القذافي أضاف وعداً مبتهجا في ذلك اللقاء. 'سنرد بصورة حضارية'، قال. 'سنستعمل القوة لانه لا مناص، لكننا لن نستعمل قوة مفرطة بأي حال من الاحوال'، استعاد الدرة ما جرى.
في ذلك الوقت تقريبا نشرت في صحف نيجيريا والصومال والتشاد اعلانات بارزة تدعو الشبان لأن يُجندوا لعمل 'سخي جدا' في ليبيا. وقد فهم من عرف قراءة ما بين السطور فورا معنى ذلك. لقد استُدعي 'المتطوعون' للوصول الى المطارات في بلدانهم. وانتظرتهم هناك طائرات نقل نقلتهم الى معسكرات تدريب في منطقة مهجورة في الصحراء الليبية لتدريب عاجل على السلاح الحي ومعدات تفريق المظاهرات. وكان الامر الذي تلقاه المرتزقة قبل أن يُحملوا في السيارات الى المدن الساحلية في الشمال قاطعا لا لبس فيه وهو أن يطلقوا النار للقتل. ألا يُسددوا الى الجزء الأسفل من الجسم بل الى الرأس والعنق فقط.
الشبان ذوو القبعات الصفراء
بدأ القطار الجوي رحلته. تحدث بالحسن المصراطي، وهو مستشار آخر انضم الى المتظاهرين، عن 16 طائرة حملت المرتزقة من افريقيا في الايام الثلاثة الاولى من المظاهرات في ليبيا. وباسم عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات القديم، وعدوهم بدفع مُغرٍ هو ألفا دولار نقدا عن كل يوم 'عمل في الميدان'.
'شعرنا في كل يوم مر منذ بدء المظاهرات ان سيف الاسلام، ويبدو انه الأصح عقلا بين أبناء القذافي السبعة، قد فقد صوابه'، قال احمد فايز نجراتي، وهو صحافي كان مقربا من العائلة وهرب يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع الى القاهرة. 'عندما هاتفني وهو في حالة هستيرية، ذكّرته بأنه التزم بأن يرد بصورة حضارية'. تبيّن لنجراتي نفسه سريعا ان الطريقة التي اختارها القذافي لم يكن فيها أي شيء حضاري، وقال ' في اليوم التالي أرسلوني لاعتقال مصطفى ادريس، وهو صحافي من بنغازي عُرّف بأنه (عدو للنظام). علمت انهم ينوون القضاء عليه بسبب مقالة أثارت غضب العقيد. جئت الى بيته مع الجنود ودخلت وخرجت بعد عشر دقائق وقلت انه غير موجود. استشاط الجنود غضبا، وبعد ساعتين عندما جاؤوا به من المبنى نجحت في الهرب. سمعتهم يصرخون ويشيرون إلي قائلين (قولوا للمرتزقة أن يعتقلوه)'.
كان سفير ليبيا في الهند، علي العيساوي هذا الاسبوع رائد المستقيلين من الفريق الدبلوماسي، الذي قاد موجة مستقيلين خارج البلاد. وقد أعلن ان قبضة الدكتاتور الفولاذية نجحت في تجنيد 60 ألف مرتزق من افريقيا ومئات من الشبان العاطلين، من لاجئي السلطة المخلوعة في تونس. 'أعلم، لا من وسائل الاعلام، أن القذافي يستعمل المرتزقة لا من اليوم'، زعم السفير. 'عندهم أوامر في حال أحداث الشغب بأن يدخلوا البيوت السكنية فيسرقوا ويُكسروا، ويغتصبوا النساء ويقتلوا بدم بارد، وهم يقتلون الاولاد الصغار ايضا لتخويف من حولهم'.
نفذ القتلة المأجورون للقذافي في مراكز المظاهرات هذه الأوامر هذا الاسبوع. فقد دخلوا بنغازي وانقضوا على الشوارع. وفي ليل الثلاثاء نجحت مجموعة من النساء في تصوير رجال أقوياء سود البشرة بالهواتف المحمولة وُضعت على الفيس بوك واليو تيوب. يظهر في الصور شبان مصممون، خفيفو الأقدام، منقضون يطلقون النار. يغطي لباسهم أجسامهم كلها وعلى رؤوسهم خوذات صفراء. 'الشبان ذوو القبعات الصفراء' أصبح هذا منذ الكشف عن هذه الصور رمزا شيفريا بين المتظاهرين الذين يقولون: 'إحذروا انهم على أثركم'.
