الأردن «الأكثر إحراجا» بسبب العدوان الإسرائيلي
|
الأردن «الأكثر إحراجا» بسبب العدوان الإسرائيلي
بسام البدارين
JULY 11, 2014
يقف الأردن على أعتاب مرحلة حرجة سياسيا
وأمنيا وإقليميا وهو يحاول بصفة رسمية تلمس الطريق الأكثر أمنا في إدارة الأزمة التي
تنتجها إسرائيل مجددا في وجه العالم وهي تتجه نحو الحرب البرية في قطاع غزة بعدما أخفق
القصف المتواصل في «ردع» أو إحباط القدرة العسكرية لفصائل المقاومة وتحديدا حماس.
حسابات الأردن الرسمي في السياق «دقيقة
وحرجة» جدا و»مكلفة» بكل الأحوال فالعالم الغربي لا يتوقع من عمان قرارات عنيفة ضد
إسرائيل خصوصا في المجال السياسي الحيوي الذي تمثله إتفاقية وادي عربه.
لكن الوضع الأمني الداخلي خصوصا في ظل عودة
«النشاط الحراكي» للشوارع سيدفع القرار الرسمي والحكومة لأقصى مناطق الضغط وسيعيد إنتاج
كلاسيكيات الدعوات الجماهيرية لطرد سفير إسرائيل وإغلاق سفارته وقد يؤدي بالوقت نفسه
إلى حراك أعنف بقليل من المعتاد في الشارع جراء عدة عوامل أبرزها الوضع الإقتصادي الصعب
وإحتقانات الجمهور والوضع العراقي الملتهب.
عمان بهذا المعنى وإستنادا إلى مرجع سياسي
مهم جدا في إطارها النخبوي ليست في موقع إرتياح وهي تحسب بدقة متناهية كيفية تعاطيها
مع تفاعلات وتداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة خصوصا وان المعلومات الرسمية
في الأردن تشير إلى أنه عدوان قد لا يقف كالعادة عند حدود عدة أيام أو في نطاق وساطات
«الهدنة ووقف إطلاق النار».
وجهة نظر المؤسسة الرسمية الأردنية أن عمان
لا تستطيع التصرف لوحدها في أي برنامج تصعيدي ضد الإسرائيليين ولا حتى في إتجاه «ردع»
تل أبيب او تحقيق ضغط منتج عليها بدون غطاء عربي تحديدا وهو غطاء من الواضح حسب النائب
محمد حجوج أنه قد لا يتعدى كلاسيكات العمل العربي المعتادة.
الوقت نفسه تمكن حركة حماس من «الصمود»
ولأي سسبب بعد هذه المعركة التي تحـــرج الأردن وكل نظام الإعتدال العربي يعني تعزيز
موقعها وموقفها الإقليمي سياسيا وهو ما سينعكس لاحقا على الموقع الإستراتيجي في الداخل
لتيار الأخوان المسلمين الذي بدأ يعود وبقوة للشارع.
قراءات الغرفة المغلقة في المؤسسة الأردنية
مرحليا تشير إلى ان صخب الشارع المحلي سيتصاعد أكثر في الأيام المقبلة كلما تزايد عدد
ضحايا العدوان الإسرائيلي من الشعب الفلسطيني.
والأولوية الأمنية بالتالي ستكون لممارسة
كل طاقات «الإحتواء» المحتملة لحراكات الشارع الأردني الذي يضم اليوم عشرة ملايين ساكن
حسب توضيحات مدير الأمن العام الجنرال توفيق الطوالبه مؤخرا كما نشرتها صحيفة «العرب
اليوم».
المؤسسة البيروقراطية والأمنية الأردنية
مرهقة جدا هذه الأيام بعد ثلا ث سنوات ضاغطة من الحراكات الشعبية وبعد الإرتفاع الملحوظ
في معدلات الجرائم وظاهرة السلاح المنفلت بقوة ووجود بؤر متوترة داخليا أصلا من بينها
مدينة معان.
والتركيز كله على ضمان «عدم ذوبان» الحدود
الأردنية مع كل من سوريا والعراق والإنشغال بعودة نشاط الشارع المحلي بقوة تحت يافطة
حرب إسرائيلية جديدة على غزة او «إنتفاضة ثالثة» لم يكن واردا ولا في الحسبان.
