تيسير نظمي يودع عام 2021 بقصة (عن روح المرحوم) في العدد 395 من مجلة أفكار ص 122

 https://www.culture.gov.jo/ebv4.0/root_storage/ar/eb_list_page/afkar395.pdf    تيسير نظمي يودع عام 2021 بقصة (عن روح المرحوم) في العدد 395 من مجلة أفكار ص 122




عن روح المرحوم

قصة تيسير نظمي

 


لم يتوقع أن يكلفه أحد في الحي المكتظ بالمطاعم والمقاهي المفتتحة حديثا بأية مهمة أو أي عمل كونه معروف في جميع أنحاء الحي وللقاصي والداني بأنه أهبل ضعيف الإستيعاب وضعيف أيضا بلغته العربية، لكن الواقعة حدثت هكذا فجأة عندما استدعاه صاحب المطعم الذي لم يمض شهر على افتتاحه، والذي أيضا لم يوزع أية وجبة افتتاحية ولو من باب الإعلان عن افتتاحه لشدة بخل صاحبه.

وكعادته في ضعف الإستيعاب لم يفهم من برميل اللبن ، أو ما يشبه اللبن، أي شيء سوى أنه برميل من الشراب في صيف قائظ ، خاصة عندما كشف عنه الغطاء البارد كونه كان محفوظا في ثلاجة المطعم الفاخر. وكونه كان مندفعا ومزهوا بمهمة تسليمه البرميل راح يوزع منه على المارة وعلى أصحاب المحلات المجاورة وعلى زبائنها المتذمرين من ارتفاع الأسعار دون أن يفهم منه وهو منشغل بسكب اللبن أو السائل الأبيض المتخثر إلى حد ما سوى عبارة " إشرب عن روح المرحوم" أو "إشربي عن روح المرحوم" وأحيانا "إشربوا أو إشربن عن روح المرحوم" ؛ وأكاد أجزم أن أحدا لم يخطر بباله أو ببالها أن يسأل عن المرحوم، من هو و كيف مات ومتى ولماذا ؟ فالجميع بمن فيهم الموزع والساكب عن روح المرحوم لا يعنيهم من يكون المرحوم.

ولأن من يسكب الشراب أهبل إلى حد ما ولم يحاول أن ينال قرشا واحدا عن روح المرحوم أو لورثة المرحوم فسرعان ما نفد البرميل ولم يبق منه ولو كأسا إضافيا واحدا عن روح المرحوم خلال أقل من نصف ساعة.

وهكذا دخل الولد المعتوه إلى أحد المطاعم المجاورة ليغسل البرميل الفارغ قبل أن يعيده إلى من سلموه إياه طالبا من صاحب المطعم أن يغسل البرميل بالماء عن روح المرحوم.

وأثناء الغسيل سمع أحدهم يناديه طالبا منه أن يحضر فورا إلى حيث جلبة مفاجئة بزغت خلال الهرج والمرج الذي شرع يسود في الحي وسط أخبار تناهت بأن الشراب الذي تم توزيعه مجانا مجهول الهوية لا طعم له يشي بأنه لبن ولا حليب ولا مخيض ولا حتى قشطة ! بل وسمع أحدهم أن أول الشاربين عن روح المرحوم أصيب على الفور بإسهال شديد و تم نقله إلى المشفى.

صار السؤال الآن بين أهالي الحي : " هل شربت عن روح المرحوم شيئا؟"

أو " هل تشعر بالغثيان بعد الشراب عن روح المرحوم؟" بعد أن كان "هل أعجبك طعم اللبن عن روح المرحوم؟" أو " ماذا كان طعم الشراب عن روح المرحوم؟"

وسرعان ما تتالت الأخبار عن بقية من شربوا عن روح المرحوم: أبو العبد استفرغ كل ما أكله على وجبة الغداء، وأم أحمد أصيبت بالحمى وارتفاع مفاجئ في درجة حرارتها، وأبو سهيل شعر بدوخة مفاجئة وغاب عن الوعي، وأولاد أبو أحمد تم نقلهم أيضا للمشفى ، و المكوجي ارتفع لديه الضغط و البقال ارتفع عنده السكر ، و هكذا ساد هرج ومرج على الهواتف النقالة والكل يستفسر مالذي جرى عن روح المرحوم ؟ وهل الشراب ملوث بفايروس كورونا أم أنه مجرد شراب فاسد لم يعرف بعد مصدره !

أما صاحب المطعم المفتتح حديثا فقد استغرب من تأخر عودة البرميل فارغا نظيفا إلى مطعمه رغم صغر المسافة بين مطعمه وبين حاويات أمانة عمان.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البرنامج "الثقافي والوطني " للتيارات المؤتلفة في رابطة الكتاب الأردنيين والانتخابات 27 نيسان

بيان صادر عن ملتقى الهيئات الثقافية الأردنية وشخصيات وطنية حول الأونروا

صحافيون من أجل فلسطين تدعو لحملة تواقيع لتحريك شكوى لدى الجنائية الدولية