التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حركة إبداع: طرد بهجت سليمان لم يطرد نهجه ولا أضر بأتباعه إن لم يكن أفادهم




بهجت سليمان.. ما الذي حدث؟ / جمانة غنيمات

5/26/2014 11:42:54 PM

اعتبار بهجت سليمان شخصا غير مرغوب به شعبياً، خطوة سبقت القرار الرسمي الذي صدر أمس بالاتجاه ذاته. فسليمان في انتقاده للأردن، مؤسسات وأفراداً، ابتعد كثيراً عن الأعراف الدبلوماسية، بل تخطى حتى الحدود الأخلاقية في هذا الجانب.
وللأمانة، أظن أن الحكومة تأنت كثيراً في موقفها من سليمان، لكنها حسمت أمرها حين أعطته مهلة 24 ساعة لمغادرة البلاد، بما يمثل رسالة للنظام السوري بضرورة عدم التطاول على الأردن.
نهج سليمان منذ اندلاع الأزمة في سورية كان يغضب كثيرين، على رأسهم مؤسسات رسمية طالما رأت في نشاطاته تطاولا غير مقبول. فالمشكلة مع سليمان أنه تخطى كل الحدود المقبولة، وقفز عن كل الأعراف التي تنظّم العمل الدبلوماسي، موجهاً نقده للنواب والوزراء والمؤسسات الرسمية، غالبا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
العلاقة بين السفير غير المرغوب به ووزارة الخارجية، ولاسيما وزير الخارجية ناصر جودة، لم تكن أبدا على ما يرام. تماماً كما أن الوضع مع جميع الجهات ذات العلاقة لم يكن على ما يرام أيضاً. وأظن أنّ مُصْدِر القرار صبر كثيراً قبل إعلانه طرد سليمان.
السفير السوري حضر الاحتفالات الرسمية بعيد الاستقلال، وزيارة بابا الفاتيكان. إذ رصدت كاميرا الزميل محمد أبوغوش صورا لسليمان خلال حفل استقبال البابا، فيما كان يقرأ تقارير تتحدث عن مخاوف أردنية إسرائيلية من سيطرة الجماعات المتطرفة على الوضع في سورية، ما دفع إلى اتخاذ إجراءات احترازية من قبل الجانبين.
هذا يعني أن تطورا دراماتيكيا حصل بشكل مفاجئ، دفع إلى اتخاذ القرار وإعلانه. فمسلكيات سليمان على مدى أشهر ظلت مستفِزة، ولطالما طالب سياسيون ونواب وقانونيون باتخاذ هذه الخطوة، إنما من دون أدنى استجابة رسمية، اللهم إلا استدعاء سليمان والطلب إليه عدم تكرار التجاوزات. فما الذي حدث في اللحظة الأخيرة؟
القرار وإن كان مفاجئا، إلا أن توقيته قد يرتبط بالتصعيد السوري في الداخل ضد الأردن، لناحية اتهام المملكة بتقديم خطاب مزدوج بشأن الأزمة السورية. علماً أن الأردن سعى إلى الحفاظ على شعرة معاوية مع دمشق، لأسباب ترتبط بحساسية موقف الأردن وقربه الجغرافي. لكن آلة الإعلام السوري مارست نقدا لاذعا للمملكة، باتهامها بتسهيل عمل الجماعات المناوئة لنظام بشار الأسد.
مغادرة سليمان لا تعني إغلاق السفارة؛ فثمة مصالح مشتركة بين البلدين. وهناك 1.3 مليون سوري يقيمون على الأرض الأردنية، يحتاجون خدمات وإنجاز معاملات لتسهيل حياتهم. وهو ما يعني بالضرورة تعيين سفير جديد في المستقبل.
هناك من عاود طرح فكرة فتح مكتب للائتلاف السوري بديلا للسفارة، لخدمة السوريين. لكن الأمر يبدو مستبعدا في المرحلة الحالية. فالأعباء التي تقع على الأردن، وحجم التشابك مع الدولة السورية، لا يقارنان مع حالة دول أخرى طبّقت هذا المبدأ اعترافا منها بشرعية المعارضة.
المسألة الأخرى التي تبدو معلّقة، مرتبطة بالسماح للسوريين المتواجدين في الأردن بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية لبلادهم. وهي مسألة لم تحسم بعد، إلا أن المعلومات الأولية تشير إلى السماح للسوريين من غير اللاجئين بالمشاركة في العملية الانتخابية.
قراءة أولية لخطوة طرد السفير والسماح بالمشاركة في الانتخابات، تسمح بتفسيرهما على أساس أن القرار ضد السفير مرتبط بسلوكه الشخصي، فيما مَنْع السوريين من التصويت خطوة ضد النظام السوري نفسه، وهو لا يريده الأردن في هذا الوقت. فالأردن حتى اللحظة غير مندفع في سياساته المتعلقة بالنظام، مقارنة بدول عربية أخرى تتدخل صراحة ومن دون مواربة في الشأن السوري. الأمر الذي يعني أن الأردن لم يكن ليقْدِم على هذه الخطوة لو التزم سليمان بالأعراف الدبلوماسية.
حتى بعيدا عن الموقف الأخلاقي من جرائم النظام السوري الذي فتك بشعبه وقتل منه نحو 200 ألف نسمة، وحوّل ثورته الشعبية إلى معركة أممية، وجعل الخوف من التخلص منه أعلى من كلفة بقائه؛ فقد كان لزاما اتخاذ القرار بحق سليمان منذ زمن، احتراما للأردن قبل أي شيء آخر.