لذلك لجـأت السلطات لقدر من الدقة والتوازن
في إدارة التداعيات المحلية للموقف حيث إعتقلت مشاركين في مسيرة ضد سفارة إسرائيل وقمعت
المسيرة بخشونة قبل الإفراج عن الموقوفين.
وتم التغاضي عن وقفات إحتجاجية نظمت بدون
ترخيص مسبق في عدة مواقع مثل إربد شمالي المملكة ومخيم البقعة وسط العاصمة مع ان هتافات
قاسية جدا صدرت عن هذه التجمعات ضد الزعماء العرب وتحديدا الرئيس محمود عباس.
إستراتيجية «طول النفس» هذه قد لا تصمد
كثيرا خصوصا وان الإحتقانات التي تثيرها إسرائيل وتصرفاتها في الشارع الأردني لم تعد
قابلة للأحتواء بالطرق التقليدية ، الأمر الذي يضع الأردن على رأس قائمة الإحراج بعد
العدوان الإسرائيلي بسبب وجود إتفاقية سلام وسفراء متبادلون وعلاقات سياسية وإقتصادية.
لا تساعدوا الأردن
صحف عبرية
آريه إلداد
هآرتس 7/7/2014
إن الانطلاق السريع لقوات داعش الظلامية
في العراق وسيطرة إخوتهم من جبهة النصرة على أجزاء من سوريا يفضي بكثير من المحللين
في منطقتنا الى اعلام الاردن باعتباره الهدف التالي لمتطرفي الاسلام في الشرق الاوسط.
ويذكر عدد منهم أيضا أن اسرائيل ستكون التالية. ولا حاجة الى التعمق في الكتابات اللاهوتية
لهؤلاء البرابرة الجدد، بل يكفي أن نفهم المعنى الجغرافي السياسي للحروف الاولى من
«داعش»: الدولة الاسلامية في العراق والشام. فالشام هي سوريا الكبرى ويتعلق ذلك بوجهة
نظر الناظر أو بالفترة التاريخية التي استُعمل فيها المصطلح منذ عهد بني أمية الى أيامنا
– وهي التي تشمل سوريا ولبنان والاردن واسرائيل في الحدود المعروفة اليوم.
إن الاردن دولة صديقة في ظاهر الامر، ولنا
معها معاهدة سلام وهي تقاتل الارهاب وهي «جزيرة استقرار» في الانفجار في الشرق الاوسط.
واذا كانت المملكة في خطر من قبل الاسلام المتطرف الذي هو عدونا ايضا – فما هو الشيء
الأكثر طبيعية من أن نمد لها يد الدعم في وقت الازمة؟ ولما كان استمرار وجود العائلة
المالكة الهاشمية مصلحة واضحة لصديقتنا الولايات المتحدة ايضا، فمن الواضح أن اسرائيل
ستهب للمساعدة.
لكن ينبغي أن نتذكر قبل أن نهب عددا من
الدروس التاريخية نميل الى نسيانها وقت الهستيريا. ينبغي أن نتذكر هباتنا التاريخية
السابقة في محاولة للتدخل في اجراءات في داخل دول عربية. منذ أيام المساعدة الهادئة
لكردستان الى المغامرة اللبنانية النازفة في حرب سلامة الجليل، ومنذ أيام قتل عبد الله
الأول الى قتل أنور السادات ـ إن العناق الاسرائيلي قد يحكم على المعانقين بالموت.
والمسارات «الطبيعية» في الدول العربية والاسلامية أقوى مما تستطيع اسرائيل أو تكون
مستعدة لفعله، وأنا آمل أن يكون كبار اصدقاء العائلة المالكية الهاشمية في بلاط حكومة
اسرائيل يقصدون فقط مساعدة استخبارية واستراتيجية ولوجستية – ولا يرون في خيالهم دبابات
المركباة الاسرائيلية تنطلق نحو حدود الاردن والعراق وسوريا لتحمي عبد الله من قبائل
«الهون» الجديدة.
