شتاء ساخن بحرب اسرائيلية على ايران وغيوم السيناريوهات تتلبد
شتاء ساخن بحرب اسرائيلية على ايران وغيوم
السيناريوهات تتلبد
الأربعاء 15 آب/أغسطس 2012
بشكل غير مسبوق، هناك حاله من الجدل العلني
الداخلي في اسرائيل حول امكانية المبادرة في شن هجوم عسكري على ايران لوقف او تعطيل
برنامجها النووي. هذا الجدل في الغالب لا يحدث قبل نشوب الحرب، بل يحدث بعد انتهاءها
ووفقا لنتائجها، هكذا كان في حرب اكتوبر عام 1973 وهكذا كان في حرب لبنان الاولى عام
1982 وحرب لبنان الثانية عام 2006، وكذلك العدوان على غزة اواخر عام 2008.هناك جدل
حول الكثير من القضايا التي لها علاقة بهذا الملف، اهمها اذا ما كان بإمكان اسرائيل
لوحدها القيام بهذه الخطوه التي تبدوا اكبر من حجمها وليس بمقدورها تحمل نتائجها العسكرية
والاقتصادية والدولية. ام من الافضل الاعتماد على الولايات المتحدة باعتبارها الحليف
الاستراتيجي لاسرائيل حيث لديها الامكانيات العسكرية الكافية لضرب ايران.القضية الخلافية
الاخرى هي حول نتائج هذا الهجوم اذا ما حدث في ظل التقدير ان اسرائيل تستطيع ان تعطل
المشروع النووي الايراني لمدة زمنية لا تتجاوز العامين في احسن الاحوال ولكنها لا تستطيع
ايقافه بشكل كامل. رد الفعل الايراني وكذلك الرد المحتمل لحزب الله وكذلك ربما ايضا
فصائل المقاومة في غزة اضافة الى الاضرار الاقتصادية والمادية وردود الفعل الدولية،
هل من المجدي تحمل كل ذلك مقابل تعطيل المشروع النووي لفترة زمنية محددة قد تستفيد
منه ايران على المدى البعيد في استئناف مشروعها النووي من جديد؟نتنياهو وباراك اللذان
يقودان مشروع الهجوم على ايران اعطيا الاجابه بشكل صريح وواضح وفي اكثر من مناسبة،
بأن اسرائيل في كل ما يتعلق باستمرار وجودها لا تستطيع ان تعتمد الا على نفسها وان
الولايات المتحدة تستطيع ان تتعايش مع ايران النووية ولكن اسرائيل لا تستطيع ان تسمح
لنفسها بذلك. اما حول قضية الثمن الذي سيدفع فأن الاجابه لديهم هي ان اي شيئ ممكن ان
يكون قابل للتعايش معه عدى ان تمتلك ايران سلاح نووي.عدم القبول بأن تمتلك ايران او
اي دولة في المنطقة سلاح نووي هو امر لا خلاف حوله، والجميع في اسرائيل يعتبر ذلك خط
احمر. الخلاف هو على التكتيك الذي يجب اتباعه من اجل افشال هذا المشروع والخلاف هو
على التوقيت الذي يجب ان يكون، وما اذا كانت اسرائيل هي التي يجب ان تتصدر المعركة
ام تترك المهمة الى من هو اكبر واقدر منها على القيام بذلك.الرسائل التي تصل الى نتنياهو
من قبل اعضاء في الكونغرس الاميركي سواء كانوا من جمهوريين او ديموقراطيين، والذين
