Jordan Today By Its Writers الأردن اليوم بأقلامهم
الوزراء يفقدون الذاكرة!
16/10/2012
فهد الخيطان
يحيرنا سلوك الوزراء في الأردن؛ عند استدعائهم
لأداء اليمين الدستورية، تجدهم يقفزون أدراج قصر رغدان كالغزلان، وما إن يغادروا الحكومة
حتى يصبحوا أشخاصا متعبين بلا ذاكرة.
من يطالع شهادات وزراء في ثلاث حكومات سابقة
في قضية "الكازينو" المنظورة حاليا أمام محكمة جنايات عمان، يكتشف أن معظمهم
أصيب بشكل جماعي، وعلى نحو مفاجئ، بمرض فقدان الذاكرة.
لا شيء يتذكرونه من جوانب القضية الشهيرة
التي هزت الرأي العام لسنوات، وما يزال ملفها مفتوحا حتى يومنا هذا.
سنعذرهم لو تعلق الأمر بتفاصيل فنية ودراسات
مالية، لكن المصيبة أنهم يجهلون المعلومات الأساسية؛ وزير لم يعلم بوجود قضية الكازينو
إلا بعد استقالته من الحكومة، وآخرون لم يعودوا يتذكرون توقيعاتهم أو على ماذا وقعوا.
وزراء علموا بتوقيف العمل بالاتفاقية بعد أن استقالوا من الحكومة. ومعظمهم لا يذكرون
إن كان موضوع الاتفاقية قد طرح في مجلس الوزراء أم لا! وأحد الوزراء يتهم الحكومة التي
كان عضوا فيها "بالتغرير" به، لأن الوزراء يوقعون عشرات القرارات بدون أن
يطلعوا عليها، كما يقول في شهادته!
يكفي للمرء أن يدقق في تفاصيل شهادات الوزراء
المتواترة ليصل إلى نتيجة مؤلمة، مفادها أن حكومات عديدة مرت علينا لا تتمتع بالأهلية
اللازمة لإدارة شؤون البلاد.
كيف لعاقل أن يصدق أن قضية بحساسية اتفاقية
الكازينو تناقش وتمر بهذه الخفة؟ ماذا عن القضايا والاتفاقيات الأخرى، هل تمر بنفس
الطريقة؟!
لا يقع اللوم على الوزراء وحدهم، وإنما
على مجلس الوزراء كمؤسسة تحرص هي الأخرى على أن تكون بلا ذاكرة؛ فلا محاضر لجلساتها
غير تسجيلات صوتية اضطر أحد رؤساء الحكومات السابقة إلى تفريغها ليتأكد من صحة المعلومات
المتعلقة باتفاقية الكازينو.
جلسات مجلس الوزراء، حسب ما نعرف من الوزراء
أنفسهم، أقرب إلى "تعاليل" المضافات؛ ساعات من الثرثرة بدون توثيق، ووزراء
يتلهون بحوارات جانبية، وجداول أعمال تعد على عجل، وفي نهاية الجلسة محضر دوار لقرارات
جاهزة للتوقيع. وفي أحيان كثيرة يوقع الوزراء على قرارات "التعيينات خاصة"
بدون أن يكون مجلس الوزراء قد ناقشها أو اطلع عليها في جلسته الأسبوعية.
بهذه الطريقة البدائية تعمل أهم مؤسسة تنفيذية
في البلاد. ولذلك، ليس مستغربا أن تمر اتفاقية الكازينو بدون علم الوزراء أو بعلمهم
دون اكتراث، ما دام رئيس الوزراء قد طبخ الطبخة خارج المجلس.
بالمناسبة، اتفاقية الكازينو ليست المثال
الوحيد على أسلوب صناعة القرار في الحكومات المتعاقبة؛ فمنذ أن تحول مجلس الوزراء إلى
"فريق" من الموظفين الطيّعين، مرت قرارات وصفقات أخطر من "الكازينو".
وهل بعد الذي نطالعه من فصول جديدة في قضية
"الكازينو" تسألوننا لماذا انهارت ثقة الأردنيين بالحكومات؟!
بعد عقد من الفشل
15/10/2012
عمر عياصرة
كل الأرقام، وكل المعطيات الموضوعية، تدل
وبشكل أكيد على أن إدارة البلد في العقد الأخير كانت قد فشلت فشلا ذريعا، وها هي تنجو
من المساءلة وتستمر في الحكم.
