رحيل القائد أبو موسى و المنظر إلياس شوفاني و الكاتب مؤيد العتيلي و الكاتب تيسير نظمي يعزي بالثلاثة
عباس يعزي بأبي موسى مقدمة لإعادة توحيد حركة "فتح"
31/01/2013
محمود عباس والمرحوم سعيد مراغة (أبو موسى) |
كلف محمود عباس رئيس دولة فلسطين احسان صالحة أحد قيادات حركة "فتح" في سوريا تقديم واجب العزاء بإسمه في كل من المرحومين سعيد موسى مراغة، أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح/الإنتفاضة" الذي توفي في العاصمة السورية الثلاثاء عن 86 عاما، بعد معاناة طويلة من المرض، والدكتور الياس شوفاني، الذي اعتبر المنظر السياسي والفكري لحركة "فتح/الإنتفاضة" بداية انشقاقها عن حركة "فتح" سنة 1983، وشغل عضوية لجنتها المركزية قبل أن يغادرها في وقت لاحق، والذي توفي هو الآخر خلال ذات الأسبوع.
المرحوم إلياس شوفاني |
وتأتي خطوة عباس مخالفة لقرار سابق للجنة المركزية لحركة "فتح" بحظر التواصل مع "المنشقين"، في إشارة إلى "فتح/الإنتفاضة".
وسبق لعباس أن تحدث مع المرحوم أبو موسى" على هامش حفل غداء اقامه الرئيس السوري للرئيس الفلسطيني في إحدى زياراته لدمشق، ودعي له جميع قادة الفصائل الفلسطينية في العاصمة السورية، في حين ظل فاروق القدومي أمين السر السابق لحركة "فتح" ملتزما بالقرار بشكل أقل مرونة من مرونة عباس، علما أن أبو موسى كان اتخذ مقرا لنفسه ولقيادته في مقر جمعية الصدافة الفلسطينية ـ السوفياتية، الذي كان مقرا لعباس قبل الإنشقاق، وظل يجلس على ذات المكتب الذي كان يجلس عليه عباس حتى وفاته..!
ويعتبر أبو موسى من أبرز القادة العسكريين في الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكان قد بدأ حياته متطوعا في صفوف ثوار فلسطين في حرب 1948، ثم التحق ضابطا في الجيش الأردني، قبل أن ينشق عنه سنة 1970، في ظل الإشتباكات المريرة بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين، حيث التحق بحركة "فتح"، التي إنشق عنها سنة 1983، على خلفية الصدام مع سياسات الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي كان بدأ العمل على الإنخراط في العملية السياسية لحل القضية الفلسطينية.
ورغم انشقاقه عن حركة "فتح"، ظل أبو موسى يحظى باحترام معظم قادة وكوادر حركة "فتح"، خاصة العسكريين منهم، وكان بعضهم يزوره سرا، وينقل له تفاصيل الخلافات داخل الحركة الأم، ويعمل على تشويه صورة خصومه أمام قائد "فتح/الإنتفاضة"، وقد توسط المرحوم أبو موسى لدى المسؤولين السوريين ليسمح له بزيارة دمشق، بعد أن كان محظورا عليه ذلك، معتقدا أنه يريد زيارته لأمر جلل، وفوجئ المرحوم بسبب الزيارة أنه يريد أن ينم على صديق سابق له، قبل أن يطرح على أبو موسى امكانية أن يفتح أمام حركة "فتح/الإنتفاضة" باب التمويل الإيراني، وعبر حزب الله اللبناني..!
وتشكل خطوة عباس استمرارا للسياسة التي انتهجها سلفه ياسر عرفات، الذي احتض القادة المنشقين عن "فتح"، أو اسرهم، خاصة سميح أبو كويك (قدري) ثاني أمين سر لحركة "فتح/الإنتفاضة"، عضو اللجنة المركزية السابق في الحركتين "فتح" ثم "فتح/الإنتفاضة"، والمرحوم نمر صالح قائد الإنشقاق، وأول أمين سر لحركة "فتح/الإنتفاضة".
