أقصوصتان من ثلاث بصوت القاص تيسير نظمي في آخر أمسية له في الأردن

محمود الريماوي يكتب عن عالم تيسير نظمي القصصي ، لقراءة الدراسة المقالة إضغط هنا 

ثلاث أقاصيص لتيسير نظمي

1­- الكأس المكسور

ليس أسوأ من أن تشرح الحب فلكل حب ما هو غامض فيه لا تعرف كيف تفسره أو أن تعرف السحر فيه لأنك لو عرفت ذلك لبطل السحر والعذب الغامض فيه، لكننا أحيانا نجد أنفسنا دون قصد من أحدنا ألغينا تلك المسافة التي تبقي عليه . هذا ما خطر ببالي عندما أردت أن أكتب عن الكأس المكسور الذي لم أعد أعرف منذ متى كسر، ليس تماما بل تم شرخه دون أن يفقد صفته ككأس، رغم أنه فقد وظيفته فلا تستطيع أن تملأه بساخن أو بارد ، و لو أنني فعلت ذلك من قبل لتكسر إلى شظايا وتفتت تماما. لكنني لأمر لا أعرفه تماما حافظت عليه كما لم أحافظ على قلبي المصاب بأكثر من ضيق في الشرايين ولم أزل أدخن. فتلك التي كان بيننا اتفاق سري أن نختلي على مطلع الدرج فأحضنها ونصاب سويا بدوار لذيذ نكرره مرات ومرات لم تكسر قلبي تماما عندما كبرت وأصبحت في صف سادس وكذلك الأمر مع تلك التي ارتبطت في خيالي برائحة الخبز الساخن عندما كنت ألاحقها كي تترك لنفسها فسحة من الوقت بانتظار دورها في فرن القرية فتغادر إلى بيت أقاربها غير البعيد فنلتقي ونتحدث عن الشوق اللاهب في شراييننا وتحمر وجنتاها من النشوة والخجل مما أقوله لها قبل أن يحمر رغيف الخبز من عجينها الطري،  سافرت بغير عودة وغادرت قريتنا قبل أن أصبح في الأول إعدادي – صف سابع- لم تكسر قلبي تماما هي أيضا كما لم تترك به شروخا كثيرة إلا من سرعة اتخاذها لقرار الزواج وبالتالي قرار النسيان ، أما عندما كبرنا قليلا فقد كان لزاما على شخص مجد مثلي أن ينأى قليلا عن من يحب فلا هي تندلق ولا أنا ، كي لا يتكسر الكأس مما هو ساخن ولا مما هو موحش بارد كالثلج أيضا حيث تغدو المسافة في منتهى الدقة مابين اللمس والهمس والقبلة دونما الانفجار المباغت الأسرع من توقعاتنا بسكر على حين غفلة لا نعرف نهاياته تماما و كذلك هو الكأس اليوم مثل قلبي تماما .



Levy's Eyes


كما لو كان ميتا من ألف عام بدت جثته النحيلة المسجاة عندما تحلق حوله الصديق وشبه الصديق والرفيق ومشروع الرفيق والأخ الشقيق والأخ العتيق والسادة وبعض الرقيق. نادته من مسافة بعيدة وراءه حين ظل سائرا على الدرب: تيسير يا تيسير ! سمعها وميز صوتها ولم يلتفت للوراء كأنه لم يسمع شيئا من ورائه سوى آخر المخبرات من أجل بضعة دنانير تعتاش يومها منها و تتجول من ركن إلى ركن باحثة عن خبر أو إفادة ممكنة. ظل في طريقه الحالك يسير حتى تذكر الاسم السري لابنه الذي لم يسجله في شهادة ميلاده أو في دفتر العائلة وبطاقات الأحوال : ليفي ! وخاله يسير بقربه ومعا يمضيان فقال له: هل سمعت أحدا يا ليفي؟ فسر قلبه للرضى في عينيه والنفي.. ظلا يسيران إلى أن علت من ورائهما الحرائق وارتفع الدخان قبل أن يغيبا في الأفق.






The Eastern Side Of The Mountain



قال العابر ، وكوب الماء في يده ، مستغربا : أليست هذه عين زكري ؟ ولم يجبه الفتى الواقف يتأمله على الشارع العام الذي يصل مدينة نابلس بمدينة جنين. ثم تساءل موضحا : هذا الماء قد غدى مالحا أليس كذلك ؟ ولم ينتبه الاثنان لأغنية خافتة الصوت تقول من سفح الجبل وتتدلى من دالية العنب : يا جبل البعيد خلفك حبايبنا ، ولا انتبه الاثنان أيضا ، العابر والفتى ، من الجهة الغربية، لجبل بنات يعقوب ،  لنبع الماء الذي أخذ يشح ويتغير طعمه كلما سمعت فيروز تغني في الشمال من جهة جبل الشيخ : يا جبل ... منذ صيف حزيران 67 وجبل القبيبات يرقب ثلوج جبل الشيخ شمالا وجبال نابلس جنوبا ويرى زرقة المتوسط وبعد طول ثبات جلمود الصخر فيه شرع أخيرا يرسل مياه ينابيعه في كل اتجاه ،كما لو كان يبكي...




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نيويورك تايمز: بوتين من الانزلاق من رجل دولة إلى طاغية !

ريتا محمود درويش هل هي تمارا بن عامي أم تانيا رينهارت ؟ The Beloved Jewish

الحراكات والإسلاميين ينظمون مسيرة اصلاحية كبرى عشية الإنتخابات