الدلائل على الفشل كانت كافية كي تكسو العظام
لحما، لكن الفاسدين والمستبدين كانوا نماذج فضفاضة لا تنغلق على ذاتها، وهاهم يستمرون
ويذهبون إلى الانتخابات ليفوزوا مهما كانت النتائج.
كلهم حرس قديم ساهم في مشهدنا البائس الحالي،
عبد الإله الخطيب كان منهم، وعبدالله النسور أصبح بعد أن كان منهم، وكلهم نسخ من داخل
“السيستم” سكتت عن كل الأحابيل التي حيكت بحق الوطن.
أنا شخصيا محتقن وبائس وغاضب لأن شيئا لم
يتغير، الإدارة الفاشلة التي باعت المقدرات وأرهقت الميزانية، وتورطت بالمديونية، وضربت
تقاليد الحكم عندنا، ما زالت وللأسف تتنفس تحت الماء وفوقه على السواء.
يظن الحكم عندنا أن الذهاب إلى الانتخابات
سيكون نهاية تاريخ الربيع، ولا يدري أننا ندور في حلقات مرحلية غير حاسمة، قد توطن
المأزق وتنفلت من خلالها كل عقلانية.
أرقى ما في الوطن حراكه وشارعه، فما زال
هؤلاء يحفظون توازنهم تحت وطأة الأحداث والتطورات المتسارعة، يصبرون بثقة على تجدد
النخبة الفاسدة، ويحاولون إلى المالانهاية.
يجب أن نتفق ونتوافق على أن التغير هو الحل،
ولا حل غيره، وهو الطريق لاستمرار البلد كما ينبغي، أما استمرار الإدارة شكلا ومضمونا
فسنكون أمام خسارة أخرى لا يمكن تداركها.
القضية ليست مشكلة صلاحيات تتوزع هنا وتؤخذ
من هناك، القضية أن الفاشلين ومن أفشلونا ومن سرقونا ومن سكتوا على سرقتنا، يجب أن
يذهبوا على اقل تقدير لبيوتهم، ويدعونا نختار ونحاول ونصيب ونخطئ.
نحتاج اليوم لإدارة جديدة، وهذه الحاجة
لابد أن تصبح عميقة في ذهن الملك قبل التفكير بملاعب السياسة، نحتاج لإدارة غير مهزومة
أمام الآخر.
لسنا بصدد تنافس سياسي بين الحركة الإسلامية
وبين يمين الدولة الذي أدار وفشل، بل نحن إزاء يوميات بائسة للإنسان الأردني، تحتاج
إلى تفكيك وتركيب مستعجل وبأسرع وقت.
الخط الشعبي هو الخيار الأكثر دفئا، فأعيدوا
السلطة إلى الشعب، ودعوه يدير حياته كما كل الأمم المتقدمة، واذا أردتم السلامة فاجعلوا
الأمر هادئا وسلميا.
15/10/2012
فهد الخيطان
تختتم اليوم المرحلة الأولى والأساسية من
مراحل العملية الانتخابية، والمتمثلة في إنجاز سجل جديد ونظيف للناخبين. لم تكن العملية
سهلة على الهيئة المستقلة للانتخاب، والتي واجهت التحدي فور تأسيسها وسط حالة من انعدام
الثقة الشعبية بالانتخابات. لكن علينا أن نقر اليوم أنه رغم بعض التجاوزات البسيطة
التي رافقت عملية التسجيل، إلا أن الهيئة المستقلة تمكنت وبنجاح من إنجاز المهمة وفق
أفضل المعايير الدولية.
وكان للإدارة النزيهة والشفافة من جانب
"الهيئة"، والرقابة الموضوعية التي قام بها تحالف "راصد"، الدور
الحاسم في تحفيز الناخبين على التسجيل، إلى أن تعدى العدد حاجز المليونين.
لكن هذه المرحلة على أهميتها ليست سوى محطة
على طريق طويلة لاستعادة النزاهة المفقودة في العملية الانتخابية. وإقبال أكثر من مليوني
مواطن على التسجيل لا يعني أبدا ضمان مشاركتهم في الانتخابات، إذا لم تلتزم الأطراف
المعنية بضمانات النزاهة في جميع مراحل العملية الانتخابية.