وقد ظل الباب مفتوحا على الدوام لعودة المنشقين عن حركة "فتح"، وكان الرئيس الراحل عرفات تبادل مراسلات خطية مع قادة حركة "فتح/الإنتفاضة"، بمبادرة منهم (المرحوم أبو خالد العملة نائب أمين السر، بعلم وموافقة المرحوم أبو موسى)، قبيل مرضه الأخير (تسممه) الذي أفضى إلى موته، وذلك بهدف إعادة توحيد الحركة.
ويبدو أن عباس يريد استئناف تلك الجهود بمبادرة منه في هذه المرة، على عتبة جهود جديدة على طريق تجسيد دولة فلسطين على الأرض، بعد قرار الأمم المتحدة الإعتراف بها دولة غير عضو في المنظمة الدولية.
وسبق للرئيس الراحل عرفات أن فتح باب العودة كذلك أمام كوادر في حركة "فتح/المجلس الثوري" بزعامة المرحوم صبري البنا (أبو نضال) في حياته، ومن ثم بعد مقتله في حادث غامض في بغداد، حيث تم احتضانهم في الأراضي الفلسطينية وإعادة صرف رواتبهم.
كلمة تيسير نظمي في ملف عزاء أبي موسى - سعيد مراغة - |
أبو كايد وأبو غسان |
تيسير نظمي و ابراهيم علوش |
الغارة الإسرائيلية: انقلاب الخط الاحمر
إلى ضوء اخضر!
صبحي حديدي
2013-01-31
ما دام إعلام النظام السوري لا يكذب فقط،
بصدد إغارة سلاح الطيران الإسرائيلي على مواقع عسكرية داخل سورية، بل يستغفل عقول البشر
على النحو الأشدّ ابتذالاً؛ فإنّ من الطبيعي لأي صاحب عقل، أو أي آدمي غير مغفل ببساطة،
أن يلجأ إلى المنطق البسيط، وبعض المعلومات الشحيحة، ليقلّب الرأي في أمر هذه الغارة.
المفارقة الدائمة، في ملابسات كهذه تحديداً، أنّ المرء ـ والمواطن السوري، بصفة خاصة
ـ يجد نفسه مضطراً لاستقبال سيل من التفاصيل الملموسة، تأتي من مصادر الإعلام الإسرائيلي،
ثمّ العالمي؛ تنبع جاذبيتها الأولى من أنها تتسم بدرجات من الترجيح المنطقي غير ضئيلة،
خاصة إذا ما وُضعت على محك المقارنة مع وقائع أخرى ذات سياقات مماثلة.
وهكذا، نقلت وكالة أنباء النظام (سانا)،
عن بيان لقيادة الجيش، التالي: 'اخترقت طائرات حربية إسرائيلية مجالنا الجوي (...)
وقصفت بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن
النفس الواقع في منطقة جمرايا بريف دمشق، وذلك بعد أن قامت المجموعات الإرهابية بمحاولات
عديدة فاشلة وعلى مدى أشهر للدخول والاستيلاء على الموقع المذكور'. في عبارة أخرى،
ما فشلت فيه 'المجموعات الإرهابية'، وهي التسمية التي يطلقها النظام على كتائب 'الجيش
الحرّ'، نجح في تنفيذه سلاح الجو الإسرائيلي؛ الأمر الذي يعني أنّ التنسيق بين العدو
الصهيوني والمعارضة السورية ليس على قدم وساق فحسب، بل هو يرقى إلى مصافّ تنفيذ المهام
العسكرية المباشرة، وخاصة ضدّ المواقع التي ترفع 'مستوى المقاومة' داخل صفّ النظام!