يعتبرون من المقربين للرئيس الاميركي اوباما او المرشح الجمهوري رومني بأنه في حال
هاجمت اسرائيل ايران فأن الولايات المتحدة لن تستطيع ان تتركها لوحدها، ليس فقط ستفتح
لها مخازن الاسلحة الاميركية المتواجدة في المنطقة بل ايضا ستشكل لها حماية من الصواريخ
الايرانية بعيدة المدى، ان لم يكن اكثر من ذلك.اسرائيل في الاسابيع الاخيرة تعيش اجواء
حرب، حيث نشرات الاخبار المركزية وعناوين الصحف الرئيسية يوميا تتحدث عن تفاصيل جديدة
وتقديرات بأن الهجوم الاسرائيلي سيكون اما في اكتوبر أو نوفمر، اي قبل اجراء الانتخابات
الاميركية، وبالتالي الرئيس الاميركي اوباما لا يستطيع ان يترك اسرائيل لوحدها لان
ذلك سيفقده الدعم اليهودي في اميركا، واما ان يكون الهجوم في شهري يناير أو فبراير
القادمين، اي قبل ان يتسلم الرئيس المنتخب مهام منصبه.تصريحات القادة الاسرائيليين
التي تزداد يوما بعد يوم، لم تعد مجرد ايصال رسائل او مجرد تهويش، بل هناك اجراءات
عملية على الارض تشير الى ان الامور ذات طابع جدي. على سبيل المثال:
اولا: تم الاعلان عن تعيين افي ديختر رئيس
الشاباك السابق وزيرا للجبهة الداخلية خلفا لمتان فيلنائي الذي تم تعيينه سفيرا لاسرائيل
في الصين. تعيين ديختر ليس له علاقة بالمناكفات والصراعات السياسية والحزبية، بل جاء
نظرا لخلفيته الامنية واهمية الدور الذي ستلعبه الجبهة الداخلية في اسرائيل، سيما ان
التقديرات تشير الى انه في حال هجوم اسرائيلي على ايران سيسقط على العمق الاسرائيلي
حوالي خمسين الف صاروخ، اي عشرة اضعاف عدد الصواريخ التي اطلقها حزب الله في حرب
2006.
ثانيا: في جلسة مجلس الوزراء الاسرائيلي
يوم الاحد الماضي تم اقرار ما طلبه نتنياهو من توسيع صلاحياته في كل ما يتعلق بآليات
اتخاذ القرارات. التفسير الوحيد لهذ الخطوة هو ان نتنياهو يريد ان يسهل على نفسه التغلب
على موقف المعارضين للهجوم على ايران.
ثالثا: تم فرض ضرائب على الكثير من السلع
الاساسية بما فيها المحروقات والخبز وزيادة ضريبة الدخل، وكذلك تم تقليص مليارات من
الشواقل من موازنات الوزارات المختلفة، وفي نفس الوقت سيتم دعم وزراة الدفاع بمزيد
من المليارت لتغطية الاحتياجات الطارئة.
رابعا: نشرت اسرائيل بطاريات مضادة للصواريخ
على الحدود اللبنانية وقبل ذلك في منطقة الوسط اضافة الى تعزيز ما هو موجود في الجنوب.
في نفس الوقت هناك سباق مع الزمن في اعداد الملاجئ والتأكد من اهليتها لاستقبال المواطنين،
وكذلك استكمال توزيع الكمامات وتحديثها، اضافة الى الزيارات المكثفة للمسؤولين الامنيين
الاميركيين ولقاءهم بنظرائهم الاسرائيليين.كل ذلك يشير الى ان ما هو قادم من تطورات
قد يغير وجه المنطقة بكاملها.