إن أخطر تحد يواجه الانتخابات هذه المرة
لا يتأتى من الدولة وأجهزتها كما حصل في انتخابات سابقة، وإنما من تساهل هذه الأجهزة
مع التجاوزات من طرف المرشحين، والتي تظهر مؤشرات قوية عليها منذ الآن.
منذ الأيام الأولى للتسجيل، سُجلت محاولات
لمرشحين محتملين لشراء البطاقات من الناخبين وحجزها. ورغم الجهود التي بذلتها
"الهيئة"، إلا أن هؤلاء تمكنوا بالفعل من حجز آلاف البطاقات، سواء بمعرفة
أصحابها أو باستخراجها واستلامها دون علمهم. في الحالتين، نحن أمام خرق فاضح للقانون
يستدعي معاقبة مرتكبيه.
وفي أكثر من محافظة، يتحرك مرشحون وجماعات
حزبية مدعومة من رجال أعمال، بشكل شبه علني، لجمع بطاقات الناخبين وحجزها لديهم إلى
أن يحين موعد الاقتراع، مقابل مبالغ مالية تعطى على دفعتين.
مثل هذه التجاوزات مرشحة للاتساع في الأسابيع
المقبلة، إذا ما تُركت دون إجراءات رادعة واستباقية.
لا تملك الهيئة المستقلة للانتخاب قوات
أمن خاصة بها لتداهم بيوت المرشحين ومكاتبهم، لكن القانون يفرض على الأجهزة الأمنية
التصدي لكل محاولات التعدي على القانون، سواء كان بالتنسيق مع "الهيئة" أو
بدونه. فرجال الأمن، وبحكم عملهم، يتواجدون بين الناس سرا وعلنا، وهم دون غيرهم القادرون
على ملاحقة عمليات شراء البطاقات وإحباطها، والقبض على المتورطين فيها.
في انتخابات 2010، تساهلت الجهات الرسمية،
وبشكل مقصود، مع ظاهرة شراء الأصوات. وأقر أحد المسؤولين بذلك بحجة أن ملاحقة الظاهرة
ستؤثر سلبا على نسبة الاقتراع! عذر أقبح من ذنب فعلا.
إنقاذ سمعة الانتخابات يحتاج في هذه الدورة
إلى جهود استثنائية، ملموسة ومبكرة، لكي يتأكد المواطن وبالدليل القاطع، أن الدولة
جادة في وعدها بإجراء انتخابات حرة ونزيهة. والدليل ليس أقل من رؤية أحد "حيتان
المرشحين" مكبلا بالقيود بعد ضبطه متورطا بحجز البطاقات وشراء الأصوات.
ولن يقبل مواطن أعذارا كالتي كنا نسمعها
عن عدم توفر الأدلة وما شابه من تصريحات لمسؤولين في السابق، ألقوا بمسؤولية ضبط المخالفين
للقانون على كاهل المواطن، لأننا ببساطة نعرف المتورطين ويعرفهم المسؤولون بالاسم والعنوان.
مسوغات تحالف الملك مع الإسلاميين
08/10/2012
شاكر الجوهري
مثّل قرار الملك عبد الله الثاني حل مجلس
النواب مساء الخميس محفزاً كبيراً لزيادة أعداد المشاركين في مسيرة "انقاذ الوطن"
ظهر الجمعة, بعد أن كان الهدف من تبكير موعد الحل من يوم الأحد إلى يوم الخميس تشكيل
عامل احباط للمتظاهرين المتوقعين, ما دام الهدف الأساس للمسيرة هو تعديل الدستور, وقانون
الإنتخاب, فقرر الملك التعجيل في ترحيل مجلس النواب, الأداة المفترضة للتعديلات المطلوبة..!
المحبطات التي تم اللجوء إليها قبل ذلك
تعددت, وكان الهدف الرئيس منها تخويف المواطنين من المشاركة في المسيرة, خصوصاً بعد
أن تم إثارة القلق لديهم من أن اشتباكات دموية تنتظرهم, جراء الإعلان عن مسيرة مقابلة
بعنوان مسيرة الولاء والإنتماء, التي أعلن القائمون عليها أنهم سيخرجون مئتي ألف متظاهر,
بالتزامن مع اعلان مدير الأمن العام أنه لن يوفر الحماية الأمنية لمسيرة المعارضة,
خشية اتهام الأمن العام بالتواطؤ مع مسيرة الولاء.