ذات مرة – في ايلول الاسود في 1970 – أنقذت
اسرائيل الملك حسين بانذار لسوريا بأنها اذا تدخلت في الحرب الأهلية في الاردن لصالح
ياسر عرفات وفتح فستضطر الى مواجهتنا. وهزم الحسين عرفات وطرده الى لبنان، ومنذ ذلك
الحين وكثيرون يلعبون بـ «لو». فلو تركت اسرائيل الفلسطينيين يستولون على الاردن أكان
وضعنا اليوم أفضل أم اسوأ؟ وهل كنا سنواجه «جبهة شرقية» خطيرة أم نوجد في وضع فيه للفلسطينيين
من وجهة نظر العالم دولة في الاردن وتضعف جدا مكانتهم باعتبارهم شعبا مسكينا «ذا حق
في تقرير المصير»؟ إن ألعاب «لو» كهذه لا يمكن أن تفضي الى استنتاج قاطع لا لبس فيه.
لكن لا يمكن أن نتهرب منها في كل مرة نتعلم فيها فصلا من التاريخ.
كان كل زعماء اسرائيل من اليمين واليسار
حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي بصور مختلفة من التعبير، وكان بعضهم يفعل ذلك بصورة
صريحة تماما، كانوا يرون أن الاردن هي دولة الشعب الفلسطيني؛ من مناحيم بيغن الى اسحق
رابين، ومن اريئيل شارون الى موشيه ديان ويغئال ألون. وقال الملك حسين ايضا للصحيفة
العربية «الحياة» التي تصدر في لندن (في 26 كانون الاول 1982) إن «الاردن هو فلسطين
وفلسطين هي الاردن، وكل من يقول غير ذلك فهو خائن»، لا أقل من ذلك. وأصبحت تلك التصريحات
غير شرعية مع التوقيع فقط على اتفاق السلام مع الاردن. وفي كل مرة كنت أقول فيها ذلك
في الكنيست كان سفير اسرائيل في الاردن يُستدعى الى حديث توبيخ. ولا يدور الحديث هذه
المرة عن كلام، فالبرابرة آتون الآن.
لا شك في أنه اذا سيطر الاسلام السني المتطرف
على الاردن فستصبح حدودنا الطويلة الهادئة معها حدودا دامية. ولا شك في أن ولادة «الجبهة
الشرقية» المضادة لنا مرة اخرى ستكون تهديدا. لكن البديل وهو استمرار الضغط الدولي
من الخارج وضغوط المستسلمين في الداخل، للاعتراف بانشاء دولة فلسطينية في اراضي يهودا
والسامرة وغزة، أخطر من ذلك. وهذه مسألة جغرافيا، ومسألة حق في وطننا، ومسألة أمنية
ومسألة اقتصادية ايضا. والأحمق الذي يعتقد أن دولة فلسطينية كهذه ستكون أكثر ثباتا
في وجه احتلالات الاسلام من سوريا أو العراق أو الاردن هو ساذج أو يدعي السذاجة. فقد
أصبح للقاعدة اليوم عدد من الخلايا الفاعلة في غزة ويهودا والسامرة يفوق عددها في الاردن.
والذي يخشى دولة القاعدة في الاردن يجب أن يخشى أكثر بأضعاف دولة كهذه في يهودا والسامرة.
وعلى ذلك لا ينبغي لنا أن نحاول إنقاذ الملك
عبد الله اذا أغرقته عصابات داعش المسلحة. وسيكون مآل خلافة داعش الانتقاض وأن تتحول
الى كيانات عرقية قبلية.
وتحتاج اسرائيل الى عنصر جديد في معادلة
الانتحار التي هي «دولتان للشعبين غربي الاردن». يجب عليها أن تستبدلها بالمعادلة الجديدة
وهي: «دولتان للشعبين في ضفتي الاردن».
ما الذي ظنناه بالضبط؟
إن ما زرعته إسرائيل في السنين الماضية
من قهر واضطهاد لسكان غزة تحصده الآن باطلاق الصواريخ
جدعون ليفي
JULY 10, 2014
هل أن تعتقل اسرائيل بقسوة على أثر اختطاف
ثلاثة فتيان اسرائيليين في المناطق وقتلهم، نحوا من 500 مدني فلسطيني وفيهم اعضاء من
المجيش التشريعي وعشرات ممن أفرج عنهم بصفقات لم تكن لهم أية صلة بالخطف والقتل؛ وأن
يلقي الجيش الاسرائيلية رهبته على الضفة كلها بعملية بحث واعتقالات جماعية هدفها المعلن
«تحطيم حماس»؛ وأن تهيج حملة تحريض عنصرية في الشبكة وتفضي الى احراق فتى فلسطيني وهو
حي؛ وأن تخرج اسرائيل في حملة عقاب مضادة لمحاولة انشاء حكومة وحدة فلسطينية كان العالم
مستعدا للاعتراف بها؛ وأن تنكث اسرائيل التزامها الافراج عن سجناء؛ وأن تفضي الى انهاء
المسيرة السياسية وأن تقعد فوق كل ذلك مكتوفة اليدين لا تقترح أية خطة أو رؤيا – ثم
يقبل الفلسطينيون ذلك بتسليم وطاعة وسكون نفس ويبقى الامن يسود مدن اسرائيل؟.
