أول برلمان شبابي "فيسبوكي" لمراقبة النواب في الأردن


الكاتبان اليساريان تيسير نظمي و الدكتور هشام البستاني مؤسس منتدى جدل في رحاب مقهى جدل الثقافي


تدشين أول برلمان شبابي "فيسبوكي" لمراقبة النواب
4 آذار – مارس 2013
عمان- حركة إبداع - في مقهى «جدل» الواقع في درج «الكلحة» العتيق وسط العاصمة الأردنية عمان، تجلس العشرينية إيناس الكسواني مع رفاقها نهاية كل أسبوع، يتحدثون عن الشأن الأردني ودورهم في تحقيق «الإصلاح المنشود»، بعيداً من أجواء العنف التي عاشتها دول مجاورة على وقع ربيع ملطخ بالدم.
«لا أنتمي إلى أي حزب سياسي»، تقول إيناس التي تدرس الحقوق في الجامعة الأردنية أقدم المؤسسات التعليمية في الأردن.
وتضيف: «كل ما يهمنا هو النهوض في البلاد، وصون مقدراتها، وتحقيق تطلعات شعب ذاق الأمرين».
الأحاديث الكثيرة وغير المتجانسة التي تشهدها جلسات هؤلاء الشباب في إحدى زوايا المقهى المشيد على ربوة قديمة في قاع المدينة التي تعاني الفقر والحرمان، والتي ظلت طيلة الأشهر الماضية مسرحاً لتظاهرات واحتجاجات تطالب بمحاربة الفساد، تذكر بحقيقة واحدة مفادها أن وعياً شبابياً جديداً بدأ يتشكل، وأن الأردن اليوم ليس كما السابق.
وعلى شرفات المقهى المطل على شوارع ضيقة وبقيا أزقة مليئة بالحفر، دشنت إيناس ومجموعتها بتمويل ذاتي أول برلمان شبابي ينتخبه الشباب أنفسهم عبر موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فايسبوك»، ليكون بمثابة المؤسسة التشريعية «الموازية» لمجلس النواب الأردني السابع عشر، التي «تراقب» أداءه.
وعلى صفحات التواصل صوت قرابة 3 آلاف شاب تزيد أعمارهم عن 18 سنة على قوائم رشحت للبرلمان، واختارت شعارات وأسماء ساخرة لمحاكاة الواقع الذي تعيش، فأطلقت واحدة على نفسها اسم «الهنود الحمر» وأخرى «الإفلاس الوطني» وثالثة «اللاجئين الأردنيين في الأردن».
ولم يتردد شبيبة البرلمان الجديد في إطلاق رسائل «الاحتجاج» في كل الاتجاهات، منددين بالقانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لاعتماده إلى حد كبير مبدأ «الصوت الواحد»، وحرمانه فئة الشباب ممن تقل أعمارهم عن 30 سنة الترشح الى مجلس النواب.
وشغل جزء من الـ 150 مقعداً في المجلس الذي لم يمض على تشكيله بضعة أسابيع، أعضاء كانوا أوقفوا قبل أيام قليلة من الانتخابات بتهمة استخدام «المال السياسي»، ما جعلهم في نظر مجموعة إيناس «لا يملكون الكفاءة لشغل منصب (مشرّع) في البرلمان».
لكن الملك عبدالله الثاني رهن بقاء المجلس حتى نهاية مدته (4 سنوات) «بمــدى رضا الـشارع عن أدائه»، وتحدث صراحة عن مجموعة إجراءات ملكية في طريق الإصلاح الوطني للبلاد، أهمها تعديل القانون الذي لم يسلم من النقد طيلة الأشهر الماضية.
كما طالب الملك الشباب بتشكيل أحزاب سياسية جديدة، موجهاً نقداً لاذعاً إلى الأحزاب التقليدية القائمة.
وعلى رغم الانتماءات المختلفة لبعض أعضاء البرلمان الشبابي من إسلامية ويسارية وقومية، أكدوا منذ اللحظة الأولى رفضهم تأطير حراكهم تحت مظلة قوة سياسية بعينها، مؤكدين توحدهم على القسم الذي يلهجون به في كل لقاء، وهو «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن والشعب». نقطة على السطر.