التلاعب بأعصاب الأردنيين لم يحقق المطلوب,
وإنما نقيضه تماماً. وهكذا أصبح النظام معنياً بإحتواء عوامل التوتر سريعاً, قبل أن
ينفجر الموقف.
مدير الأمن العام سارع إلى عقد اجتماع لقادة
الأمن العام, صدرت عنه القرارات الهامة التالية:
أولاً: توفير الحماية الأمنية لمسيرة
"انقاذ الوطن".
ثانياً: منع قوات الدرك من المشاركة في
مهمات ووظائف يوم الجمعة, نظراً لما عرف عنها من نزوع نحو الخشونة في التعامل مع الجمهور.
ثالثاً: تأدية رجال الأمن العام لوظيفتهم
دون أن يكون في حوزتهم سلاح أو حتى هراوات.
وصدرت تعليمات مشددة بعدم لجوء رجال الأمن
العام إلى استخدام العنف.
رابعاً: تأجيل مسيرة الولاء والإنتماء إلى
أجل غير مسمى..!
الأمن العام هو الذي قرر ذلك عبر صيغة
"مطالبة مسيرة الولاء والإنتماء تأجيل موعدها لوقت آخر".
في الأساس لم يكن هنالك عاقل يصدق امكانية
تنظيم مسيرة ولاء يشارك فيها مئتي ألف رجل..!
كل المسيرات السابقة, كانت تتقدمها مسيرة
ولاء لا يتجاوز عدد المشاركين فيها العشرين شخصاً, مقارنة بالآلاف من المعارضين الذين
يطالبون بالإصلاح.
لم كان الحديث إذاً عن مسيرة الولاء..؟!
كان الهدف من ذلك:
أولاً: دفع قادة المعارضة إلى التراجع عن
تسيير مسيرة "انقاذ الوطن",
ثانياً: أو اثارة قلق المشاركين المفترضين,
فتراجع اعدادهم من الخمسين ألفاً, الذين كان متوقعاً خروجهم في هذه المسيرة, إلى ما
دون ذلك بكثير,
ثالثاً: تراجع الإخوان المسلمين عن مقاطعة
الإنتخابات, في سياق التقارير الأمنية التي كانت تؤكد للملك أنهم سيشاركون في الإنتخابات
عندما يجدون انفسهم أمام الأمر الواقع.
ما حدث هو عكس ذلك تماماً.. خاصة وأن قادة
هذا التكتيك لم يكونوا جادين في افتعال مواجهة بين مسيرتين غير متكافئتين, الحسم فيها
محسوم لصالح المعارضة.
ولذلك, فقد تم تراجع مسيرة الولاء في لعبة
شد الحبل, أو عض الأصابع, ليطرح السؤال الأهم:
ماذا بعد..؟
في معرض العمل على احتواء الإجابة العملية
لهذا السؤال على أرض الواقع, روجت وسائل اعلام تدور في فلك الحكومة إلى أن مسيرة
"انقاذ الوطن" تشارك فيها فقط في حدود خمسة آلاف شخص, بخلاف ما أعلنه الدكتور
سعيد من أن العدد تجاوز المئة ألف متظاهر, بدلاً من الخمسين ألفاً الذين كان متوقعاً
مشاركتهم.
غير أن القرار لا بد أن يوضع في صورة الأرقام
الحقيقية, التي اذهلت وأحرجت كذلك ستة أحزاب قومية ويسارية امتنعت عن المشاركة فيها,
على ذات القاعدة التي جعلت الأحزاب القومية واليسارية في العالم العربي تصطف في خندق
الأنظمة القائمة, بمواجهة الثورات والحراكات الشعبية ذات الغالبية الإسلامية.
ويتوقع المراقبون في عمان أن تعمل الحركة,
والحراكات الشعبية التي شاركتها مسيرة "انقاذ الوطن" على تكرار هذه التجربة
خلال الأيام المقبلة.. خاصة وأنها اثبتت موجودية وفعالية المعارضة, دون أن يخدش أي
مواطن.. ودون أن يظهر أياً من "المندسين" الذين لطالما رفضت الحكومات التصريح
للمظاهرات خشية ظهورهم، واقدامهم على ارتكاب أعمال تخريب.