فهل يُلام المرء إذا ضرب كفاً بكفّ إزاء
هذا الاستغفال الفاضح، بقدر ما هو مفضوح، ومضى يلتمس تأويلاً أكثر عقلانية، في هذه
الرواية الأخرى: أنّ الغارة استهدفت قافلة عسكرية كانت تنقل شحنات من صواريخ SA-17 روسية الصنع، في طريقها إلى مخازن 'حزب الله'، في لبنان؟ ألا يجوز للمرء
ذاته أن يتذكّر 'المحرّمات' التي فرضتها إسرائيل على النظام، في الشطر التسليحي من
علاقاته مع 'حزب الله'، وعلى رأسها عدم السماح بمرور أسلحة صاروخية (مضادة للطائرات،
مضادة للزوارق الحربية، أو أرض/أرض بعيدة المدى وعالية الدقة، إيرانية أو روسية الصنع)؛
يمكن أن تغيّر 'قواعد اللعبة'، حسب تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت؟
وإذا جاز ذهاب المرء خطوة أخرى، كلاسيكية
بقدر ما هي مأساوية، فإنّ السؤال التالي يصبح تحصيل حاصل، واجباً في الواقع: ما قول
النظام 'الممانع'، في طائراته الحربية التي تقصف السوريين في قرى وبلدات ريف دمشق،
ثمّ تولّي الأدبار في وجه طيران العدو الإسرائيلي، الذي يعربد على مبعدة كيلومترات
قليلة؟ وما قول قيادة 'حزب الله' في هذا 'الانتهاك'، لكي لا ترد إلى البال مفردة 'عدوان'،
على 'سورية حافظ وبشار الأسد'، حسب التوصيفات الأثيرة التي تجري على لسان حسن نصر الله،
الأمين العام للحزب؟ وأخيراً، ما قول علي أكبر ولايتي، 'المساعد الرفيع للمرشد الأعلى
للثورة الإيرانية'، في أنّ 'بشار الأسد خطّ أحمر': هل يصبح الأحمر أي لون آخر، أخضر
مثلاً، إذا اختطته إسرائيل؟
والحال أنّ سوابق النظام في التشاطر، وكذلك
سوابق حلفائه في انتهاج التواطؤ الصامت، ليست قليلة أو عابرة، في الكمّ كما في النوع،
وخاصة خلال عامَيْ 2007 ـ 2008. وكيف لا تُستعاد تلك الغارة الصاعقة، خريف 2007، حين
قامت قاذفات إسرائيلية باختراق حرمة الأجواء السورية من جهة الساحل السوري، بعد اختراق
جدار الصوت على هواها، لتبلغ أهدافاً حيوية في العمق السوري (مساحات واسعة في المنطقة
الشرقية ـ الشمالية، من بادية دير الزور إلى تخوم المثلث السوري ـ العراقي ـ التركي،
مروراً بمطارَين عسكريين في الأقلّ)، وعادت أدراجها سالمة مطمئنة؟ وكيف لا يُستعاد،
أيضاً، اغتيال العميد محمد سليمان، والإنزال الأمريكي داخل العمق السوري في منطقة البوكمال،
وتحليق القاذفات الإسرائيلية فوق الاستراحة الرئاسية في اللاذقية، وقصف معسكر 'عين
الصاحب' غرب دمشق، لكي لا نعود بالذاكرة إلى اجتياح بيروت سنة 1982؟
بيد أنّ الواقعة التي لا غنى عنها هنا،
لأنها تشمل النظام و'حزب الله' وإيران وخرافة 'الممانعة' في آن معاً، هي اغتيال عماد
مغنية؛ المقاوِم اللبناني الإسلامي الأشهر ربما، والقيادي العسكري الأبرز في 'حزب الله'،
والذي قد يكون احتلّ ـ قبيل أسابيع قليلة من اغتياله في دمشق بتاريخ 12 شباط (فبراير)
2008 ـ موقع الشخصية الثانية في الحزب بعد نصر الله. ولا غنى، بادىء ذي بدء، عن استذكار
التصريح الشهير الذي أطلقه وليد المعلم، وزير خارجية النظام، بعد ساعات أعقبت اغتيال
مغنية، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي: 'سنثبت بالدليل
القاطع الجهة التي تورطت بالجريمة، ومن يقف خلفها!