الغد


طرد السفير يؤشر إلى قرب سقوط الأسد / شاكر الجوهري

5/26/2014 9:58:02 PM

يصعب تصور أن يكون قرار الحكومة الأردنية، طرد السفير السوري من عمّان، في غضون فقط 24 ساعة، واستقبال ممثل للإئتلاف الوطني السوري بدلا عنه دون موافقة الملك، ودون توفر معلومات مؤكدة بأن العد التنازلي للنظام السوري قد بدأ، وأنه أصبح مؤهلا لتلقي دفعات قوية تزيد من تسارعه على أرض الواقع.
مصادر المعارضة السورية كشفت عن اتفاق مضى عليه أسبوع مع المسؤولين الأردنيين على تعيين محمد مروح، وهو رجل أعمال سوري شاب، ممثلا للإئتلاف في عمّان بدلا من السفير السوري بهجت سليمان.
لم يختلف أحد من المراقبين والمحللين السياسيين في عمّان على ذلك.
هذا الإستنتاج ينطلق من حقيقة أن الموقف الأردني سبق أن مر بعدة مراحل من التشدد والتراخي في التعامل مع الأزمة السورية.
لقد كانت عمّان تتساهل مع ثوار سوريا، والمنشقين عن النظام، وتوفر لهم الملجأ الآمن، وتسهل تسللهم من سوريا وإليها، وكان أكثرهم أهمية رياض حجاب رئيس الوزراء الأسبق، الذي وفرت القوات الأردنية، والجيش الحر، اجراءات أمنية ضمنت دخوله الأراضي الأردنية سالما في 6آب/اغسطس 2012، وبقي في عمّان إلى أن قرر نقل مقر اقامته إلى الدوحة.
ثم، وحين تصلبت واشنطن برفض رفع الحظر التسليحي عن المعارضة السورية، أخذ الأردن يتشدد في إغلاق حدوده في وجه المقاتلين السوريين، والمتطوعين الأردنيين، خصوصا المتشددين الإسلاميين منهم، خشية انتقال العمليات العسكرية للمتشددين الإسلاميين إلى داخل الأراضي الأردنية، واحتمال عمل النظام السوري على الإنتقام من الأردن، عبر خلايا نائمة داخل الأراضي الأردنية، أو يمكن أن تتسلل إليها، في حالة استشعار النظام لقرب سقوطه، أو في حالة انتصاره..!
وخلال الأشهر الماضية، ألقت قوات حرس الحدود الأردنية على العشرات من المتسللين الأردنيين والسوريين، ألقي بهم إلى السجون، وأحيلوا إلى محكمة أمن الدولة، التي أصدرت أحكاما عديدة بالحبس بموجب قانون العقوبات الذي يجرم القيام بأعمال لم تجزها الحكومة، من شأنها تخريب العلاقات مع دول شقيقة أو صديقة.
ما الذي تغير، وجعل عمّان واثقة من اقتراب سقوط نظام الأسد..؟!
يتوقف المراقبون في العاصمة الأردنية أمام التطورات الهامة التالية:

أولا: نتائج زيارة الجربا لواشنطن:

النتائج النوعية لزيارة أحمد الجربا، رئيس الإئتلاف الوطني السوري المعارض، لواشنطن، وما ترتب بالخصوص على لقائه مع سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي الأميركي، الذي استمر طوال ساعة ونصف الساعة، شارك فيه الرئيس اوباما لمدة نصف ساعة.
مشاركة اوباما في اللقاء، في حد ذاتها تشي بتغير نوعي في الموقف الأميركي، بعد أن خاض اوباما انتخابات الولاية الثانية مطلع 2013 تحت شعار رفض رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، سيما وأن زيارة الجربا تمت تحت عنوان المطالبة بتسليح المعارضة.

في هذا الإطار (تغير الموقف الأميركي)، أعلن اوباما:
1. رفضه أي شرعية للرئيس السوري بشار الأسد. وقال إنه لا مكان له في مستقبل سوريا.
2. رحّب أوباما بمقاربة الإئتلاف الوطني السوري للحوار، ما يعني توفر فرصة لاستبدال نظام الأسد بنظام معتدل يكون بديلا عن الأسد وفصائل التشدد الديني معا.
3. لذا، شجّع اوباما المعارضة السورية على تطوير رؤيتها لتشكيل حكومة شاملة تضم كل الأطراف السورية.
4. قال بيان البيت الأبيض اذي صدر عن اللقاء صراحة إن الرئيس الأميركي ومستشارة الأمن القومي عبّرا عن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب المعارضة المعتدلة والشعب السوري في سعيه لإنهاء النزاع وفي تيسير الإنتقال السياسي.

ثم نقلت ريم العلاف عضو وفد الإئتلاف المرافق للجربا، والتي حضرت اللقاء مع الرئيس الأميركي، أن "أوباما شدد جداً على أمرين هما وحدة المعارضة السورية وتنظيم العلاقة بين الأطراف السياسيين والأطراف العسكريين"، كما "شدد على أن الولايات المتحدة لا تنظر إلى سوريا فقط من باب مكافحة التشدد والإرهاب، بل أيضاً يريد أن ينظر إلى المستقبل".
ثانيا: توافق الرؤية الأميركية مع مطالب الجربا:
1. الجربا من جهته دعا بدوره الإدارة الأميركية إلى اقامة منطقة حظر جوي، ودعا بوضوح في جامعة جورجتاون إلى فرض منطقة حظر جوي لتتمكن المعارضة السورية من السيطرة على أرض محددة بدون تهديد من طيران النظام.
2. سعى الجربا إلى تعريف أعضاء الكونغرس بالمعارضة السورية ورؤيتها وشدد على أنه والإئتلاف الوطني يمثّلون أطياف الشعب السوري ولديهم رؤية لسوريا ديموقراطية تعددية تعيش فيها الأكثرية مع الأقلية بكل حقوقهم، كما كرر رفضه للإرهاب والتطرف.

3. أكد الجربا وأعضاء الائتلاف للأميركيين أنهم الطرف الثالث الذي يستحق المساعدة، وأنهم البديل عن النظام الدكتاتوري والتنظيمات الإرهابية، وحذّر الجربا في خطاب بجامعة جورجتاون من أن ما يحدث في سوريا يجب التعامل معه لأن ما يحدث في سوريا لن يبقى في سوريا.