تحقق ذلك بفضل, ليس فقط المعارضة, وإنما
كذلك بفضل انضباط قوات الأمن العام للتعليمات المشددة بعدم اللجوء إلى العنف.
النظام يدرك أن أي اشتباك ستكون له تداعيات
بالغة الخطورة.
الإسلاميون, وبقية الحراكات التي شاركت
في المسيرة حرصوا, ليس فقط على تجنب العنف, وإنما حرصوا كذلك على التأكيد على انضباطهم
تحت شعار "اصلاح النظام".
وفي هذا السياق, أكد الشيخ حمزة منصور أمين
عام حزب جبهة العمل الإسلامي, الذراع الحزبي لجماعة الإخوان المسلمين, حرص الحركة الإسلامية
على بقاء العرش الهاشمي والملك عبد الله الثاني.
المرفوضون فقط هم قوى الشد العكسي من رؤساء
حكومات ووزراء حاليين وسابقين, ومدراء الأجهزة الأمنية.
الإسلاميون يعملون, والحال هذا, على أن
يحلوا انفسهم محل رجالات النظام الحاليين, في التحالف مع الملك, الذي لم يسجل تاريخهم
أنهم تخلوا عنه, أو اصطفوا مع خصومه منذ تأسيس الجماعة سنة 1945.
وبذلك، فهم يخيرون الملك بين:
أولاً: بينهم وبين رجالات نظامه وأجهزته
الأمنية..؟
ثانياً: بينهم وبين الأحزاب القومية واليسارية,
التي استخدمت منذ بدء الحراك الشعبي تكتيكات تقربت بها إلى جانب النظام على حساب الإسلاميين..؟
إن اختار الملك التحالف مع الإسلاميين،
فهم يوفرون له:
أولا: قاعدة شعبية كبيرة يحتاجها أي رئيس
دولة في زمن "الربيع العربي".
ثانيا: برنامج اصلاحي حقيقي لا يشكل خطرا
على مكانته.
ثالثا: اقناع الرأي العام بحدوث تحول جدي
في البرنامج الإصلاحي.
رابعا: احتواء عوامل التوتر بين النظام
وأكبر قوة سياسية معارضة.
خامسا: احتواء معارضة بقية القوى والأحزاب
السياسية من قومية ويسارية، لا تستطيع فعل شيئ مؤثر بدون مشاركة الإسلاميين.
هل يقبل الملك بهذا العرض غير المباشر من
قبل الحركة الإسلامية..؟
يصعب "حزر" ذلك, في ضوء عدم معرفة
يقينية للطريقة التي يفكر بها الملك.
ولكن، ماذا لو اختار الملك استمرار المعادلة
الراهنة للحكم..؟!
بين اختطاف الحراك واختطاف الوطن
17/10/2012
عمر عياصرة
الملك يقول إن هناك من يقوم باختطاف الحراك،
ومرة أخرى، هذا كلام عام يحتاج إلى تفصيل ودليل وبيان حول من هي الجهات التي «تختطف
الحراك».
طبعا الحراك لم يتم اختطافه، على العكس،
فلقد تحول شباب الحراك من حالة مطلبية إلى تموضع سياسي سيكون له شأنه ومكانته في قادم
السنوات.
هذه الظاهرة الشبابية السياسية التي تتحدث
عن الوطن وعن الإصلاح يبدو أنها كسرت إطاراً لم يعجب مرجعيات الدولة كسره أو المساس
به.
ثم إنه وبعد أن قدم مطبخ القرار «إصلاحا
بدون مسائل جوهرية»، أصبح من المناسب لحماية ذلك التشكيك بالحراك ووضعه موضع التابع
والمختطف من الأشباح.
أما إذا كان المقصود «بالخاطف» الحركة الإسلامية،
فهذا يتناقض مع كل الدعوات والتصريحات التي اعتبرت الإسلاميين جزءا من النسيج ومكونا
سياسيا واجتماعيا وثقافيا معتبرا.
هذا الانطباع البائس عن الحراك يجعلنا نتأكد
بأن المجسات لا زالت تشوّه الوقائع، وتقزّم الحجوم الحقيقية لكل مفردات القوى المتواجدة
في الشارع.
للأسف الحكومة والأجهزة الأمنية مطمئنة
جدا وتمدد قدميها براحة كبيرة، معتقدة أنها قد كسبت جولة المقاطعة، وأنها انتصرت في
إبقاء الحال على ما هو عليه.