وللمرء أن يضرب صفحاً عن التقارير المتضاربة
التي تناولت واقعة الاغتيال، سواء تلك التي نُسبت إلى أرملة مغنية، من اتهام صريح لأجهزة
الأمن السورية بالتورّط في العملية (قولها، إذا صحّ أنها القائلة: 'لقد سهّل السوريون
قتل زوجي'، و'رفض سورية مشاركة محققين إيرانيين هو الدليل الدامغ على تورط نظام دمشق
في قتل عماد'، فضلاً عن تلميحها إلى 'الخيانة' و'الغدر')؛ أو تلك التي صدرت عن وكالة
أنباء 'فارس' الإيرانية، ثمّ صحيفة 'كيهان'، حول دور سعودي في تنفيذ عملية الاغتيال،
بتورّط مباشر من رئيس مجلس الأمن القومي السعودي أنذاك، بندر بن سلطان، نفسه؛ أو، أخيراً،
ما أشيع عن إرجاء السلطات السورية إعلان نتائج التحقيقات إلى ما بعد مؤتمر القمّة العربية،
في نيسان (إبريل) تلك السنة، وما تلاه من نفي سوري رسمي لهذه التقارير...
وأن يضرب المرء صفحاً عن هذه المعطيات أمر
لا يعني البتة تجريدها من كلّ صحّة أو مصداقية أو قيمة، إنْ لم يكن بسبب معيار الاختبار
القديم الذي يقول إنّ الدخان لا يتصاعد من غير نار؛ فعلى أقلّ تقدير لأنّ جهات ملموسة،
رسمية أو شبه رسمية، ذات عناوين بيّنة وصلات وثيقة، كانت هي ـ وليس أيّ تكهن، أو تلفيق،
أو ضرب بالرمل ـ مصادر تلك الأخبار. غير أنّ التشديد اليوم على صمت السلطات السورية
إزاء جريمة الاغتيال، واستمرار السكوت طويلاً حتى دون تبيان سيناريو العملية؛ ارتدى
أهمية خاصة في اعتبارَين أساسيين، بين اعتبارات أخرى قد تكون أقلّ مغزى.
الأوّل هو أنّ اقتفاء الخيط المفضي إلى
جهة التنفيذ المرجحة أكثر من سواها (الاستخبارات الإسرائيلية) لم يكن يحتاج إلى عبقرية
استثنائية من جانب سلطات تحقيق النظام السوري، خصوصاً وأنّ الأمين العام لـ 'حزب الله'،
لم يترك لبساً حول تلك الجهة، وسمّاها بالاسم الصريح. من جانبه، ورغم تفاديه الإشارة
بوضوح إلى الخيط الإسرائيلي، قال وزير خارجية النظام السوري إنّ اغتيال مغنية هو 'اغتيال
أي جهد للسلام'، بما يوحي ـ وإنْ على نحو سوريالي، من طراز فريد! ـ إلى وجود جهة أخرى
تسعى إلى نسف السلام بين إسرائيل والنظام السوري، وأنّ هذه ليست سوى... إسرائيل ذاتها،
التي اغتالت مغنية!
الاعتبار الثاني هو أنّ استمرار صمت السلطات
السورية كان يشير، ضمن المنطق الاستقرائي البسيط، إلى حرج كبير حتى في اتهام أجهزة
الاستخبارات الإسرائيلية؛ لأسباب لا تخصّ الحياء من دولة إسرائيل بالطبع، بل تتفادى
تبيان هوية كبش الفداء المحلي الذي لا مناص من تقديمه للرأي العام، السوري والعربي
والعالمي، إذا شاء نظام الأسد أن يزعم أيّ حدّ أدنى من السيطرة الأمنية على مقدّرات
البلاد (إذ لم يكن يكفي، بالطبع، أن تكون الأجهزة شاطرة تماماً في اعتقال نشطاء المعارضة
السورية!). والحال أنّ المعضلة لم تنحصر في تدبّر كبش فداء كيفما اتفق، إذْ كان هذا
الخيار مقدوراً عليه، وليست مَسْرَحته بالإجراء الصعب أو غير المسبوق؛ بل المعضلة في
أنّ أيّ كبش فداء لا يمكن له إلا أن يدلّ على اختراق (إسرائيلي، بالضرورة) بالغ الخطورة،
من جهة؛ وأنّ أيّ كبش من هذا الطراز لا بدّ أن ينضوي مسبقاً في قطيع أعرض، يقوده واحد
من الرؤوس الكبيرة، وهنا الطامة: ليس الإجهاز على أحد أكباش ذلك الرأس، إلا إطاحة بالرأس
نفسه في نهاية المطاف!