4. أبلغ الجربا الإدارة الأميركية أن الإئتلاف الوطني يريد إقامة علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة، وإنه يعرف تماماً أن الزيارة ستكون بداية فقط.
ووفقا لمراقبين، يبدو أن الجربا حقق هذا الهدف، لأنه حظي بمعادلة مهمة رسمها بيان البيت الأبيض بعد لقاء أوباما ورايس مع الجربا ووفد الائتلاف، حيث قال من جهة
وقد ترتب على ذلك تصريح اوباما الذي أعلن فيه "إن الولايات المتحدة لا تعترف بالإنتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا"، و "إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب المعارضة المعتدلة والشعب السوري في جهدهم لإنهاء هذا النزاع وفي تسهيل الإنتقال السياسي".
يومها قال مراقبون "إن نتائج هذه المعادلة ستظهر لو تماسكت المعارضة السورية وأثبتت جدارتها على الساحة".
حين كان الجربا يجول عددا من الولايات الأميركية، يعبئ الرأي العام الأميركي، ومراكز الدراسات والأبحاث، إلى جانب مظلومية الشعب السوري، كان الملك عبد الله الثاني موجودا في واشنطن، وقد عاد إلى عمّان، بعد ستة أيام من التقاء اوباما للجربا.. وبالتأكيد بعد أن أبلغ بوجود تطورات مقبلة على الموقف الأميركي من الحدث السوري.
لقد عاد الملك إلى عمّان في الثاني والعشرين من آيار/مايو الجاري، في حين التقى الرئيس الأميركي اوباما الجربا في 14 من ذات الشهر.
ثالثا: توقيت إعلان قرار طرد سفير النظام السوري:
جاء قرار الملك طرد السفير السوري بعد فقط أربعة أيام من عودته من واشنطن، وفي اليوم التالي فقط لبدء مناورات "الأسد المتأهب" في حلقتها السنوية الرابعة، والتي تتم كلها داخل الأراضي الأردنية، وتتم هذا العام بمشاركة ثلاثة عشر ألف جندي من 22 دولة، من بينها خمسة دول خليجية (السعودية، قطر، الكويت، الإمارات، والبحرين).
رابعا: أسباب تغير الموقف الأردني لجهة حسم الموقف من نظام بشار الأسد:
تكمن هذه الأسباب فيما يلي:
1. انتهاز توفر فرصة تضمن تشكيل حكومة تمثل الكل السوري بدلا عن نظام الأسد والمتشددين الإسلاميين.
2. الرغبة في اقامة علاقات وطيدة مبكرة من النظام المقبل في سوريا، يبطل أية اعتراضات من النظام الجديد على التشديدات الأردنية مؤخرا على ثوار سوريا والمتطوعين الأردنيين إلى جانبهم.