يتبين أن تجنيد المرتزقة ليس ظاهرة جديدة عند القذافي. فقد تحدث مصطفى عبد الجليل، وزير العدل الليبي المستقيل، هذا الاسبوع عن ان الحديث عن طريقة لازمة. 'في 1997 جاءتني امرأة تم اعتقال ابنها ويبلغ نحو عشرين سنة متهما بأنه ينتمي الى حركة اسلامية'، تذكر. 'احتجزوه في سجن أبو سليم، واعتادت على زيارته مرة كل شهر. غير انهم منعوها من الدخول فجأة، وتهرب الحراس منها متعللين. وهكذا جاءت الى السجن ورجعت منه مدة سنة الى أن أشفق عليها أحد السجانين وقال: 'لم يعد ابنك موجودا منذ زمن، قتلوه في السجن بأمر من العقيد مع 1200 سجين آخرين'. تابع عبد الجليل قائلا 'تزعزعت، وعندما أصررت على الفحص عما حدث، تبين لي ان القذافي في نوبة جنون أرسل السجانين لقتل جميع السجناء، وعندما رفضوا جاء بمرتزقة من افريقيا داهموا الزنازين ونفذوا المجزرة الوحشية'. في 2004 اعترف القذافي بمجزرة السجناء وأعلن: 'عاقبتهم. كان يجب مباركة الأيدي التي منحت المجرمين ما يستحقون حقا'.
'أنا رمزكم'
هذا الاسبوع، في خطبته التخويفية الهذيانية، أومأ القذافي مرة اخرى الى قبضاته الخفية. 'لي تأييد من الصحراء (الغربية) حتى الصحراء (الشرقية)'، صرخ وانسلت أصابعه المرتجفة لرفع العباءة التي سقطت عن الدرع الواقية التي حرص على لبسها عند مدخل بيته الذي يسكنه ايضا.
إن المشهد المجنون والهستيري الذي دعا فيه المتظاهرين 'هؤلاء الشبان المُخدرين'، قد سجل قبل ذلك، من غير الجمهور الهاتف الثابت هذه المرة الذي كان يصحب خطبه مدة سني حكمه الواحد والاربعين. صحبه لابسا ملابس عسكرية اثنان فقط، وعندما اقتربا منه وحاولا تقبيل كتفه دلالة على الولاء، دُفعا عنه باحتقار. لكن عدم وجود الجمهور الداعم لم يضايق ناس القذافي: ففي المونتاج في استوديوهات التلفاز ضموا تصفيقا عاصفا في الخلفية. 'لست رئيسا ولهذا لن أستقيل'، أعلن الحاكم. 'لست انسانا عاديا، لا يمكن اغتيالي أو تسميمي'.
وافتخر القذافي قائلا 'يعرفون ليبيا بسببي فقط. أنا رمز مجدكم وفخركم، وأنتم سكارى ومدمنو مخدرات هذيان. ما كانوا يعرفون في العالم كيف يفرقون بين ليبيا ولبنان وليبيريا حتى جئت'. وقد تجرأ سليمان الدرة بعد ان تركه على ان يجيبه 'بسبب جنونك ظللنا دولة متخلفة في حين أن (عائلتك) تحوز لنفسها فقط مليارات النفط. اعتقدوا في العالم أننا قطيع قبائل جاهلة بدائية. الآن فقط يتبين لهم من نحن حقا'.
والى الان في الحقيقة لم ينجح عنف القذافي وقسوته في تهدئة الامور. فما تزال الجماهير في الشوارع. 'نحن ماضون حتى النهاية'، أعلن محمد نصراتي ابن مدينة البيضاء هذا الاسبوع. 'لا نخاف الجوع، ونحن مستعدون للعيش على التمر والحليب حتى يستيقظ العالم وتأتي مساعدة دولية'.
عقد محمد بالحسن، صديق القذافي القديم الذي يحمل وصف نائب الزعيم، مؤتمرا صحافيا في منتصف الليل ليبسط روايته عن هوية الزعران الذين يعيثون فسادا في الشوارع. 'هؤلاء مرسلو امريكا والموساد الاسرائيلي'، أعلن وذكر بـ 'القائد الميداني، عاموس يادلين'، ربما يكون هذا سلاما من طرابلس الى رئيس 'أمان' التارك عمله عاموس يادلين.