هنا، كذلك، ينقلب 'الخطّ الأحمر' إلى ما
يشبه الضوء الأخضر؛ في أنّ توجيه إصبع الاتهام إلى الاستخبارات الإسرائيلية، مدعومة
ربما بعون لوجستي من أجهزة أخرى أمريكية أو غربية صديقة للدولة العبرية، أو حتى عربية
يبهجها اغتيال مغنية؛ لا يلغي نهائياً احتمال تورّط جهة، أو جيب أمني خفيّ بارع التمويه،
داخل الأجهزة السورية ذاتها. وقبيل اغتياله بأسابيع معدودة، تردّد أنّ مغنية ذهب بعيداً
في ممارسة مهامّه الجديدة بصدد التنسيق بين 'الحرس الثوري' الإيراني وكلّ من 'حزب الله'
والحركات الجهادية الفلسطينية. ولعلّه ذهب أبعد ممّا هو مسموح به، وتحديداً في خرق
'اتفاق الشرف' المبرم مع السلطات السورية، والذي تضمّن إطلاع جهاز الاستخبارات العسكرية
السورية، ورئيسه آنذاك اللواء آصف شوكت شخصياً، على كلّ صغيرة وكبيرة في ذلك التنسيق.
وإذا صحّت التقديرات التي اشارت إلى أنّ
أمن مغنية الشخصي كان ثلاثي الحلقات، تشرف عليه حمايات تابعة لإيران مباشرة، ثمّ 'حزب
الله'، والجهاز السوري أخيراً؛ فإنّ احتمال تصفيته على يد جهاز إيراني أفلح في اختراق
الأجهزة السورية، أمر غير مستبعد، حتى إذا بدا ضئيلاً. إنّ انحياز 'الحرس الثوري' إلى
صفّ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وهو تطوّر تجلّى حينذاك على نحو دراماتيكي غير
مألوف في تراث الثورة الإسلامية الإيرانية، أسفر موضوعياً عن خلط جذري للأوراق وموازين
القوى في الهرم الأعلى من السلطة الإيرانية. وغنيّ عن القول إنه أفضى إلى إعادة ترتيب
البيت الأمني أوّلاً، وإلى إدخال تبديلات هنا وتعديلات هناك، بوسائل متعددة ليست كلّها
سلمية، لا يمكن أن يغيب عن بعضها خيار التصفية الجسدية.
وفي العودة إلى الغارة الأخيرة، يقرّ الخبراء
العسكريون بأنّ التخطيط لقصف قافلة تحمل أسلحة صاروخية حساسة، ليس البتة بالأمر الذي
تكفيه مهارات طياري القاذفات؛ ولا مناص من الحصول على، وحسن توظيف، معلومات استخباراتية
دقيقة للغاية؛ الأمر الذي يلوح أنّ إسرائيل نجحت في تأمينه، وعلى نحو بالغ السهولة
أيضاً! تماماً على غرار السهولة التي اكتنفت سوابق كثيرة، غامت فيها غالبية الألوان،
ما خلا... اللون الأخضر!
' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
استعدادات لسقوط الاسد
صحف عبرية
2013-01-31
لتفكك سوريا وجوه كثيرة. أحدها هو قناة
ماء في ضواحي حلب، والتي عندما يهبط مستواها تنكشف فيها الجثث المقيدة. او المعركة
التي تجري حول مطار دمشق. وفي حالة الهجوم أول أمس ليلا، حسب مصادر أجنبية، التخوف
من أن يبدأ السلاح السوري بالتسرب الى حزب الله أو الى ما هو اسوأ من ذلك.