السيناريوهات المحتملة
رغم استعراض القوة الذي تحفل به وسائل الإعلام،
يرى محللون أنه من غير المحتمل أن تعمد إسرائيل إلى استخدام المجال الجوي السعودي لتوجيه
ضربة عسكرية إلى إيران.فالتقرير الذي نشرته وكالة يو.بي.آي. يوم السبت 11 أغسطس حول
أن السعودية حذرت إسرائيل من أنها ستعمد إلى اعتراض أية مقاتلات حربية اسرائيلية يمكن
أن تعبر اجواءها، أثار استياء عارما رغم أن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك نفى
أن تكون بلاده قد تلقت أية رسالة بهذا المضمون من الجانب السعودي، فيما لم يصدر أي
موقف من الجانب السعودي حول هذه المسألة.ومنذ ذلك الحين بدأت تنهمر التحليلات حول إمكانية
موافقة السعودية على استخدام إسرائيل لمجالها الجوي في مهاجمة بلد مسلم.ويقول وزير
الإعلام الكويتي السابق والمحلل السياسي سامي عبداللطيف النصف لـ"العربية نت"
إنه لو كانت الضربة الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية قريبة لما سمحت إسرائيل
بتداول الموضوع في وسائل الإعلام، مضيفا: "استنادا إلى ما قاموا به في السابق،
فإنهم لم يطلقوا تحذيرات بمهاجمة المنشآت النووية العراقية في بداية ثمانينيات القرن
الماضي. إنهم لا يكشفون عن نواياهم".وأوضح النصف أنه "لا يمكن بأي شكل من
الاشكال أن تسمح السعودية باستخدام اجوائها لمهاجمة إيران، حيث إنها لا ترغب في تعقيد
الأمور معها".ولفت النصف إلى أنه "يمكن لإسرائيل استخدام مناطق أخرى غير
المجال الجوي السعودي. فإيران بلد مترامي الأطراف ويمكن مهاجمتها من الشمال أو من الجنوب،
من مناطق عدة، وحتى يمكن مهاجمتها من الشرق. إسرائيل على علاقة جيدة مع العديد من الدول
القريبة جغرافيا من إيران".ويوافق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود،
الدكتور صالح المانع على النظرية القائلة بأن إسرائيل لا تحتاج إلى المجال الجوي السعودي
حين يكون متاحا لها استخدام الأجواء التركية أو الأردنية.ولفت المانع في حديثه لـ"العربية
نت" أنه "عندما هاجمت اسرائيل الأراضي السورية منذ عامين، استخدمت المجال
الجوي التركي. كما أن السعوديين لن يسمحوا لدولة أخرى بمهاجمة بلد مسلم".وبالنسبة
إلى الدكتور المانع فإن "السعوديين يأملون في أن تكون الجهود الدبلوماسية كافية
لإقناع إيران بتجميد طموحاتها النووية كما حصل خلال حكم (الرئيس الإيراني السابق) محمد
خاتمي".
المجال العراقي أسهل
ويقول فهد الشليمي، رئيس المنتدى الخليجي
للأمن والسلام في الكويت، من جهته، لـ"العربية نت" إن استخدام مجالات جوية
أجنبية لمهاجمة إيران يشكل معضلة بالنسبة إلى إسرائيل. ومع ذلك، في حال كان ما يذكره
التقرير صحيحا حول نية إسرائيل استخدام المجال الجوي السعودي، فإن ذلك سيتم عبر التحليق
فوق منطقة حدودية في طرف المملكة.وبحسب الشليمي، فإن أحد الخيارات المتاحة أمام الإسرائيليين
يتمثل في التحليق عند الأطراف الحدودية البعيدة بحيث تكون الطائرات الإسرائيلية قد
غادرت أجواء المملكة قبل وصول المقاتلات الحربية السعودية إليها، بسبب المسافة الشاسعة
بين قواعد الطائرات الحربية ومنطقة الخرق الجوي الاسرائيلي المحتمل فوق الصحراء، موضحا
أن "الطائرات السعودية تحتاج إلى دقائق عدة للوصول إلى هناك".ويقول الشليمي
إنه يمكن من الجانب النظري أن يستخدم الاسرائيليون المجال الجوي السعودي من دون أن
يتم رصدهم، في حال حلقت الطائرات الحربية فوق طائرات مدنية، وعندما يصل السعوديون يجدون
أنه مجرد جسم أجنبي طائر".لكنه يرى أن "الحل الأسهل لإسرائيل قد يكون التحليق
فوق العراق، حيث إن المجال الجوي العراقي ما زال خاضعا لسيطرة القوات الأميركية من
دون أدنى شك".وردا على سؤال "العربية نت" عن أسباب عدم صدور أي موقف
من جانب السلطات السعودية حول المسألة، قال النصف إن السبب واضح: "سواء كانت طائرات
إسرائيلية أو أردنية أو مصرية، فإنه لا يمكن للسعودية أن تسمح لأي مقاتلات حربية بالتحليق
في مجالها الجوي من دون موافقتها".لكن لا يخفي الشليمي أن التوتر القائم بين السعودية
وإيران حول الصراع في سوريا قد يكون السبب وراء "حرج" السعودية من إصدار
أي موقف.