داهم مرتزقة القذافي ايضا المشافي في بشتون والبيضاء وطرابلس. واختطفوا عشرات الجثث وحملوها في سيارات واختفوا. وكل من حاول وقف الاختطافات من الاطباء والممرضات والأقرباء أُطلقت عليه النار بلا حساب. 'أُرسلوا للطمس على الآثار، اذا ما قرر العالم ان يحاكم القذافي باعتباره مجرم حرب'، أوضح الدكتور فرج المصراطي في مشهد يمزق القلب عند مدخل مشفى بنغازي الكبير.غير أن الكشف عن مرتزقة الزعيم القتلة ايضا لم يمنعه من تجنيد مئات آخرين منهم. 'قبل ان أُسلم رسالة استقالتي، تلقيت تقريرا عن قطار جوي أُرسل الى افريقيا لتعزيز المرتزقة'، قال يوسف صوان مدير 'صندوق سيف الاسلام' الذي استقال في منتصف الاسبوع وهرب الى القاهرة. 'يخطط القذافي وأبناؤه لحمام دم، ولا أريد أن اشارك في الفظاعة المخطط لها'.
يصر القذافي ومقربوه بشدة على أنه 'لا يوجد في ليبيا مرتزقة'. لكن الكابتن ناصر عمار، وهو طيار في شركة الطيران الوطنية الليبية عنده شهادة مختلفة. 'رأيت بأم عيني كيف يجلبون الأفارقة'، أعلن عمار الذي ترك ليبيا في اول ايام المظاهرات عندما نقل ركابا الى زيوريخ. 'كان فريق منهم كهولا بين الخمسين والستين أُرسلوا للمشاركة في مظاهرات تأييد للقذافي في بنغازي، ونُقل آخرون جوا الى معسكرات التدريب في الجنوب. كان في كل طائرة 150 مقعدا، وطارت الطائرات وهبطت وعادت للمجيء بأفارقة آخرين. أرادوا في المعسكرات من كل واحد أن يُسلم رقم هاتفه المحمول، اذا ما أصيب أحد رفاقهم واضطروا الى نقله من غير ان يعرضوا اسئلة. لم يكن هؤلاء المرتزقة يعلمون الى أين يأخذونهم. فهم في الحاصل العام فقراء مساكين جاؤوا لجمع المال'. وفي النهاية وجه عمار دعوة الى الطيارين الحربيين في ليبيا قائلا: 'أغلقوا الهواتف'، قال. 'لا تُجيبوا مهاتفة صبري شادي الذي ينظم باسم القذافي الطلعات الجوية لقصف المتظاهرين'. أخذ المستبد القديم يفقد الآن ايضا التأييد في العالم العربي. فقد صاغ الزعيم الروحي لحركة الاخوان المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، بخطوة لم يسبق لها مثيل فتوى مضادة للقذافي. فقد أذاعت 'الجزيرة' للقرضاوي دعوته 'كل من يستطيع، من المواطنين أو من ضباط الجيش، أن يقتل القذافي'. كانت قطر، وهي السفينة الأم لـ 'الجزيرة' هي الاولى في العالم العربي التي وجهت انتقادا مباشرا للقذافي باسمه الصريح. فقد طلب الأمير خليفة اجتماعا عاجلا لمجلس الامن في نيويورك، وللجامعة العربية في القاهرة واتخاذ خطوات شديدة ضد الزعيم الليبي. وقد بثت 'الجزيرة' في الآن نفسه التي شوشت الاستخبارات الليبية بثها من محطة البث في الصحراء على موجات بديلة كي لا تتراجع. جُند المدير العام لوزارة الخارجية الليبية، خالد الكيوان، للدفاع عن الزعيم في محاربته للمحطة ذات نسبة المشاهدة العالية. 'لم يكن ولا يوجد مرتزقة، ولا يوجد قصف من الجو، توجد جزيرة قذرة فقط تروج الأكاذيب'، قال ثم وضع يده اليمنى على قلبه قائلا 'أنا مستعد للانتحار في الميدان الاخضر في طرابلس اذا تبين أنني كذبت'. العلاقة سيئة جدا بين حاكم قطر والقذافي منذ تلك الايام التي هدد فيها الزعيم الليبي بقصف القاعدة الامريكية الكبيرة العُديد في الامارة. حضر هذا الاسبوع مئات ممن أُجريت معهم اللقاءات في 'الجزيرة': وقد باركوا واحدا بعد آخر وشكروا تجنيد 'الجزيرة' نفسها على نحو لا يكل لمناضلة القذافي. لكن واحدا منهم أوضح قائلا: خذوا في حسابكم ان القذافي في نوبة جنون قادر على ارسال طائرة وقصف مركز البث في الدوحة كما فعل 1984 بمحطة المذياع في السودان التي أثارت عصبيته'.
