جمال ناجي و تيسير نظمي يحييان أمسية قصصية ونقدية دون الحاجة لرابطة كتاب !!
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
فيسبوكيات حركة إبداع : أمسية قصصية ونقدية لجمال ناجي وتيسير نظمي دون مجاملات
تيسير نظمي و جمال ناجي |
الكذاب
ألحت زوجته عليه من أجل شراء ثلاجة جديدة بدلا من تلك الصدئة التي لم يغيرها منذ زواجهما ، قبل عشرين عاما.
قال لها : لا أملك ثمن ثلاجة الآن .
سألته بفظاظة : متى سيكون معك ؟
أجاب: ستصلني حوالة خلال أيام .
كيف السبيل إلى إسكاتها بضعة أيام ؟
جرب الاحتجاج ، جرب الصياح في وجهها ، جرب كل شيء ولم يفلح. لم يبق إلا الكذب .
الكذب هو الحل ، عله يرتاح قليلا من جحيم مطالباتها ، يريد أن يرتاح ، أن يفكر .
فكر في منافع الكذب في حالته ، دونها على دفتر صغير :إسكات الزوجة ،إضفاء شيء من الرضا على ملامحها، التحرك والتنفس بحرية في البيت، العودة إلى التأمل الذي شرّدته منذ زمن بمطالبها ومشاكساتها .
كل هذا يتحقق حينما يكذب ، فلم لا يفعلها هذه المرة ويحصل على هدنة مع الزوجة ومع الحياة ذاتها ؟
قال لها : عندما تصلني الحوالة ، سأغير الثلاجة والغسالة أيضا.
- هذا يعني أن الحوالة محرزة . قالت له بنبرة ترجيحية ، فأجاب :
- نعم محرزة .
فتهلل وجهها . ثم سرعان ما عبست :
لكن، كل اهل البلد ينتظرون حوالات ، جارتي التي استدانت مني عشرين دينارا ، وأختي التي توقف زوجها عن العمل ، وابن عمك الذي عاد من الغربة مفلسا ، كلهم يقولون بأنهم ينتظرون حوالات ..
عاش بهدوء أربعة أيام ، وفي اليوم الخامس سألته عن الحوالة وهي تقرأ ملامح وجهه علها تشي بما يكنّ ، لكنها لم تظفر بما يعزز شكوكها ، عادت تشاكسه ، تسأله عما إذا وصلت الحوالة ، وعما إذا كان ثمة حوالة أصلا ، وفي كل مرة يؤكد لها أن الحوالة ستصل ، على الرغم من معرفته بأن مسألة الحوالة كلها محض كذبة لا أساس لها من الصحة ، كذبة أتاحت له فرصة العيش بهدوء بضعة أيام .
في اليوم السادس أيقظته من نومه صباحا ، صاحت به ، وصفته بالكذاب ، قال لها بأن الحوالة ستصل ، بذات الطريقة التي قالها عشرات المرات ، ازدادت غيظا وعنفا ، فتمادى في كذبته :
سأتصل بالبنك وأسأل عن الحوالة .
هزت رأسها بغضب ،رفع سماعة الهاتف ممعنا في كذبته ، حيا موظف البنك الذي رد عليه ، ثم سأله عن حوالة مالية، ممليا عليه اسمه ورقم حسابه ..
ولقد راعه أن موظف البنك أجابه : نعم وصلتك حوالة بالأمس ، ألفي دينار !!!
تعليقات