إحدى شاعرات رواية (وقائع ليلة السحر) تفوز بجائزة (تي أس إليوت)
|
الشاعرة موريسي ورد اسمها كواحدة من شخصيات رواية تيسير نظمي (2004) وقائع ليلة السحر في وادي رم |
الروائي تيسير نظمي ناقدا وشاعرا كتب (وقائع ليلة السحر في وادي رم) 2004 |
شاعرة آيرلندية تفوز بجائزة (تي إس أليوت) الشعرية
بعد أن فشلت في الحصول عليها أربع مرات سابقة
الثلاثاء - 15 يناير 2014
الشاعرة شينيئد موريسي
لندن: فاضل السلطاني
كان الشاعر تي. إس. اليوت يقول لا منافسة بين الشعراء في ملكوت الشعر. ومع ذلك يتنافس كل عام عشرات الشعراء للفوز بالجائزة التي تحمل اسمه، والتي تعتبر أهم جائزة شعرية في بريطانيا، وتمنح هذه الجائزة لأفضل مجموعة شعرية صدرت خلال عام 2013.
وقد فازت بها هذا العام الشاعرة الآيرلندية الشمالية شينيئد موريسي متغلبة على عشرة شعراء ضمتهم القائمة القصيرة، ومنهم شعراء من العيار الثقيل مثل الشاعر الويلزي داني آبس، وجورج سزيرتس، ومايكل سيمونس، وآن كارسون. واختارت لجنة التحكيم المكونة من ثلاثة أعضاء برئاسة أيان دوهيغ، وعضوية امتياز داركر وفيكي فيفر، الشاعرة الآيرلندية بالإجماع عن مجموعتها التي يمكن ترجة عنوانها بـ«تغير المنظور»، وهي المجموعة الخامسة لها، لـ«لغتها المعبرة على المستويات التاريخية والسياسية والشخصية». وكانت موريسي قد وصلت إلى القائمة القصيرة أربع مرات من دون أن يحالفها الحظ بالفوز بالجائزة، التي ذهبت إلى شعراء مثل أليس أوسوولد وديريك والكوت، الحائز أيضا على جائزة نوبل عام 1992، وشيموش هيني، الحائز أيضا على جائزة نوبل عام 1995.
وكان الحفل الضخم الذي نظم في قاعة «والاس كولكشنن» بوسط لندن يوم أول من أمس قد شابه غياب فاليري أليوت، زوجة تي. إس. اليوت الثانية، التي رحلت في نهاية عام 2012. وكانت حريصة دائما على حضور الاحتفال في كل سنة، وإلقاء كلمة عن اليوت والجائزة كما فعلت السنة الماضية. ومن المعروف أن فاليري قد كرست كل حياتها بعد رحيل الشاعر الكبير لجمع أعماله، ومذكراته، وأسست جمعية أدبية باسمه انطلقت منها هذه الجائزة، على الرغم من أنها كانت في الثامنة والثلاثين فقط حين رحل الشاعر الذي كان يكبرها بثمانية وثلاثين عاما. وقبل رحيلها بأشهر عن ثمانية وستين عاما، تبرعت بخمسة عشر ألف جنيه إسترليني لصندوق الجائزة.
ومن مفارقات الأخرى التي رافقت إعلان فوز موريسي، تعاطف الكثير من الحضور مع المرشح الآخر الصديق الشاعر الويلزي داني آبسي. فهذا الشاعر قد بلغ الثانية والتسعين من العمر، وقد تكون مجموعته «تحدث أيها الببغاء العجوز» التي دخلت القائمة القصيرة، هي آخر أعماله، التي تجاوزت الأربعين كتابا من شعر ومسرحيات ومذكرات عن الشعراء الذين جايلهم، وكانوا أصدقاء له مثل الشاعر الويلزي ديلان توماس. ولكنها بالطبع اعتبارات خارج الشعر. وهو قرار لجنة التحكيم في نهاية الأمر.
وكانت دور النشر قد رشحت في الأساس 35 مجموعة شعرية لشعراء من مختلف الأعمار والاتجاهات، وبينهم شعراء فازوا بهذه الجائزة سابقا مثل آن كارسون وجورج شزرتس. وتبلغ قيمة الجائزة خمسة آلاف جنيه إسترليني، بينما يتسلم الشعراء المرشحون للقائمة القصيرة مبلغ ألف جنيه.