يديعوت 25/2/2011
واشنطن ترى أن الملوك في الشرق الأوسط سيحافظون على مناصبهم وأرجحية السقوط للرؤساء
2011-02-25
واشنطن- توصلت الإدارة الأمريكية التي تواجه سلسلة من الانتفاضات في الشرق الأوسط، إلى معرفة تامة بأن ملوك هذه الدول سيحافظون على الأرجح على عروشهم فيما أرجحية السقوط أكثر للرؤساء.وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أنه في موجة التظاهرات الحاصلة سقط حتى الآن رئيسان، هما المصري حسني مبارك، والتونسي زين العابدين بن علي، بينما يعتقد مسؤولو الإدارة الأمريكية بأن وضع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في هشاشة متزايدة.أما من جهة الملوك، قالت الصحيفة إن ملك البحرين نجح في اجتياز تصاعد الاضطرابات في بلاده فائزاً بدعم أمريكا، رغم وحشية القوات الأمنية في قمع المتظاهرين.ويستبعد المسؤولون الأمريكيون أن يُخلع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز من منصبه، في حين أن أمراء الخليج نجو حتى الآن من الاضطرابات، وحتى في الأردن، حيث اندلعت احتجاجات خطيرة، فقد ناور الملك عبد الله الثاني بحذاقة للبقاء في السلطة، رغم انه ما زال أمامه التعامل مع السكان الفلسطينيين الذين يصعب التحكم بهم.وأشارت الصحيفة إلى أن هذا النمط من الملوك المتمسكين بالسلطة يؤثر على رد الإدارة الأمريكية على الأزمة، فقد أرسلت دبلوماسيين كبار خلال الأيام الأخيرة لتقديم النصيحة والطمأنينة لهم، بينما تنأى بنفسها عن الرؤساء "الاستبداديين" الذين يقاتلون من أجل السلطة.ولفتت إلى أن ذلك يعد احتساباً لمصالح أمريكا أكثر من أي شيء آخر، مضيفة أن الولايات المتحدة تقر بأن لا خيار لا إلا دعم بلدان مثل السعودية، وأن كل الأوضاع قد تتغير بسرعة.أما في حالات مثل ليبيا حيث الزعيم معمّر القذافي، لا ملكا ولا رئيساً، فإنه على حافة الانهيار بسرعة مذهلة.وذكرت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية حثت السعودية على عدم إعاقة محاولة ملك البحرين إجراء إصلاحات في بلاده التي تعتمد على الدعم السعودي السياسي والاقتصادي.وأشارت إلى أن المسؤولين والخبراء الأمريكيين يظنون بأن ما قام به ملك الأردن في إبراز استعداد لإعطاء بعض السلطة للحكومة المنتخبة أو البرلمان، قد يسمح له بالتمسك بالسلطة.وذكرت أن واشنطن تأمل بتحول هذه الممالك كلها أخيراً إلى ملكيات دستورية.وقال المستشار في شؤون الشرق الأوسط بإدارة الرئيس السابق جورج بوش، اليوت ابرامز، إن "المراقبة تجاه الأردن والبحرين صائبة، فهذين البلدين مشيا في الاتجاه الصحيح، لكن ليس بشكل كاف".. مضيفاً أن "الملكية الدستورية هي نوع من الديمقراطية".ونقلت الصحيفة عن السفير الأمريكي السابق في سوريا تيودور قطوف قوله إن "المجتمعات الغنية مثل قطر والإمارات والكويت لديها مزايا افضل"، مضيفاً أنه "في كثير من الأحيان فإن للممالك شرعية اكثر من الجمهوريات".وقال دبلوماسي عربي رفض الكشف عن هويته إن "الجمهوريات وبالتالي الرؤساء، غير محصنة لأنه ينبغي عليها أن تكون ديمقراطيات لكنها ليست في النهاية كذلك
المفكر الامريكي نعوم تشومسكي:
امريكا واسرائيل في ورطة بسبب ما يحدث في العالم العربي
2011-02-25
أجراه معه ونقله الى العربية: سمير الصياد: هنا مقاطع من حوار مع المفكر الامريكي نعوم تشومسكي عن التغيرات العاصفة في العالم العربي، أجري معه قبل أن يقوم حسني مبارك بالتنحي، وقبل اندلاع الثورة الليبية.
