مهمات معسكر الإعتدال العربي المستعاد
مهمات معسكر الإعتدال العربي المستعاد
24/07/2013
شاكر الجوهري
مثلت زيارة الملك عبد الثاني للقاهرة السبت
خطوة متعددة الإتجاهات، وبثت أكثر من رسالة في أكثر من إتجاه.
سرعة القيام بالزيارة، تأتي في سياق أداء
الدبلوماسية الأردنية، التي تحرص تاريخيا على تحقيق قصب السبق فيما يتعلق بالتحولات
المفصلية في الإقليم، كما فعل الملك حسين في كانون أول/ديسمبر 1964، حين وجه جمال عبد
الناصر دعوته لعقد أول مؤتمر قمة عربي، عبر خطاب جماهيري القاه في مدينة بورسعيد، ووجه
فيه شتائم غير مسبوقة لملك الأردن.
يومها، صدرت أول موافقة عربية على تلبية
دعوة عبد الناصر من عمان، في حين تأخرت الموافقة السعودية ثلاثة ايام..!
زيارة الملك عبد الله الثاني للقاهرة الآن،
بعد أيام قليلة على الإنقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، تأتي في ذات المستوى
من الأهمية.
سنة 1964 مثلت دعوة عبد الناصر لأول قمة
عربية خطوة أولى على طريق إعادة بناء معادلات النظام العربي، ولم يكن متصورا أن يتخلف
الملك حسين عن الركب.
والآن، فإن الإنقلاب المصري من وجهة نظر
اقليمية، يضع اللبنات الأولى لإعادة بناء معسكر الإعتدال العربي.. فلا بد للأردن الذي
امتنع ـ خلافا للعادة ـ عن محاولة اللحاق بالخطوات المصرية في عهد مرسي، نظرا لأهمية
الدور القيادي لمصر في الوطن العربي.. لا بد له من أن يكون الآن في مقدمة الركب..
مرة واحدة تخلف الأردن، بسبب عاملين رئيسين
عن أن يكون في الركب الذي يضم مصر والسعودية.. حين قرر عدم المشاركة في قوات حفر الباطن
سنة 1990/1991.
السبب الأول: المعادلة الداخلية الأردنية،
حيث كانت مظاهرات الأردنيين تشق عناء السماء بهتافاتهم المؤيدة لصدام حسين.
السبب الثاني: أن عراق صدام حسين كان يقدم
مساعدات نفطية سخية للأردن.
زيارة مصر التي حصلت على دعم مالي عربي
غير مسبوق فور نجاح الإنقلاب العسكري، تضع الأردن الآن في قلب تيار الإعتدال العربي
الذي يعاد بناءه الآن، بعد أن تهدمت اساساته جراء الحراكات الشعبية التي أسقطت نظامي
مصر وتونس.
ها هو التاريخ يعيد ذاته.. حقبة مصرية ـ
سعودية جديدة لا مصلحة للأردن في أن يظل خارجها.. خاصة وأن الحقبة المصرية ـ السعودية
السابقة دامت منذ وفاة عبد الناصر في 28 ايلول/ سبتمبر 1970، وتولي أنور السادات رئاسة
الجمهورية حتى سقوط حسني مبارك في شباط/فبراير 2011..!
واحد وأربعون عاما..
هذا المعسكر يضم اضافة إلى مصر والسعودية
والأردن معظم الدول الخليجية، والسلطة الفلسطينية.. ولن يظل لبنان خارجه لفترة طويلة.
لكنه في هذه المرة معسكر إعتدال بدون معسكر
مقاوم.. أو ممانع.. أو متشدد..
نظام القذافي سقط..
ونظام الأسد قيد السقوط..
وحركة "حماس" اضطرت لأن تغادر
قياداتها دمشق.. وطهران قطعت الدعم والتمويل عنها.. ولا مصالحة في الأفق تجمعها مع
محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.
عباس الذي كان أكبر الخاسرين بسقوط نظام
مبارك.. هو الأن أكبر الرابحين بسقوط مرسي..
وعباس قطعا هو ضمن معسكر الإعتدال العربي..
في ضوء ذلك، فإن السياسات الأردنية خلال
الفترة المقبلة ستركز على:
أولا: تصعيد الخلاف مع جماعة الإخوان المسلمين
وحزبها جبهة العمل الإسلامي داخل الأردن، والحملات الإعلامية التي تستهدف الجماعة وحزبها.
ثانيا: عدم الإستجابة لأية مطالب اصلاحية
جديدة في الداخل الأردني.