مقتطفات من الرواية :Extracts from the novel
ترجمة
عربية لجانب من الرسائل المتبادلة بين الشخص والشاعرة الأيرلندية
عزيزتي
شيند:
أريد
أن أسألك أنت بالذات، عن الكائن الفضائي الجاري البحث عنه بسرية تامة هذه الأيام في
ربوع الشرق الأوسط الصغير، وأن أحظى بأية انطباعات أو شهادات منك حول هذا الموضوع،
الذي أود طمأنتك أنه سيظل يحتفظ بالقدر الذي ترتأيه أنت من السرية والكتمان، سواء في
جوانبه الفنية والثقافية التي تعتبر حقاً من حقوق ملكيتك الفكرية لمشروع قصيدة أو ديوان
شعر أو لمشاريع أعمال أدبية أخرى كالقصة والرواية والمسرح أو في جوانبه الأمنية التي
تتعلق بكونك سيدة متزوجة ومستقرة – كما أتصور- في وطنك الأم أيرلندا. ما قرأته لك من
قصائد في طريقنا إلى وادي رم أو في طريقنا لزيارة مدينة السلط ما زال ماثلاً في الذهن
ويبعث على تعميق علاقة الصداقة بيننا ذلك أنه شعر حقيقي تعرفين جيداً طريقة استقبالي
له وأنت واقفة ببراءة على منصة القراءة في مركز الحسين بعد عودتنا من البتراء بأيام،
كذلك الأمر بالنسبة لجوزيفا التي قرأت أشعارها بلثغة لسان تميزها بعد مغادرتك بيومين
تقريباً. أكتب لك هذه الرسالة بعد عودتي مباشرة من مؤتمر صحفي للناطق الرسمي باسم الحكومة
أسمى خضر حيث دار جل المؤتمر حول أسباب انقطاع الكهرباء عن الأردن كاملاً زهاء ساعتين
مساء يوم الثلاثاء وقد كنت نائماً على أية حال ما بين الساعة السابعة والساعة التاسعة
ولم أشهد ذلك الحدث الذي رأيت بعض الصور له في صحف اليوم، لكنني أحاول استرجاع حلم
غامض وجميل وشاسع ومليء بالأحداث دارت رحاه خلال نومي العميق مساء يوم الثلاثاء وإلا
لكنت قد انشغلت كغيري في ما لست بحاجة إليه، وحتى تكوني على بينة من الحلم أحب أن أذكرك
بفارق التوقيت من ناحية وبروايات جيمس جويس ومارسيل بروست وفوكنر إن لم أذكرك بما لا
أظن على دراية به- لا أعرف إن وردت قصة أهل الكهف في الكتاب المقدس لديكم أم لا- بأنني
عندما استيقظت كانت الكهرباء في المنزل ما تزال مطفأة ذلك أنني استلقيت للاستراحة قبل
مغيب الشمس وعندما استيقظت أشعلت الكهرباء فاستجابت بشكل طبيعي وأنارت موجودات المنزل
كما أنني خرجت لشراء علبة سجائر بنفس الأوراق النقدية والعملة المعدنية التي كنت استخدمها
قبل النوم، وهذا ما لم يحدث مع أهل الكهف في تلك الأزمنة الغابرة، وحتى لو حدث معي
بعد النوم وانقطاع الكهرباء عن الأردن جميعه فإنني لن أتضرر بسبب أنه ليس لدي سوى خمسة
دنانير من اصل عشرة دولارات أصرت روديكا أن آخذها مقابل ثلاثة دنانير وثمانمائة فلس
دفعتها عنها عند مغادرتها للفندق وهو كامل ما على غرفتها من حساب عند المغادرة.
***
عزيزي
السيد بلوم:
إن سمحت
لي بأن أناديك هكذا، أود أن أشكرك على رسالتك رغم أنها تأخرت بعض الشيء ولو لم تكن
أنت الذي يسألني عن الكائن الفضائي لقلت لك، أنت.. أنت، كم هو مؤلم الزمن وفوارق الزمن
وفارق التوقيت فكيف إذا كان بين تلك الإطلالة من على ذلك الارتفاع بين مرتفعات السلط
والبحر الميت وما ترويه الكتب من جهة وما بين مرتفعات جبال مطلة على عاصمة كاليفورنيا
تلك السكرامنتو التي لم أزر! إن الأمر يمكن تفهمه كثيراً يا سيد بلوم عندما يكون بين
دبلن و.. القدس أو أورشليم أو وادي رم، إنني أحسست مع سطور رسالتك أن الجمل الصغير
الذي كان عمره بضعة أيام أو أشهر أصبح اليوم كهلاً مثل جبال رم ولا يستدعي الفرح الطفولي
الذي أدهشني عندما رأيته لأول مرة في حياتي. بودي كي أظل أكتب الشعر أن لا أفهم تماماً
بلادكم، أو على الأقل أن لا أكون بذكاء روديكا أو بعميق فهمك لأنني سوف لن أصبح قادرة
على العيش حينذاك حياة طبيعية، إنكم في بلادكم الجميلة تعيشون باستمرار حياة استثنائية
سواء كان هنالك حقاً كائن فضائي بينكم أم لم يكن وبوجود آلهة أم بدون الحاجة إليها
فإن حياتكم كما أتصور قاسية ومدهشة على نحو عجيب، لن أقوم مقام الباحثين والمستشرقين
هنا لأن دوري حتى الآن منحصر بالشعر، أو هكذا أرى، رغم أنني قرأت جويس فإن لم يكن الكائن
الفضائي حقيقة فلماذا لا تكنه يا سيد بلوم، عموماً لست أظن أن أحداً من أبطال جويس
لو حلق في السماء سيهبط بالضرورة في إسرائيل، وكذلك أنت، فالأساطير والأشواق والأحلام
التي نحلم تتغير باستمرار وحتى عندما تصل إلى فلسطين فإنك سرعان ما سوف تكتشف أنها
ليست تماماً تلك الفلسطين التي حلمت وعشت ورأيت.