* هناك طوفان من المطالب الديموقراطية تجتاح بعض الدول العربية. والآن مبارك
سقط. هل يعني سقوطه تغيرا في موازين القوى في المنطقة؟
* إن الذي يحصل الآن بما فيه سقوط مبارك أمر رائع لا أستطيع أن أتذكر ما يشابهه. يمكن أن يحاول المرء مقارنة ما يحدث مع أحداث اوروبا الشرقية في سنة 1989 ولكن ليس هناك شبه بين الحدثين. فخلال أحداث اوروبا الشرقية كان هناك غورباتشوف الذي كان يقود تلك الحالة وينظمها، بالإضافة إلى أن القوى الغربية كانت تؤيده وتساعده. قوى الغرب كانت تدعم المتظاهرين في اوروبا الشرقية، لكن قوى الغرب لم تساند المتظاهرين في شمال افريقيا. لهذا فإن رومانيا هي الحالة الوحيدة التي يمكن مقارنتها بما يحدث هناك، لأن الديكتاتور الفظيع تشاوتشيسكو ظل يتمتع بحماية وحب امريكا وانكلترا حتى قبل سقوطه بقليل. وإن الذي يحدث في تونس والاردن واليمن ومصر يظهر مستوى من الشجاعة والإصرار يجعلنا نجد صعوبة في ايجاد حالة مشابهة. في تونس كانت فرنسا تسيطر بشكل كامل تقريبا على النظام الذي كان مخترقا بشكل كامل من عملاء المخابرات الفرنسية. مصر في المقابل كانت تخضع لسيطرة امريكا، مما يعني أن وضع مصر حاليا يؤثر بشكل مباشر على مصالح امريكا.
* هناك استطلاع للرأي من قبل مؤسسات امريكية محترمة مثل موسسة بروكنغ وهذه يندر أن يتم نشرها. وهي تشير إلى تنامي وتجدد كراهية امريكا في الشارع العربي بشكل كبير جدا. 10 في المئة فقط من الرأي العام العربي يؤمن بأن ايران تشكل تهديدا لهم، بينما يرى 80 إلى 90 في المئة من العرب أن اسرائيل وامريكا تشكلان أكبر تهديد لهم. والأدهى من ذلك أن غالبية العرب تعتقد أنه من الأفضل إذا امتلكت ايران السلاح النووي. ولكن ذلك يتم حجبه عن الرأي العام بشكل كامل.
سبب تكون هذا الرأي العام في الشارع العربي يعود إلى أن اسرائيل وامريكا ترفضان بشكل قاطع وتستهينان بشكل عميق بتطلعات الشعوب العربية إلى الديموقراطية. هذه الشعوب نريدها أن تبقى تحت سيطرتنا، لذلك نرضى بديكتاتور حليف لنا يحكمها، حتى نتمكن من فعل ما يحلو لنا. إن نتائج هذا الاستطلاع مدهشة للغاية وبالضبط لهذا السبب فإن الوضع الحالي في مصر والعالم العربي يشكل مشكلة لأمريكا. إن الذي ظل يتكرر حتى سقوط مبارك هو استراتيجية كانت تنفذ بانتظام روتيني ظلت تكرر وتعاد. لنتذكر ماركوس في الفيليبين، ودوفاليير في هاييتي، وسوهارتو في اندونيسيا. هذا يعني أنك تدعم حليفك الديكتاتور لغاية نقطة معينة فقط. ثم تضطر لإزاحته، ثم تدعو بعدها لانتقال منظم للسلطة، ثم تعلن عن حبك للديموقراطية، وتحاول بأسرع ما يمكن إعادة الأمور إلى ما كانت عليه. هذا بالضبط ما يحدث الآن في مصر، حتى وإن كنا لا نعلم إن كنا سننجح هذه المرة أم لا. هناك أزمة وصراع ظاهر للعيان بين جموع المتظاهرين التي تطالب بالديموقراطية من جهة، وبين الاستراتيجية القديمة التي تريد استرجاع سيطرتها من جهة ثانية. هما تياران متعارضان ومتناقضان. لكن ما هي الفرص المتاحة الآن لتحقيق ديموقراطية حقيقية؟
* إن القوى التي تتحكم بآلية الانتقال أو التغيير لا تريد ديموقراطية حقيقية. إن امريكا واوروبا تخشيان من قيام ديموقراطية في المنطقة، لأنها يمكن أن تجلب الاستقلال لها. ولهذا يتحدثون عن الإسلام المتطرف، حتى وإن كان حديثا ليس له أي معنى أو مبرر. وفقط على سبيل المثال، فإن امريكا وانكلترا كانتا الداعم التقليدي للإسلام المتطرف في وجه المد القومي.