«الشعور بعدم تمثيلنا في مؤسسات الدولة دفعنا إلى تدشين هذا البرلمان»، تردد إيناس كثيراً خلال لقائنا بها عند غروب ذلك النهار، وهي الفائزة الوحيدة عن قائمة «الغالبية الصامتة».
تتحدث بأسى عن شعورها بعدم التمثيل الحقيقي للشباب في مجلس النواب. وترد هذا الشعور إلى أن «قانون الانتخاب المشوه لا ينتج سوى مجلس مشوه أيضاً».
وتمضي قائلة: «نعبر عن آرائنا بكل سلمية، ونسعى إلى تفعيل الرقابة الشعبية على أداء المجلس والحكومة، ومخاطبة المؤسسات الدولية في شأن الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون».
في هذه الأثناء، كان الشاب معاوية باجس صديق إيناس في البرلمان يتحدث عن بداية الفكرة التي قادت إلى أول كيان سياسي يمثل شباباً أردنياً من مختلف الآراء والتوجهات.
يقول: «كثيرون من أعضاء البرلمان الجديد كانوا منخرطين في الحراك والملتقيات الشبابية، والعديد منهم مستقلون. تعرفنا على بعضنا البعض من خلال «فايسبوك» و «تويتر»، في محاولة لإشراك الشباب في صنع القرار حتى لو لم يكن ذلك ملموساً على أرض الواقع».
ويتابع: «ترشحت عن قائمتي التي فازت بغالبية مقاعد البرلمان الـ27، واخترنا لها اسم «الهنود الحمر»، فحال السكان الأصليين في الأردن لا يختلف عن حال الهنود الحمر في أميركا، وهم السكان الأصليون الذين عانوا الفقر والتهميش».
وعن أبرز التحديات التي واجهت أعضاء البرلمان، يقول معاوية: «واجهتنا تحديات كثيرة أبرزها التشكك بالفكرة والاستهزاء بالقائمين عليها من جهة كثيرين، لكن ذلك لم يفت من عضدنا».
العشريني عبدالرزاق عواد والفائز عن قائمة «الحالة تعبانة» التي استوحت اسمها من إحدى الأغاني الشهيرة للفنان اللبناني زياد الرحباني يستفيض في الكلام عن فكرة البرلمان. ويشرح بحزن ما يشعر به كشاب أردني في ظل قانون انتخاب لا يعبر عن طموحاته: «على رغم أن أغلب المرشحين لمجلس النواب يستقطبون الشباب لتسيير حملاتهم الانتخابية ومدهم بأشكال العون المختلفة، فإن القانون الذي تجرى على أساسه يمنعهم الترشح على المجلس، وكأن من صاغه يريد أن يصدر أحكاماً مسبقة على الشباب بافتقارهم الوعي السياسي».
البرلمان الوليد كما يرى هذا الشاب الذي جعلت منه الثورات العربية كما يبدو، أكثر وعياً وإدراكاً لما يجري حوله، يمثل «فرصة للتعبير بطريقة بناءة، عوضاً عن الاكتفاء بحراك قد لا يجدي نفعاً، خصوصاً تلك الأنشطة التي يتخللها أعمال عنف».
وبينما يطمح أعضاء هذا البرلمان في أن يحظى بحيز فعلي على الوجود وأن يكون بمثابة برلمان «الظل» الذي يحوز الدعم لدى الدول المتقدمة، تواصل حركات معارضة تعرف مجتمعة باسم «الحراك» احتجاجها في الشارع.
ويركز هؤلاء في شكاواهم على الفساد وتدني الخدمات والبطالة. كما يعبرون عن استيائهم من الخصخصة وغيرها من إصلاحات السوق التي تهدف إلى الحد من الإنفاق الحكومي الذي يستفيدون منه.-(الحياة اللندنية- تامر الصمادي)





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نيويورك تايمز: بوتين من الانزلاق من رجل دولة إلى طاغية !

ريتا محمود درويش هل هي تمارا بن عامي أم تانيا رينهارت ؟ The Beloved Jewish

الحراكات والإسلاميين ينظمون مسيرة اصلاحية كبرى عشية الإنتخابات