سيد
بلوم.. هل أنت مشتاق إلى دبلن؟ بالنسبة لي أنا مشتاقة الآن لرؤية وادي رم حيث كائن
الفضاء.
Is it a baby space creature?
By the way, you did not tell anything about your dream?
Tell I hear from you
My best wishes
قالت شيند متسائلة:
* ما الذي ذكرك بسيزيف ؟
وظل تساؤلها بدون إجابة، إذ
ليس من اللائق إفساد رحلتها لوادي رم أو إفساد حقها بالدهشة ولدى الأيرلنديين أيضاً
ما يغنيهم عن حمل الهم الفلسطيني، فقد تعددت المصائب والهم واحد، أما الآن فأستطيع
التوضيح أن الآلهة الذين يعاقبون كل سيزيف فلسطيني ليسوا فوق سماء اليونان ولا بروميثيوس
تنقر عينيه الصقور تحت سماء الرومان، إنه هناك في منطقة معتمة تحت سماء العرب، ما زال
يحمل شعلته بنفسه ويحمل صخرته بين يديه، ولأن ما تراه عيون شيند الزرقاوين غير ما تراه
عيني جوزيفا العسليتين ، يغدو السيد بلوم والسيد دون كيخوته أو ربما لوركا شخصاً واحداً
ملتبساً في الهوية وفي المشاعر ولكنه ابن زمنه الخاص وامتداد ثقافاته. ولو لم يكن السيد
بلوم من صنع خيال جيمس جويس ومن صنع زمنه وتجربته لما ظل صامتاً عندما أنكر عليه اليهود
يهوديته ، بل ربما قال لـ ابن غوريون نفسه(شكراً لتفهمك.. لكنني لا أرغب العيش أيضاً
في إسرائيل) على أمل أن يستعيد بلوم جناحيه أو أجنحته بعد، أو ليس هذا ما هو حاصل اليوم؟
عندما ينكر / تنكر عليك الفلسطيني / الفلسطينية فلسطينيتك قبل أن يتنكر لها الأخوة
العرب من الكويت حتى فاس ومؤتمر فاس؟ بالمقابل هذا أيضاً ما حصل لسمير نقاش وأقرانه
من اليهود في إسرائيل نفسها فقد أنكروا عليه طفولته ولغته، لذلك لا يبدو الأمر مستهجناً
عندما ينكر أي مركز أمن عربي عليك إنسانيتك، انظري يا شيند مجدداً لهذا المشهد: فقد
كنت محترماً جداً وأنا أتحدث إليك بلغتك الإنجليزية سواء في وادي رم أم في مركز الحسين
مستحسناً إلقائك بلغتك قبل سماع الترجمة أو مستاءً من إخفاقات وهنّات الترجمة في بعض
المواقع.
هل لك أن تتصوري كيف اقتربت
مني سيدتان ترغبان في التعرف على الشخص القادم من باريس أو لندن أو دبلن ! كان الموقف
محرجاً وأنا أزيد تأكيد الحقيقة وهن غير مصدقات لما أقول، إنني أعيش في عمان ولست زائراً
أو طائراً ولي رقم وطني وبطاقات رسمية ووثائق مفقودة، فهل ثمة فرق إذن بين أدلاء السياحة
في جنوب الأردن وبين عشاق السياحة في عمان في إنكار وجود الشخص عندما يتحدث اللغة العربية؟
أشاح بدو الأردن بعد التحديث عني الوجوه مفتونين بكل ما هو غير عربي.