فالمملكة العربية السعودية ذات الاتجاه الإسلامي الأصولي المتطرف هي من أقرب الحلفاء لهم. وعدا عن ذلك فإن السعودية هي المركز الايديولوجي للإرهاب الإسلامي. ولكنها رغم ذلك أقرب الحلفاء لنا واوباما يبيع حاليا للسعودية اسلحة بقيمة 60 مليار دولار في باكستان، المنبع الكبير الآخر للإرهاب الإسلامي، كانت امريكا ولسنوات طويلة متورطة في اسلمة ذلك البلد. الرئيس ريغان، الذي يحتفل به الجميع هذه الأيام، كان راضيا تماما عن الديكتاتور ضياء الحق، والذي كان الأسوأ من كل الحكومات الديكتاتورية البشعة في باكستان. وهذه الديكتاتورية طورت أسلحة نووية. الحكومة الامريكية سلكت طريقا مختلفا تماما في دعم الإسلام المتطرف، وذلك عن طريق تأسيس مدراس لتعليم القرآن بمساعدة الأموال السعودية. هذه المدارس لم تكن للتعليم، بل كانت لتحفيظ القرآن عن ظهر قلب، ولزرع عقيدة الجهاد في النفوس. وكانت نتيجة ذلك ما حدث قبل فترة وجيزة، حينما احتفل محامون شباب وصفقوا لقتلة حاكم البنجاب سليمان تاسير.
مصر اجتازت مرحلة الليبرالية الجديدة مع مخلفاتها ونتائجها المألوفة: فقر يسود الشعب، إلى جانب ثراء فاحش للطبقة ذات الامتيازات، والتي تضم سياسيين وكبار قواد الجيش وعائلات رجال المال والشركات الكبرى. إن التكتيك المتبع في هذه الأيام يهدف إلى أن يتعب الشعب والمتظاهرون والمحتجون حتى يرجعوا إلى بيوتهم. إن غالبية المتظاهرين في مصر اليوم هم من الفقراء. وهم بالتالي بحاجة ماسة إلى ما يسدون به رمقهم. هم ينتظرون الآن حتى يسكن غضبهم ويهدؤوا. وهم يراهنون على أن الجوع ومتطلبات الحياة، ستضطرهم عاجلا أم آجلا إلى العودة إلى العادية المفزعة التي كانوا يعيشونها من قبل والاستسلام من جديد. ولكن لغاية الآن ليس من الواضح إن كانت أجهزة السلطة ستتمكن من السيطرة على الشعب. إن الاستراتيجية التي تتبعها أجهزة السلطة الآن تتمثل في محاولة الجيش المصري كسب تأييد الشعب المصري لإعادة فرض النظام.
* ما هي توقعاتك الشخصية؟
* أن يحقق المتظاهرون أهدافهم. فالانتخابات المزيفة ومجلس الشعب المزيف هما السبب الرئيسي في اشعال الاحتجاجات. ينبغي على المصريين ان يدعوا لانتخابات نزيهة ونظيفة. فهذه الانتخابات هي التي ستمكن المجتمع المصري من السير في طريق الرخاء للجميع. ولكن هذا طريق طويل.
* ما الذي سيغير في قواعد اللعبة بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين؟
* امريكا لديها مخطط جاهز في هذا الخصوص. المشكلة بالنسبة لاسرائيل أن الحكومة المصرية القادمة قد تكف عن لعب دور سلبي تاريخيا وأن تمتنع عن المشاركة في المهزلة المفروضة عليها من امريكا. والدور آت على الاردن ايضا. إذا كانت هناك ديموقراطية، فالشعب هو الذي سيقرر أن لا يكون شريكا في الجريمة التي نفذتها مصر لحدّ الآن. أكبر دعم رسمي لمبارك أتى من اسرائيل والسعودية، الحلفاء التقليديين، الذين يريدون للوضع الحالي أن يبقى كما هو ويستمر. العقل السياسي الوحيد في العالم الذي تحدث في الأساببع الأخيرة علنا عن دعمه للديموقراطية في المنطقة، هو رجب طيب اردوغان، رئيس وزراء تركيا. لقد لعب دورا نظيفا في هذه الأحداث.
تشافيز يعلن تأييده للقذافي ووزير خارجيته يتخوف من اجتياح غربي للسيطرة على النفط الليبي
أعلن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، اليوم (السبت) دعمه للزعيم الليبي معمر القذافي في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله, ليخرج بذلك عن صمته الذي التزم به منذ انطلاق الاحتجاجات في ليبيا.وقال تشافيز عبر حسابه على موقع تويتر: "تعيش ليبيا واستقلالها. القذافي يواجه حرباً أهلية".وتميزت علاقات فنزويلا وليبيا بالتقارب الشديد خلال السنوات الاخيرة الى حد أن أعلن تشافيز خلال زيارة للقذافي الى كراكاس عام 2009 أنهما "متحدتان في المصير نفسه وفي المعركة ضد عدو مشترك" الإمبريالية الأمريكية.وكانت شائعات عدة سرت في الايام الماضية تفيد بأن القذافي فرّ الى فنزويلا, لكن سرعان ما تبين عدم صحتها.وقال وزير الخارجية الفنزويلي نيكولاس مادورو أمام البرلمان: "إننا نرفض العنف لكن يجب تحليل النزاع الليبي بموضوعية. إننا نهيئ الظروف لتبرير اجتياج لليبيا بهدف رئيس هو السيطرة على النفط الليبي".