هنا أنا أوجه لها (لأركان الدولة) دعوة
استدراك تراجع من خلالها موقفها، نحن في أزمة، لا في محفل انتصار موهوم، والاعتقاد
بأن الحراك قد انتهى سيكون رهانا اعتقادياً خاطئا ستثبته الأيام.
من الخطأ أن نشوه حقيقة حراك وطني كبير
يقوده شباب من كل الجذور والسيقان لا يعنيهم إلا الوطن، وها هم يسطرون إعادة تدشين
لنخب وطنية كادت تسقط في أعماق النسيان.
أما قصة الاختطاف، فلها أماكن أخرى يمكن
أن تترعرع فيها بعيدا عن الحراك ومحاولات تفريغه من مضامينه السياسية التي يتواصل نضوجها
يوما بعد يوم.
الاختطاف الأجدر بالتحذير منه هو ذلك الذي
«شلّح» خزينة الدولة أثوابها وتركها عارية تتسول على أبواب المنح والمساعدات وبيع المواقف.
الاختطاف الأكبر كان يوم نزلت علينا «حراكات
نيوليبرالية» من السماء بالبرشوت وبتغطية ودعم كبير لتذهب بنا إلى وضعنا المتعثر الحالي.لا
أظن أن الحراكيين يمكن لأحد أن يختطفهم، لكنهم مصممون على تخليص الوطن من خاطفيه، وهنا
يكمن الفرق بين خطف مسيس موهوم وبين خطف حقيقي مقلق.
شرعنة الاستبداد
17/10/2012
عمر أبو رصاع
شرعية أي نظام سياسي تتطلب أن يكون محلاً
للتوافق الوطني وهو الأمر المفقود في حالتنا، وإذا كان النظام يعتبر أن تسجيله لاكثر
من مليوني مواطن للإنتخابات هو بمثابة استفتاء على شرعيته، فهذا معناه أن من لم يسجل
لا يعترف بتلك الشرعية، وهذه تعد بمقياس أي نظام كارثة بكل معنى الكلمة.
النظام لم يوفر في معركته تلك أي وسيلة
لاجبار الناس على التسجيل، ولعل الأرقام الحقيقية والواقعية والتي تعكس المزاج العام
على حقيقته، هي التي كانت قبل اعلان النظام الحرب لرفع النسبة، أي قبل حملته التجيشية
والارعابية هو ومن لف لفيفه.
اعتمد النظام في تلك الحملة على أساليب
لا تنتمي لأصول وآداب العمل السياسي الديمقراطي، فما دام يريدها استفتاء على شرعيته،
فقد كان الأولى به أن يقبل بتكافؤ الفرص مع خصمه، لا أن يحتكر ويوظف كل اجهزة الدولة
وسائر مقوماتها ضد خصومه السياسيين العزل فيما هو مدجج بأسلحته جميعاً ثم يعلن أنه
انتصر عليهم.
النظام يملك كل الأدوات الاعلامية تقريباً
بل وعمل اثناء فترة التسجيل على افقاد الحراك الشعبي والاخوان واليساريين كل المنابر
التي كانوا يستخدمونها أو يطلون من خلالها على الناس، فكان اغلاق قناة جوسات الفضائية
أهم نوافذ الحراك الشعبي واوسعها انتشاراً، ذلك الاغلاق الذي ارتبط بقرار عقل النظام
الأمني لافقاد مقاطعي التسجيل فرص ايصال وجهة نظرهم، فما ان انتهت لعبة النظام التسجيلية
حتى عادت المحطة، واستهلت ارسالها باعلانها ممثلة بقيادتها الرسمية أنها مع التسجيل
ومع الانتخاب.
كذلك ضربت الصحف الالكترونية ثاني أهم معاقل
الحراكيين بقانون المطبوعات والنشر، والذي سبق بحملة منظمة بدأ بالاعتداء البدني والارعاب
وقطع التمويل، مروراً بالحبس، انتهاءً بقانون المطبوعات القضاء عليها تماماً، فاشغلت
به وتراجع دورها كمنبر سياسي للحراك.