واستنكرت برجوازيات عمان أو
استكثرت عليّ أن أمتلك ثقافة رفيعة ومعارف شقيت العمر وأشقيت غيري في تكوينها، أليس
للغرب وللاستعمار وللاستشراق دخل في ذلك، دون أن أغفل بالطبع العوامل الذاتية لأمم
مهزومة ومقهورة وشعوب مستلبة لا تعرف عند تمكنها من الآخر الشقيق غير الاستبداد أو
النكران والجحود، فإن كنت في شك من هذا أنت وجوزيفا تحديداً فما عليكما إلا أن تسألان
روديكا أو ديفيد ديمترييه الفرنسي الذي شرع يتعلم العربية ليتورط أكثر فأكثر في هذه
الرمال المتحركة.
فالزرقاء – المدينة – بمن
فيها، تحرمني من ابنتي الكبرى منذ أكثر من عشرة سنوات وقدمت إسهامها الفظيع بتحطيم
أسرة تحت يافطة القانون والمحاماة والمقاضاة وحقوق المرأة وحقوق الطفل ومؤسسات المجتمع
المدني ودار حضانة الطفل وكأننا جئنا من الكويت متخلفين أو ذئاب مفترسة تريد مدينة
ناشئة- كانت صحراء مخصصة لمعسكرات الجيش منذ أقل من نصف قرن – أن تعلمنا أصول الحضارة
والتمدن ولم نأت إليها بكامل أتعاب شقائنا من الكويت وبكامل خبراتنا العلمية والعملية
والمصرفية كذلك.
فمن الذي دفع بنا إلى أتون
العذاب والتشرد والاستعباد وقد كان لنا سماء وأشجار وجبال وبيوت وبحر وطيور وهواء وبيادر
للأعراس وللرقص والدبكات، وقد كان لنا مدينة مثل أريحا عمرها عشرة آلاف سنة قبل الميلاد،
أي بلاد هذه التي تنكرنا في البلاد وأي بلاد تلك التي تخرجنا من البلاد، لو كنت أكتب
الآن باللغة الروسية لتحول الأمر إلى نكتة سوداء، إن الذين يصنعون لنا المشكلة والمأساة
بأيديهم يستكثرون علينا أن نشير إليهم بأسس الداء، ويستكثرون علينا أننا ما نزال موجودين
ونتحدث لغات أجنبية ونرقص رغم أننا لا نملك شيئاً سوى قدرتنا على الفرح وبسالتنا في
الحياة. ليس كل البدو بدواً ولا كل من تظاهر بالتمدن متحضراً ،بالطبع، إنها الغابة
دون أشجارها، يحس البعض منا فيها أنه قد يتحول إلى خروف، لذلك كم احترم مشاعرك النبيلة
عندما إقشعر بدنك من رؤية رأس الخروف بفمه المفتوح ولسانه المدلوق فوق منسف من استضافونا
في السلط، فاغفري لي ولروديكا أننا من الجوع أكلناه بنهم رأس الخروف، استجابة للكرم
العربي من ناحية واستجابة لعدم إمكانية أن يتحول أحدنا إلى خروف أو نعجة.
أما في الثقافة وممارسة سلطة
المعرفة التي هي كل ما نملك فإننا نفترس افتراساً حتى ديناصورات وتماسيح الجهل والتخلف،
هل دعوتك أو دعوت غيرك للرقص بعد؟ ليتني أدعو ابنتي إلزا أولاً، إن حرماناً مثل هذا
جعلني صيف عام 1996 ذات ليلة أراقص مدينة اللاذقية كلها في مطعم لفندق ساحلي فخم، البحر
من أمامي والمدينة كلها بأحضاني ولم أحس لحظة أنني في جزيرة كريت اليونانية، أو في
حيفا أو يافا بل في قلب العالم الذي ينكرني بعد انتهاء الرقص.
سألني رئيس تحرير جريدة الثورة
السورية صيفذاك :
* من أي بلد أنت؟
فأجبته:
وهل تُسأَلُ البلدُ إن كنتُ
أنا البلد.
فكيف لي أن لا أتذكر سيزيف
ومن حولك حولك يا أيرلندا، ولا تقلقي فلم أفكر بعد بقصف مدن أو عواصم منهارة ولا برفعها
إلى قمة الجبل، ذلك أنني عندما أنظر إلى كوكب الأرض من فضائي السحيق لا أرى من الشرق
الأوسط سوى بقع من النفط وقليلاً من المراعي رأيت ذلك في بعض حلم ورأيت يديك الصغيرتين
تعليقات