هل أن تستمر غزة على العيش أبدا في ظل نزوات
اسرائيل (ومصر)، فاذا شاءتا أرختا الطوق قليلا، واذا شاءتا عززتاه حتى الألم؟ أوَ أن
يستمر أكبر قفص في العالم على كونه قفصا؟ أوَ أن يبقى مئات آلاف سكانها مقطوعين أبدا؟
أوَ أن تمنع اسرائيل عشرات آلاف العاملين
في سلطة حماس من دفع أجورهم اليهم؟ أوَ يُمنع التصدير من غزة ويحدد صيد السمك؟ وعلى
أي شيء بالضبط يعيش مليون ونصف مليون من البشر – هل يستطيع أحد أن يقول لماذا يستمر
الحصار ولو الجزئي لغزة؟ وألا يُطرح مستقبلها ألبتة للنقاش؟ أوَ أن يحدث كل ذلك وتقبل
غزة ذلك بالتسليم؟ إن كل من كان يظن ذلك ضل في أوهام خطيرة ندفع الآن جميعا ثمنها.
ينبغي فقط ألا نتظاهر بالدهشة؛ وينبغي فقط
ألا نقلب العالم لأن الفلسطينيين يطلقون عبثا صواريخ على مدن اسرائيل – فهذا الترف
لم يعد مقبولا. إن الرعب الذي يشعر به مواطنو اسرائيل الآن ليس أكبر من الرعب الذي
شعر به آلاف الفلسطينيين حينما كانوا ينتظرون في رهبة في الاسابيع الاخيرة الجنود الذين
يحطمون ابواب بيوتهم ويداهمونها تحت جنح الظلام لللبحث والتقليب والهدم والاذلال وخطف
واحد من أبناء البيت. وليس رعبنا أكبر من الرعب الذي يشعر به الاولاد والشباب الفلسطينيون
الذين قتل عدد منهم عبثا بنار الجيش الاسرائيلي في الاسابيع الاخيرة. والرعب الذي يشعر
به الاسرائيليون أقل من ذاك الذي يشعر به سكان غزة الذين لا يملكون إنذار «اللون الاحمر»،
ولا «مكان وقاية» ولا قبة حديدية لتخليصهم، ولا يوجد سوى مئات الطلعات الجوية المخيفة
لسلاح الجو الاسرائيلي في السماء تنتهي الى قتل مدنيين أبرياء وفيهم شيوخ ونساء واطفال
كما قد حدث في هذه العملية.
وقد تبجح ضابط اسرائيلي أمس بأن الدمار
في القطاع هذه المرة أكبر مما كان في عمود السحاب.
أصبح يوجد للعملية إسم صبياني هو «الجرف
القوي». لكن الجرف القوي بدأت وستنتهي ككل سابقاتها لا جرفا ولا قويا. تريد وسائل الاعلام
والرأي العام الآن دما وخرابا فلسطينيين، واليسار والوسط يؤيدان بالطبع، ومن المؤكد
أنهما يؤيدان كما في كل البدايات – أما ما يلي ذلك فقد أصبح مكتوبا منذ زمن في تاريخ
كل عمليات غزة على اختلافها الدامية التي لا أمل منها. والشيء المدهش أنه لا يتم تعلم
شيء ولا يتغير شيء سوى الوسائل القتالية، من عملية الى أخرى.