3. تجنب عودة الإرهاب إلى الأردن، وهو ما حذر منه تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني في التاسع من الشهر الجاري.
4. أهمية تماهي الموقف الأردني من مواقف كل من الرياض والدول الخليجية، وواشنطن.. وكلها دول مانحة تسدد العجز السنوي في الموازنة العامة الأردنية، الذي يتراوح حول المليار دينار سنويا.
5. اقتراب انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يومي السبت والأحد المقبلين للبت في مصير مقعد سوريا الشاغر في جامعة الدول العربية.
خامسا: أسباب تعلل الأردن بتصرفات السفير المطرود:
رغم كل ما سبق، فإن عمّان ارتأت أن تبرر قرارها بتصرفات السفير السوري المطرود، حيث جاء في تصريحات صباح الرفاعي، الناطق بإسم الخارجية الأردنية، أن قرار طرد السفير بهجت سليمان اتخذ في ضوء تصرفات سابقة له، تم تجاوزها في حينه.
1. استمرار بهجت سليمان في إساءاته المتكررة وعبر لقاءاته الشخصية وكتاباته في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والموجهة ضد المملكة الأردنية الهاشمية وقيادتها ورموزها السياسية ومؤسساتها الوطنية ومواطنيها، والتي لم تتوقف رغم التحذيرات المتكررة له بعدم استغلال الضيافة الأردنية لتوجيه الإساءات ومنذ فترة طويلة.
2. إن سليمان استخدم أراضي المملكة كمنبر للتشكيك بمواقفها، وتوجيه الإتهامات الباطلة لها، وفي أكثر من موقع وأكثر من تصريح وأكثر من مرة، إضافة إلى أنه استخدم الأراضي الأردنية لتوجيه الإساءات المباشرة لدول عربية شقيقة وجارة للأردن، وقياداتها، والتي تربطها بالأردن أوطد العلاقات الأخوية وأمتنها (وذلك في إشارة إلى السعودية).
3. أن هذه الإساءات الموجهة للأردن ولأشقائه العرب من الأراضي الأردنية تعتبر خروجا سافرا على كل الأعراف والمواثيق الدبلوماسية، الأمر الذي يرفضه الأردن رفضا تاما.
4. أن قرار الحكومة باعتبار سليمان شخصا غير مرغوب فيه جاء بسبب عدم التزامه المتكرر بأدنى متطلبات العمل الدبلوماسي في دولة مضيفة تحتضن وتؤوي مئات الآلاف من مواطني بلده الذين لاذوا الينا طالبين الأمن والأمان في بلد الأمن والأمان والاستقرار.


طرد السفير وعلاقته بالأسد المتأهب..التوقيت مهم جدا

5/26/2014 8:28:48 PM
كتب عبد الباري عطوان في موقعه الالكتروني راي اليوم عن رؤيته لتوقيت طرد السفير السوري بهجت سليمان وعلاقة ذلك بتدريبات الاسد المتأهب السنوية، وإعلانات المعارضة عن قرب تدفق الأسلحة لها، والحديث عن "تسخين" الجبهة السورية الجنوبية من جهة الأردن ورفض "أصدقاء سوريا" – ومنهم الأردن – لانتخابات الرئاسة السورية، فضلاً عن تلميح هذه المنظومة لإحباط الانتخابات ولو بتدخل عسكري.

وفيما يلي نص المقال الذي كتبه عطوان بموقع "رأي اليوم" الذي يملكه:

لا نعرف من طفح كيله اولا قبل الآخر، سورية ام الاردن، نسأل هذا السؤال ونحن نتابع التصعيد المفاجيء الدائر حاليا بين الطرفين وانعكس على شكل تبادل طرد السفراء بين البلدين بطريقة تنبيء بخطوات اكبر في المستقبل القريب، وتكشف عن احتقان وصل فيما يبدو درجة الانفجار.
السفير السوري في عمان بهجت سلمان لم يتوقف مطلقا عن انتقاد بعض السياسات الاردنية بصوت عال جدا، والقيام بزيارات الى شخصيات اردنية، او دعوتها الى اجتماعات على العشاء في بيته الذي تحول الى شبه منتدى يومي او اسبوعي يلتقي في صالوناته المؤيدين لنظرية “المؤامرة” التي تتعرض لها سورية، ويرون فيها حربا لتمزيق البلاد جغرافيا وديمغرافيا واسقاط النظام القائم، ويعلنون دعمهم بكل قوة للنظام في مواجهتها، ويجاهرون علنا في الوقوف في خندقه.

لا يخامرنا ادنى شك بان السفير سليمان خرج عن الاعراف الدبلوماسية المتبعة بتعرضه بشكل علني لسياسات الدولة المضيفة نقدا وهجوما وتهديدا، ولكن اسمحوا لنا ان نكون كمحامي الشيطان، ونقول ان الاردن يتدخل ايضا، وبطرق اكثر قسوة في الشؤون الداخلية السورية سواء من خلال تسهيل دخول المقاتلين او الاسلحة، او من خلال فتح قواعده العسكرية لتدريب قوات المعارضة السورية وباشراف امريكي.