ثالثا: احتمالية الإنخراط بحماس في دعم
الثورة السورية الساعية إلى اسقاط بشار الأسد.
مخطط أطراف معسكر الإعتدال العربي تعمل
الآن على تسريع سقوط نظام الأسد، لأسباب تتعلق بضرورة تسريع تفكيك المعسكر السوري الإيراني
الذي يضم كذلك العراق، وحزب الله.
الأطراف الإقليمية المعنية بإسقاط الأسد،
والإسراع في إنجاز هذا الهدف، معنية في ذات الآن بإضعاف جبهة النصرة، والإخوان المسلمين
في سوريا، الذين يشاركون ضمن الجيش الحر في القتال ضد النظام.. فضلا عن وجود حدات قتالية
مستقلة لهم.
أحد أبرز الشروط التي توضع الآن على الجيش
الحر، أن لا تصل المساعدات التي يتلقاها للإخوان المسلمين.
أما جبهة النصرة فهي ذاهبة إلى حرب واسعة
مع الجيش الحر يتوجب حسمها ـ من وجهة نظر أطراف معسكر الإعتدال العربي ـ قبل إسقاط
الأسد.
رابعا: طي صفحة المصالحة مع حركة
"حماس"..
الحملة الإعلامية المصرية على حركة
"حماس" تتزامن معها حملة إعلامية اردنية مشددة على جماعة الإخوان المسلمين
في الأردن، تطال حركة "حماس".
خامسا: الإستمرار في عرقلة العلاقات الإقتصادية
والتجارية والسياحية مع إيران.. الجفاء الذي تعامل به ناصر جودة وزير الخارجية الأردني
مع وزير خارجية إيران علي أكبر صالحي الذي زار عمان مؤخرا لا تزال شاخصة في الذاكرة.
سادسا: تنشيط الجهود في دعم المعارضة التونسية
الساعية إلى إسقاط نظام حركة النهضة الإسلامية.
سابعا: رفع مستوى الدعم السياسي والمالي
لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، الذي اضطرته الضغوط العربية (وفقا لعباس زكي عضو
اللجنة المركزية لحركة "فتح") ليقبل استئناف المفاوضات مع اسرائيل.
ثامنا: بذل جهود استثنائية من قبل هذا المعسكر
لتحقيق حل سياسي نهائي للقضية الفلسطينية.
دون هذا الحل، لا حل لأي من الأزمات الكبرى
في المنطقة.
تاسعا: كل هذه المشاركات الأردنية في تنفيذ
توجهات معسكر الإعتدال العربي تستحق دعما ماليا أكبر من هذه الأطراف للأردن.. الذي
تعاني موازنته من عجوزات مزمنة.. كانت باكورة هذه المساعدات رفع حجم المساعدات الأميركية
إلى مليار دولار سنويا.
عاشرا: القوى والأحزاب القومية واليسارية
التي حاربت انتصارات التيار الإسلامي بقوة، وسعت للتحالف مع أنظمة الإعتدال العربي
ستواجه بعنف وقوة هي الأخرى، خاصة:
1. أنها لا تشكل حجما يحسب له حساب في أي من
الأقطار العربية.
2. أنها متحالفة مع إيران.. الهدف المرحلي الرئيس
لمعسكر الإعتدال العربي.
يجدر هنا ملاحظة تصريحات نبيل فهمي وزير
خارجية مصر الجديد حين سؤل عن موقف مصر من ثورة الشعب السوري في أول مؤتمر صحفي عقده
السبت.. قال فهمي إن مصر مع ثورة الشعب السوري، لكنها لن تذهب لتجاهد في سوريا..
يجدر بالذكر أن الرئيس مرسي كان أعلن الجهاد
ضد النظام السوري.
القاهرة، وكذلك عمان ستسعيان بكل جدية من
أجل اسقاط النظام السوري، وستعملان بذات المستوى من الجدية من أجل الحيلولة دون وصول
الإخوان المسلمين للسلطة في سوريا.
ليس فقط لأن معسكر الإعتدال العربي يريد
ذلك، وإنما كذلك ـ مرة أخرى ـ لأن تنظيمات اليسار في مصر والأردن متحالفان مع دمشق
وطهران..!!!
إيران كانت ممولا رئيسا لتنظيمات يسارية
مصرية هيأت الظروف للإنقلاب على مرسي، وهي قوى لا بد لمعسكر الإعتدال من انهاكها قبل
أن يفعل التمويل الإيراني فعله من جديد.
تعليقات