لقد اتخذت الاسرة الدولية حتى الان جانب
الحذر الشديد من التدخل بشكل واضح في الحرب الاهلية السورية. اما المستشارون العسكريون،
التمويل لتأهيل الثوار، توريد السلاح فنعم. ولكن الاعمال العسكرية المباشرة حتى في
الخفاء فلا. وكما أسلفنا، حسب تقارير اجنبية، كانت اسرائيل هي التي حطمت المعادلة أمس.
يمكن أن نفهم لماذا؛ فخلافا للامريكيين او الاوروبيين، فان لنا حدودا مع سوريا ولبنان.
والاثار علينا فورية.
كل المؤشرات تدل على أن هذه ليست بداية
تصعيد. فالدول والمنظمات المشاركة ستفضل الاحتواء والتجلد في هذه المرحلة. ولكن النقطة
هنا مبدئية اكثر: كلما انهارت الدولة السورية داخل نفسها، فان الضرر المرافق الخارجي
سيزداد. والترددات الدولية ستتسع. والمرة تلو الاخرى سيضطر اصحاب القرار في واشنطن،
انقرة والقدس الى أن يحسموا في طريقة معالجة القنبلة الموقوتة الاقليمية.
والوضع متفجر بشكل خاص لان حزب الله يجد
نفسه غارقا عميقا داخل الوضع السوري. وحسب بعض التقارير، يوجد حزب الله في تعاون مع
قوات الحرس الثوري في النشاطات داخل سوريا بأمر من قاسم سليماني، قائد قوة القدس الايرانية.
يوجد خلاف حاد حول أعداد المقاتلين، ولكنها تتراوح بين 1000 و 5000 الاف لبناني شيعي
يوجدون في سوريا وينشغلون ظاهرا في القتال في منطقة مبنية.
جوهر الامر هو أن سقوط نظام الاسد يشكل
تحديا وجوديا لحزب الله، ولهذا فانه يشجعه على العمل بشكل خطير لاطالة حياة الطاغية
السوري. معقول الافتراض بان التقديرات الواعية للايرانيين واللبنانيين هي أن مصير الاسد
حسم، ولكنهم يتطلعون الى تلطيف وتأجيل شدة الضربة كي يصلوا الى الوضع الجديد وهم على
استعداد اكبر. قسم من هذه الاستعدادات هو نقل السلاح، التكنولوجيا وغيرها من الاملاك
الى خارج سوريا العملي التي سيحاول الغرب منعها بكل ثمن.
السلاح الكيميائي هو العنصر الفضائحي في
هذه القصة. ولكنه ليس حقا القلق المركزي. فالاسلحة محطمة التعادل، مثل مضادات الطائرات
المتطورة، تشغل بال اسرائيل بقدر لا يقل. اضافة الى ذلك، فان السلاح الكيميائي السوري
يوجد تحت متابعة استثنائية من اسرة الاستخبارات الامريكية. كل حركة له سيلاحظها الامريكيون
ومن غير المستبعد ان في مثل هذه الحالة، فانهم هم و/او الناتو سيعملون واسرائيل يمكنها
أن تشاهد من مدرج المشاهدين. محاولة مركزية وسرية الان في الغرب هي الوصول الى اتفاقات
وثيقة مع قوات الثوار لاخراج السلاح الكيميائي بسرعة ما ان يسيطروا على مخازنها. يمكن
الافتراض بانه توجد قوات امريكية للتدخل السريع كل غايتها ان تخرج بسرع وبامان السلاح
الكيميائي من سوريا. اما المذبحة في سوريا، بالطبع، فتجري دون عراقيل والقتل مستمر
ايضا حتى بدون استخدام الغاز.
نداف ايال
معاريف 31/1/2013
تعليقات