***

فليس من قبيل الصدفة ان يأتي طرد السفير السوري من عمان، وامهاله 24 ساعة فقد للمغادرة، متزامنا مع بدء مناورات “الاسد المتأهب” العسكرية التي تجري حاليا قرب الحدود السورية الجنوبية وتستمر حتى الثامن من الشهر المقبل، وتشارك فيها قوات من 19 دولة ابرزها امريكا وتركيا، والمملكة العربية السعودية، وقطر، واستراليا، والعراق، وبلجيكا، وبروناي، والامارات، وجمهورية التشيك، وفرنسا، وبريطانيا، وايطاليا، وكندا، وكازاخستان، والكويت ولبنان ومصر، والنرويج، وباكستان وبولندا، وفيلق من قوات التدخل السريع التابعة لحلف الناتو، ونسأل بعيدا عن البراءة: لمن “يتأهب” هذا الاسد.

لا نعتقد انه يتأهب لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي للاراضي المحتلة، ولا نعتقد ان هذه المناورات لها علاقة بايران التي وقعت معها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، المشاركة في هذه المناورات، اتفاقا نوويا ادى الى تخفيف الحصار عنها، اي ايران، وفك التجميد المفروض على ملياراتها في البنوك الغربية.

توقيت اتخاذ عملية الطرد هذه ينطوي على معان خطيرة جدا لا يستطيع المرء تجاهلها بسهولة ويمكن ايجازها في النقاط التالية قبل استخلاص النتائج المتوقعة:

*اولا: اعلن السيد احمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض يوم الاحد ان تدفق الاسلحة الامريكية والعربية النوعية الى الفصائل المسلحة التي تقاتل لاسقاط النظام في سورية سيبدأ في غضون ثلاثة اسابيع وبهدف تغيير الموازين في ميادين القتال لصالح المعارضة.

*ثانيا: تتزايد التوقعات حول قرب “تسخين” الجبهة الجنوبية السورية المحاذية للاردن وتفعيلها بحيث تكون منطلقا وارضية للهجوم على دمشق (تبعد درعا حوالي مئة كيلومتر عن العاصمة السورية)، وتشير تقارير اخبارية الى احتمالات مشاركة قوية للاردن في عملية التسخين هذه لوجستيا على الاقل.

*ثالثا: اعلان الائتلاف الوطني السوري على لسان عضوه السيد احمد جقل ظهر اليوم عن تسمية رجل الاعمال السوري الشاب محمد مروح ممثلا له في الاردن ليحل محل السفير المطرود السيد سليمان، ولا نعتقد ان هذا التعيين جاء من قبيل الصدفة، وانما مخطط له منذ فترة طويلة وبالتنسيق مع السلطات الاردنية، وفي اطار خطة بدأت في واشنطن ولندن وباريس، والاخيرة فتحت سفارة للائتلاف فيها.

*رابعا: معارضة منظومة “اصدقاء سورية” الشديدة للانتخابات الرئاسية السورية، واعتبارها “مهزلة” وقتلا للحل السياسي وقرارات مؤتمر جنيف، واعادة تأكيدها مجددا على عدم شرعية النظام السوري الحالي، ورفض اي دور له في مستقبل سورية وتلميحها الى احتمال التدخل العسكري لاحباطها، والاردن كان مشاركا في الاجتماع الاخير الذي انعقد قبل اسبوع في لندن، والعاهل الاردني عبد الله الثاني زار العاصمة البريطانية في الفترة نفسها، والتقى مسؤولين بريطانيين وكان الملف السوري محور المناقشات.

نعترف بان الاردن صبر كثيرا على بعض التجاوزات “الاعلامية السياسية” سواء من قبل السفير او وسائل الاعلام السورية المرئية والمكتوبة، ووجه تحذيرات للسفير سليمان اكثر من مرة بسبب اقدامه على ممارسات صنفها مسؤولون اردنيون في خانة “الاستفزاز″ ولكن التصعيد ربما لا يكون في اعتقادنا من مصلحة الاردن الذي عمل دائما على التهدئة، وكظم الغيظ، وعدم الانجرار بالتالي الى معارك سياسية او دبلوماسية، وربما لا نبالغ اذا قلنا ان اي تصعيد من جانبه (الاردن) قد لا يكون في صالحه.