تصرف رئيس الوزراء هذه المرة بضبط للنفس
حقا ووضعت التيجان على رأسه – وما كان يمكن ضبط النفس في مواجهة القذائف الصاروخية
من غزة. ويعلم الجميع أن بنيامين نتنياهو لم يكن معنيا بهذه المواجهة. أحقا؟ لو أنه
لم يكن معنيا بها حقا لكان يجب عليه أن يُحدث مسيرة سياسية حقيقية، لكنه لم يفعل ذلك
ولهذا من الواضح أنه كان معنيا بالمواجهة. وقد صرخ العنوان الرئيس في الصحيفة التي
تعبر عن رأيه أمس بالكلمات التالية: «إمضوا حتى النهاية»، لكن «النهاية» الهوجاء التي
تدعو اليها صحيفة «اسرائيل اليوم» لن تحرزها اسرائيل أبدا ولا سيما بالقوة. قال دافيد
غروسمان أول أمس في مؤتمر اسرائيل للسلام: «لا سبيل للتهرب من العقاب على ما أحدثوا
مدة خمسين سنة تقريبا». وكان ذلك قبل بضع ساعات من وقوع العقاب التالي في سلسلة الجريمة
والعقاب على مواطني اسرائيل، ويا لهم من ضحايا غافلين أبرياء.
هآرتس 10/7/2014
جدعون ليفي
خيبة الأمل العامة في اسرائيل
صحف عبرية
عاموس هرئيل
هآرتس 9/7/2014
برغم أن حماس في نقطة ضعف بل في ازمة استراتيجية،
فانها هي التي تحدد صورة الامور الى الآن في المواجهة الحالية. وقد أخذت اسرائيل تُجر
الى صدام عسكري لم ترده من البداية. وإن عدد الخسائر المرتفع في قطاع غزة وحقيقة أن
نحوا من 3 ملايين اسرائيلي جربوا أمس الجري الى الملاجيء والغرف الامنية مع سماع الانذارات،
وأن اكثر من 100 قذيفة صاروخية أطلقت على اسرائيل – تملي تصعيدا أخذ يقوى. ولأنه لم
تُصغ الى الآن خطة خروج منظمة للطرفين ولأنه لم يتضح في هذه المرحلة مبلغ استعداد الوسطاء
المصريين لبذل الجهد المطلوب للتوصل اليها، فلا يبدو الآن في الأفق موعد انهاء متكهن
به للصدام.
إنتهزت المواجهة في القطاع عملية الخطف
وقتل المخطوفين الاسرائيليين الثلاثة في غوش عصيون، لكنها تتسع دون صلة بها. ولم تكن
قيادة حماس في القطاع كما نعلم جزءً من سلسلة القيادة التي تولت الخطف الذي نفذته خلية
من المنظمة من الخليل في 12 حزيران. لكن فشل العملية – عدم قدرة الخلية على عرض مطالب
على اسرائيل وكشف الجيش الاسرائيلي عن الجثث – ترك حماس بلا انجاز. وأضيف الى ذلك الشعور
بالحصار الذي أخذ يقوى للقطاع وفشل محاولات قيادة حماس لكسره.
بحثت حماس عن انجاز بديل ولهذا بادرت الذراع
العسكرية كما يبدو (إن مقدار التنسيق مع القيادة السياسية للمنظمة ليس واضحا تماما)،
بادرت الى تسخين الجبهة باطلاق قذائف صاروخية أخذ يقوى. وردت اسرائيل بضبط نسبي للنفس
وبهجمات جوية محددة. وقد بادرت المنظمة في مطلع الاسبوع الحالي الى عمل طموح جدا هو
محاولة محكمة لتنفيذ عملية بواسطة نفق هجومي الى داخل ارض اسرائيل قرب كيبوتس كيرم
شالوم على حدود القطاع الجنوبية. ويبدو أن العملية أحبطت حينما نزلت قوة حماس المتقدمة
الى داخل النفق وأصيبت على نحو ما بـ «حادثة عمل». ومن هنا وما بعد ذلك بدأ حساب آخر
في وقت نزلت فيه قيادتا حماس السياسية والعسكرية كما يبدو تحت الارض وأخذ نشطاء الميدان
يتلقون توجيهات الى زيادة قوة الاطلاق.