وربما لم يبقى للحراكيين بعد الشارع الذي
تم تلغيمه هو الآخر إلا مواقع التواصل الاجتماعية، الحصن الذي لم يستطع النظام التأثير
عليه رغم جيشه الالكتروني الموظف لهذا الغرض، وذلك من جهة لأنه محمي دولياً ولا سلطة
مباشرة للنظام عليه، ومن جهة اخرى طبعاً للفارق الهائل في مستوى الفكر والصدق ودرجة
الايمان والحماس وعدالة القضية بين الحراكيين وجيش النظام الالكتروني.
مقابل ذلك يصطف طابور الصحف والاذاعات،
والفضائيات ومنها التلفزيون الأردني، والمنابر، والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، خلف
سياسة التحشيد للتسجيل والدعوة له، هذا فضلاً عن أكثر من ألف ممن ينتون ترشيح انفسهم
واغلبهم بطبيعة الحال إما جاء من خلفية جهوية أو عشائرية بحثاً عن تمثيل في هذا الاطار،
أو نموذج لنواب الخدمات والمصالح، أو من أزلام الفساد والفاسدين، والانتهازيين السياسيين،
وازلام النظام التقليديين المستعدين لبيع مواقفهم كيفما اتفق، وبعض المغامرين الأفراد
ممن يحذوهم الأمل والطموح الشخصي في دخول القبة بعيداً عن السياسة وأهلها على أساس
أن المجلس للوجاهات والمقاعد للبيع بالمزاد.
يضاف لتلك الادوات ايضاً أموال الدولة التي
يستعملها النظام هنا في معركته دون حسيب أو رقيب، بل وحتى الدعاية في الشوارع وعبر
شبكات الهاتف فلم يتركوا شارعاً ولا ميداناً ولا لاعباً ولا فناناً إلا وظفوه.
ومع كل هذا وبرغمه أيضاً لم تفلح أدوات
النظام في ايصاله للرقم المطلوب فكان اللجوء إلى الارعاب المباشر، كغزو المؤسسات بجيش
من المسجِّلين لاحراج الموظفين واجبارهم في المؤسسات العامة وفي البنوك والمستشفيات
على التسجيل، ثم ارعاب الشعب كله عبر بث الشائعات من عينة "الحكومة ستربط الدعم
بالبطاقة الانتخابية"، "من لا يسجل سيسحبون رقمه الوطني"، ثم تكون الكوميديا
بالاعلان "بطاقتك قد استخرجت دون رغبتك فبإمكانك أن تأتي لإلغائها"، بعد
انتشار الاخبار عن اكتشاف الكثيرين بأن بطاقاتهم استخرجت دون علمهم.
طبعاً في ظل هذه المعادلة غير المتكافئة
والتي لا يحكمها شرف وأخلاق التنافس السياسي، وهذه من طباع النظم المستبدة، لا تقبل
تلك المؤشرات دليلاً على أي شيء، فلو قبلنا جدلاً أن أكثر من نصف المواطنين قد سجلوا
فعلاً، فإن هذا لا يعني بحال موافقتهم على القانون وشرعية العملية وطريقة ادارتها،
وعادة في هذه الدول تتحقق نسب تسجيل وانتخاب مرتفعة، بالتزوير أو بغيره، والملفت أن
كل تلك الانظمة المستبدة التي تكتسح الانتخابات، ما ان تفقد قدراتها الاستبدادية في
توظيف اجهزة الدولة وأموالها وسطوتها، وتجري في البلاد انتخابات حقيقية وتتكافأ الفرص،
حتى ينكشف أن ما يريده الناس وبالاغلبية الساحقة كان في حقيقة الأمر على نقيض النتائج
التي كان يعلنها النظام.
التسجيل بحد ذاته ليس معركة، والأصل أن
كل مواطن له حق التصويت دون بطاقة انتخابية وبالهوية الشخصية والمشكلة لم تكن هنا أبداً،
فالانتخابات تكون شرعية بمن حضر عندما يكون هناك توافق وطني عليها وعلى قانونها ونظامها
وطريقة اجرائها، وغير شرعية مهما حضر عندما لا يكون الأمر كذلك.
قبل كل هذا وبعده، الانتخابات هي الآلية
الديمقراطية التي تحتكم عبرها الاطراف السياسية المختلفة إلى الشعب ليفصل بينها ويحدد
خياره، وليست وسيلة نظام مستبد لاستعراض عضلاته على من يقاومون استبداده، أو وسيلة
لشرعنة ما ليس شرعي من الأساس.
تعليقات