نشرح اكثر ونقول ان النظام السوري كان دائما مصدر تهديد امني للاردن، ولذلك لجأت القيادة الاردنية على مر العقود الماضية لاخذ هذا التهديد بمجمل الجد، وعمدت دائما الى معالجة التوتر في العلاقات بالصبر والحكمة وتطويقه في اسرع وقت ممكن.

اذكر مرة انني كنت على موعد مع العاهل الاردني الملك حسين بن طلال (رحمه الله) في الديوان الملكي في اوائل التسعينات، وكان يدخن بشراهة، ووجهه مليء بعلامات الغضب، فسألته بتردد شديد عن اسباب غضبه، وكان معي الزميل بسام بدارين، فقال تصور يا اخي كنت قبل وصولك على اتصال مع الرئيس السوري حافظ الاسد للاطمئنان والتواصل، وترطيب الاجواء، واكتشفت في حينها انه كان مجتمعا مع الرئيس حسني مبارك ولم يقل لي مطلقا انه اي الرئيس مبارك يجلس بجانبه ويرسل لي سلامه وتحياته مثلما تجري العادة بين الزعماء، واضاف العاهل الاردني لا افهم هذا التصرف، ولكني مضطر لمسايرتهم لتجنب اذاهم.

صحيح ان النظام السوري يمر بظروف صعبة قد يفسرها البعض بانها وضعته في حالة ضعف، فهو يحارب على كل الجبهات تقريبا، ويخوض معارك دموية طاحنة مع اكثر من الف فصيل معارض تحظى بدعم قوى اقليمية وعالمية عظمى، تنفق المليارات من الدولارات نقدا او لتمويل صفقات تسليحها ولكن الصحيح ايضا ان النمر الجريح يكون اكثر خطورة من النمر الصحيح المعافى، وليس هناك لدى النظام السوري الكثير مما يمكن ان يخسره في ظل حالته هذه.

***

هناك اكثر من مليون لاجيء سوري في الاردن والحدود مفتوحة على مصراعيها بين البلدين، وصفقات الاسلحة، والمقاتلين، تقطع هذه الحدود في الاتجاهين، والاردن اعلن اكثر من مرة عن ضبط شحنات اسلحة، كما قصف اكثر من مرة قوافل مهربين ومقاتلين.

من الصعب التفريق بين من هو مؤيد للنظام السوري ومن هو معارض له، واي الخلايا نائمة وايها صاحية، والعاهل الاردني قال لمحرر هذه الصحيفة ان هناك اكثر من 17 جهازا امنيا سريا في سورية لا تنسق بل ولا تعرف عن بعضها البعض.

راس مال الاردن الحقيقي هو امنه واستقراره في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيش في ظلها حاليا، وربما يكون من الحكمة الاستمرار في نهج التهدئة وتجنب التصعيد اذا كان ذلك ممكنا ومتاحا، وعدم التجاوب مع التحريض على توتير الاجواء وقطع العلاقات مع الجار السوري من قبل بعض العرب.

ندرك دائما ان الاردن ليس دولة عظمى، وانه محكوم بظروف داخلية وخارجية صعبة، يضطر في احيان كثيرة لمراعاتها، والتجاوب مع الضغوط المترتبة عليها، ولكننا ندرك ايضا ان الاندفاع غير المدروس مع هذا التجاوب قد يؤدي الى تبعات خطيرة، بل خطيرة جدا عندما يتعلق الامر بالتورط بطريقة اعمق في المستنقع الدموي السوري الحالي وفي وقت تتغير فيه موازين القوى لصالح النظام وحلفائه.

راي اليوم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نيويورك تايمز: بوتين من الانزلاق من رجل دولة إلى طاغية !

ريتا محمود درويش هل هي تمارا بن عامي أم تانيا رينهارت ؟ The Beloved Jewish

الحراكات والإسلاميين ينظمون مسيرة اصلاحية كبرى عشية الإنتخابات