إن مشكلة اسرائيل هي أنها جُرت الى المواجهة
مرغمة. وقد حدث شيء مشابه جدا في الاسبوع الذي سبق عملية عمود السحاب في تشرين الثاني
2012، فقد اخطأت حماس آنذاك ايضا تقدير مقاصد حكومة نتنياهو (السابقة) وقدرت أنها ستضطر
الى ضبط نفسها في وجه تصعيد متعمد منها. بيد أن اسرائيل كان لها آنذاك ميزة المفاجأة.
وفي بداية العملية صفي احمد الجعبري، رئيس الذراع العسكرية لحماس، وأصيب أكثر مخزون
القذائف الصاروخية لمدى متوسط. واصبح الوصول الى وقف اطلاق نار من هنا أسهل.
وفي هذه المرة اصبح قادة المنظمة في مكان
عميق في الملاجيء تحت الارض، ويقدر عدد القذائف الصاروخية التي يبلغ مداها الى غوش
دان ببضع مئات أخفي بعضها على الاقل اخفاءً جيدا. ويبدو أن حماس تعلمت أن تكون أكثر
حذرا. فقد برز في جولات مواجهة سابقة عدد خلايا الاطلاق التي قتل رجالها بهجمات سلاح
الجو في حين كانت تُعد القذائف الصاروخية للاطلاق. وفي هذه المرة، وعلى حسب افلام نشرت
في السنتين الاخيرتين، اصبح بعض قواعد الاطلاق على الاقل موجودا في ملاجيء تحت الارض
ويحافظ مشغلوا القذائف الصاروخية على مسافة أمن من المكان وقت الاطلاق.
في هذه الظروف، وبازاء خيبة أمل الجمهور
التي اخذت تقوى في اسرائيل، يجب على الحكومة أن ترد ردا قويا جدا. وقد تحدث وزراء كبار
أمس عن أن اسرائيل أزالت كل الحواجز، وقالوا إن كل هدف في حماس اصابته مشروعة الآن.
ويبدو أن «كل هدف» يشمل اصابة القادة الكبار كما حدث أمس. ولن تكون الهجمات الجوية
التالية «هجمات عقارية» يتحققون فيها من أن المكاتب فارغة قبل اطلاق القذيفة.
تواصل حماس في الوقت نفسه البحث عن انجازات
لها. أحبطت عملية النفق في كيرم شالوم لكن وردت انباء أمس عن انفجار آخر في المنطقة
نفسها دون مصابين من الجانب الاسرائيلي هذه المرة ايضا. فأرسلت مع ذلك خلية غواصين
الى ساحل زيكيم بعد أن قتل سلاح الجو الاسرائيلي اربعة من رجال القوة البحرية لحماس
بساعات قليلة. وقتل المخربون بعد نزولهم على الشاطيء في صدام مع قوة من جفعاتي. وقد
لوحظ أن حماس أعدت سلسلة مفاجآت تكتيكية كهذه ترمي الى التشويش على العملية الاسرائيلية
والى تسجيل انجازات معنوية ما. لكنها لم تنجح في ذلك الى الآن.
دخلت غوش دان ايضا في معادلة الردع أمس
كما كان متوقعا في وقت خطط لأن يكون قريبا من نشرات اخبار المساء في التلفاز. واعترضت
قذيفة صاروخية في منطقة ريشون لتسيون. وتحملت منظمة «كتائب الاقصى» وهي فصيل ضئيل في
قطاع غزة تعمل مع صلة ما بحماس، تحملت المسؤولية واعلنت أن الحديث عن صاروخ «براق
70» وزعم التصريح أن الاطلاق كان موجها أصلا الى مطار بن غوريون. وتفسير ذلك واضح وهو
أن المنظمات الغزية قد اطلقت من قبل الصواريخ على تل ابيب في عملية عمود السحاب. وسيصنف
مطار بن غوريون على أنه انجاز آخر يتضمن تهديد الطيران المدني الى اسرائيل ومنها –
وإن كان الحديث ايضا عن مبالغة غزية نموذجية. ووردت الانباء في المساء عن سقوط صواريخ
في منطقة القدس مع اطلاق صواريخ اوسع على غوش دان. وسجل قبيل منتصف الليل سقوط قذيفة
في الخضيرة، وهذه شهادة على أن حماس نجحت برغم الحصار في أن تهرب صواريخ معدودة يبلغ
مداها اكثر من 100 كم. وسجلت بطاريات القبة الحديدية اعتراضات ناجحة كثيرة، ويبدو انه
حدث تحسن لقدرتها منذ كانت عمود السحاب. ويتوقع أن يستمر اطلاق الصواريخ، ومعنى ذلك
أن يكون نصف مساحة اسرائيل تحت هجوم. ويوجب الامر حالة طواريء فورا في الجبهة الداخلية
وسيترجم بموازاة ذلك الى اجراءات هجومية.