الثوار يمهلون القذافي 72 ساعة لمغادرة ليبيا ومشروع عربي سري لإقناعه بالرحيل
صد الثوار هجمات قوات معمر القذافي التي استخدمت المدفعية الثقيلة والطيران في راس لانوف والزاوية. ودارت معارك عنيفة بين الطرفين، وسط تقارير عن وقوع عشرات القتلى والجرحى.وأمهل الثوار القذافي 72 ساعة للتنحي ومغادرة ليبيا مقابل عدم ملاحقته في المحكمة الجنائية الدولية.ومع مرور ثلاثة أسابيع على انطلاق الثورة الليبية، بدا ان الخناق يضيق حول القذافي فيما أخذت فكرة فرض منطقة للحظر الجوي على ليبيا تشق طريقها نحو التنفيذ رغم الانقسام الدولي حولها. ولم تكن الضغوط الدولية الملوحة بحظر الطيران والتدخل العسكري أمس آخر هموم القذافي اذ قالت تقارير ان خلافا وانقساما واضحا برز بين أبنائه مؤخرا حيال طريقة تعاطيه مع الثورة الليبية، ففي حين أيد الساعدي وسيف الإسلام والمعتصم وخميس خطة والدهم لاخماد الثورة الشعبية بكل الوسائل العسكرية المتاحة، عارضها أبناؤه الآخرون عائشة وهانيبال ومحمد.إلى ذلك، نفت السلطات الليبية، أمس ما أوردته وسائل إعلام في وقت سابق عن أن ممثلاً عن القذافي عرض مباحثات مع المجلس الوطني الانتقالي بشأن رحيل القذافي.مصادر دبلوماسية عربية وغربية متطابقة كشفت لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن اتصالات سرية تستهدف إقناع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالتخلي عن السلطة، غير أن مسؤولا مقربا من القذافي نفى لـ«الشرق الأوسط» أن يكون القذافي قد عرض على المجلس الوطني الليبي المناوئ له برئاسة وزير العدل السابق المستشار مصطفى عبد الجليل أي صفقة سياسية لتأمين خروج القذافي إلى خارج ليبيا مقابل تخليه عن السلطة التي يقودها منذ عام 1969. وقال المسؤول الذي أجرى أمس، بناء على طلبه، اتصالا هاتفيا مع «الشرق الأوسط» من طرابلس، إن المطروح هو فقط صيغة للمصالحة الوطنية لوقف نزف الدماء، أما موضوع بقاء القذافي في الحكم من عدمه فهو ليس مطروحا للنقاش مع أي جهة سواء داخل أو خارج ليبيا. وأضاف: «قلنا ونكرر: العقيد (القذافي) ليس برئيس أو حاكم تقليدي حتى يتنحى عن السلطة وهو (أي القذافي) قال لو أنه كان رئيسا لرمى استقالته في وجه من يطالبونه بها».وأكد المسؤول الليبي أن القذافي لا يبحث عن ملاذ آمن للخروج من ليبيا، مشددا على أنه (القذافي) باق في موقعه كقائد للثورة، كما نفى المسؤول الليبي صحة ما تردد عن توجيه الساعدي نجل العقيد القذافي اتهامات عنيفة إلى شقيقه الثاني سيف الإسلام خلال لقاء مع إحدى القنوات الفضائية العربية، معتبرا أن تصريحات الساعدي تم فهمها على نحو خاطئ. وقال: «هناك محاولات للوقيعة بين أبناء القذافي وكبار مساعديه، لكنى أؤكد لكم أن هذا غير صحيح»، بيد أنه رفض في المقابل التعليق على معلومات بشأن حدوث إطلاق نار مكثف داخل مقر إقامة القذافي بثكنة باب العزيزية المحصنة في قلب طرابلس قبل بضعة أيام.وكان مسؤولون رسميون في الحكومة الليبية قد تباروا أمس في نفي وجود عرض من القذافي على المجلس الوطني الانتقالي الذي دشنه مؤخرا منشقون عنه ومعارضون له لإدارة المناطق المحررة من قبضة القذافي بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات الشعبية.