بينوا أمس في المستويين السياسي والعسكري
في اسرائيل أن فترة ضبط النفس قد انتهت. وأحد الامكانات عملية برية برغم أن الحكومة
لم ترد ذلك من البداية. ويبدو على ما في ذلك من التناقض أن الجيش الاسرائيلي أقرب الى
دخول القطاع مما كان وقت عمود السحاب حينما جند نحوا من 75 ألف جندي احتياط.
بيد أن يد اسرائيل كانت هي العليا من البداية
في الجولة السابقة بسبب العملية الافتتاحية. وليس لنتنياهو في هذه المرة انجاز في يده،
وقد يتسع اطلاق الصواريخ على النقب والوسط. ويزيد الضغط على الحكومة والجيش في هذه
الظروف لفعل شيء ما، وقد يكون هذا الشيء هو اطلاق الفريقين اللذين نظما من المظليين
ومن جفعاتي في عمل هجومي محدود.
أجاز المجلس الوزاري المصغر تجنيد 40 ألف
جندي من الاحتياط بطلب من الجيش. ولم يستدع الجيش الاسرائيلي الجميع في هذه المرحلة.
ودُعي الى الخدمة جنود من عدة وحدات: ممن يعملون بصفتهم جزءً من الغلاف حول الوحدات
النظامية، ورجال استخبارات وقيادة الجبهة الداخلية، ومنظومة الدفاع الجوي وكتائب مشاة
احتياطية مهمتها أن تحل محل الكتائب النظامية التي تتجه الى الجنوب. وهم لم يكرروا
خطوة تمت في عمود السحاب الى الآن حينما انتظر آلاف من رجال الاحتياط في مناطق التدريبات
في الجنوب وتلقوا قذائف صاروخية واشتكوا من أن الحكومة غير قادرة على أن تقرر هل ترسلهم
في عملية أو ترسلهم الى بيوتهم. وقد كان للتجنيد كما يبدو قيمة ردعية لكن كان للغليان
تأثيرات عامة اشكالية. ويبدو أنهم يريدون في الجيش هذه المرة الامتناع عن ذلك. وإن
تجنيدا اوسع يشمل الوية احتياط من اجل عملية برية سيوزن مجددا بسبب اتساع اطلاق الصواريخ
في الليل.
يمكن أن تستمر جولة القتال بين اسرائيل
والقطاع بضعة ايام اخرى على الاقل بل قد تقوى بصورة ملحوظة. وهنا يوجد دور رئيس للوساطة
المصرية. وتقول مصادر فلسطينية إن قادة كبارا من الاستخبارات المصرية كانوا في اسرائيل
في مهمة وساطة في مطلع الاسبوع، وقد اصبحت حماس تعرض مطالبها علنا، واساسها تخفيف الحصار
(وهذا في الحقيقة طلب موجه الى مصر أساسا)، والعودة الى وقف اطلاق النار الذي كان بعد
عمود السحاب والافراج عن السجناء الذين اعتقلوا مجددا بعد أن أفرج عنهم بصفقة شليط.
إن للقاهرة التي علاقاتها بغزة مشحونة جدا،
تأثيرا كبيرا فيما يجري في غزة. لكن يُظن أن الجنرالات المصريين لا يعارضون أن تتلقى
حماس ضربات من اسرائيل مدة بضعة ايام قبل أن يفرض عليها وقف اطلاق نار. ويجب أن نتذكر
ايضا أن للمصريين مشكلاتهم: موجة رفع اسعار ضخمة – الى درجة مضاعفة اسعار الوقود والسجائر
– يتوقع بعدها مظاهرات ضخمة في مصر قبيل نهاية الاسبوع. ويبدو هذا هامشيا من وجهة نظر
اسرائيلية لكنه يوجد الآن حتى للوضع الاقتصادي المصري تأثير فيما يجري بين اسرائيل
وغزة.
عاموس هرئيل
هآرتس 9/7/2014
تعليقات