وبدا أن هناك خلافا بين أعضاء المجلس الوطني ورئيسه حول كيفية التعامل مع القذافي، حيث منحه عبد الجليل مهلة لمدة 72 ساعة فقط للخروج من الحكم مقابل عدم ملاحقته حقنا للدماء، في حين قال أعضاء آخرون في المجلس إنه يجب اعتقال القذافي ومحاكمته على «الجرائم البشعة» التي ارتكبها نظامه على مدى السنوات الـ42 الماضية ضد الشعب الليبي. واكتفت طرابلس بإنكار وجود أي عرض، وسخرت من فكرة تنازل القذافي عن سلطة لا يمتلكها، لكن عبد المنعم الهوني ممثل المجلس الوطني لدى الجامعة العربية بعد انشقاقه على نظام القذافي، قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان القذافي كما يدعي لا يشغل منصب الرئيس الشرعي للبلاد؛ فالسؤال هو: على أي أساس يمارس صلاحيات رئيس دولة ويأمر بقتل مواطنيه».ومع ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن رئيس إحدى الحكومات الغربية الوثيق الصلة بالقذافي يسعى لتشكيل وفد أوروبي يضم بعض رؤساء شركات النفط العاملة في ليبيا للتوجه إلى طرابلس الغرب حاملا معه عرضا للكذابي بتأمين خروجه مقابل عدم ملاحقته.وقالت مصادر غربية وعربية متطابقة لـ«لشرق الأوسط»: «مع مرور الوقت سنكتشف أن لا حل عسكريا لإنهاء هذا الوضع. ثمة مشروع سري يجري تداوله بتحفظ شديد بين بعض الحلفاء السابقين للكذابي لإقناعه بترك السلطة وعدم التمادي في قيادة بلاده إلى الهاوية». وأوضحت أن الجامعة العربية جزء من هذه المداولات للحصول على دعم عربي لها، مشيرة إلى أن هناك موافقة مبدئية من المجلس الوطني الانتقالي لاعتماد هذا المشروع إذا قبله القذافي.وعلمت «الشرق الأوسط» أن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أجرى أمس اتصالا هاتفيا مطولا هو الأول من نوعه مع المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الليبي المناوئ للكذابي على خلفية استعدادات الجامعة العربية لعقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة يوم السبت المقبل.وراجت أمس معلومات عن وجود اتجاه عربي لتوجيه دعوة رسمية إلى المستشار عبد الجليل لحضور الاجتماع والمشاركة في فعالياته للمرة الأولى وإتاحة الفرصة له لكي يخاطب المجتمع الدولي من منبر الجامعة العربية وتوجيه ضربة سياسية وإعلامية ضخمة لنظام حكم القذافي. لكن مسؤولا مقربا من رئيس المجلس الوطني قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يعتقد أن لدى المستشار عبد الجليل الوقت الكافي للمشاركة في هذا الاجتماع، مضيفا في اتصال هاتفي من مدينة بنغازي التي يتخذها المجلس مقرا له: «ثمة احتمالات ضعيفة ما زالت قائمة لكنى أستبعدها».من جهته، قال الهوني لـ«الشرق الأوسط» إنه يتوقع أن يتخذ وزراء الخارجية العرب قرارا مهما بشأن تأييد المساعي الدولية لفرض حظر طيران على النظام الليبي لمنعه من الاستمرار في الغارات الوحشية لإخماد الثورة الشعبية ضده ولتفادى حدوث خسائر بشرية في الأرواح، بالإضافة إلى التعهد بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى الشعب الليبي من دون قيود أو شروط. ونفى الهوني أن تكون السعودية أو أي دولة عربية أخرى تقدم حاليا مساعدات عسكرية للمناهضين للكذابي، وقال: «ليس صحيحا أننا نحصل على أي دعم عسكري، لكن أي جهة تريد أن تقدم مساعدات؛ فنحن من جانبنا نرحب بذلك».إلى ذلك، أجرى أمس محمد إسماعيل، أحد أبرز مساعدي سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي، اتصالا هاتفيا أمس مع «الشرق الأوسط» ليؤكد أنه ما زال على قيد الحياة ولم يقتل كما تردد في أول أيام الاحتجاجات الشعبية ضد القذافي. وقال إسماعيل: «أنا هنا في طرابلس أشرب الشاي. الوضع هنا جيد ولم أمت بعد».
(وكالات + الشرق الأوسط)
3/8/2011
| ||||
| ||||
| ||||
| ||||
|
تعليقات