إسرائيل تفضل طريقا مباشرا
وينقل تقرير يو.بي.اي عن مسؤولين إسرائيليين
كبار أن الأميركيين يستفيدون من الموقف السعودي في محاولة لثني إسرائيل عن مهاجمة المنشآت
النووية الإيرانية بشكل أحادي. وتقول المصادر إن السعودية المجهزة بطائرات حربية أميركية
الصنع كان يمكن أن تسمح بعبور المقاتلات الإسرائيلية لأجواء المملكة في حال تم ذلك
في إطار عملية عسكرية مشتركة مع واشنطن.وكانت صحيفة نيويورك تايمز ذكرت في وقت سابق
أن إسرائيل تفضل استخدام طريق مباشر، يمر فوق الأردن والعراق.وبينما لا أحد يعرف ما
إذا كان الأردن سيسمح للطائرات الإسرائيلية باستخدام مجاله الجوي، نقل تقرير يو.بي.اي
عن محللين أجانب أن الأردنيين سيغضون الطرف، بينما رأى آخرون أن عمان قد تعتبر ذلك
بمثابة انتهاك لاتفاق السلام مع إسرائيل. ولهذا فالطريقان الآخران المتاحان، هما واحد
يمر فوق تركيا وسوريا، والآخر يمر فوق البحر الأحمر لكن مسافته اطول.وكانت نيويورك
تايمز نقلت عن محللين عسكريين مقربين من البنتاجون ومسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية
في فبراير الماضي، أن أي ضربة عسكرية إسرائيلية لوقف البرنامج النووي الإيراني ستكون
عملية ضخمة ومعقدة مختلفة عن الضربات الإسرائيلية "الجراحية المحددة" لاستئصال
المفاعل النووي في سوريا عام 2007 او مفاعل تموز العراقي في عام 1981.وبحسب اندرو ر.
هوين، المسؤول السابق في البنتاجون الذي يترأس حاليا مشروع القوات الجوية في مؤسسة
"راند" والمختص بإجراء الدراسات لصالح القوات الجوية الأميركية، فقد صرح
لنيويورك تايمز أن أحدا لن يقول "ستتم العملية بهذه الطريقة، سرب من الطائرات
ستحلق ليلا، تضرب وتغادر".
خيار أذربيجان
وفي شهر مارس الماضي ذكر تقرير أن المسؤولين
العسكريين الاسرائيليين يبحثون جديا في الحصول على حق استخدام القواعد العسكرية في
أذربيجان ذات الموقع الاستراتيجي المناسب لمهاجمة إيران.وتحدث التقرير عن توسيع نطاق
التعاون بين إسرائيل وهذه الجمهورية القوقازية المحاذية لإيران، مع توفر معلومات حول
إنجاز صفقة تسلح بين إسرائيل وأذربيجان في فبراير بقيمة 1.6 بليون دولار، شملت تزويد
باكو بطائرات من دون طيار وصواريخ مضادة للطائرات.لكن حكومة باكو نفت بشدة مضمون هذا
التقرير، حيث قال متحدث باسم وزارة الدفاع الاذربيجانية: "لن تتم أية عملية ضد
إيران.. انطلاقا من أراضي اذربيجان".واتهم المتحدث الاذربيجاني "المنظمات
الدولية والمؤسسات الإعلامية الدائرة في فلكها برفع نسبة التوتر عمدا" بين إيران
واذربيجان.أما في المقلب الآخر، فيبدو أن إسرائيل غير مكترثة بالموقف السعودي مع تصريح
وزير الخارجية الإسرائيلي ايهود باراك أن ذلك "لن يؤثر في المخططات الإسرائيلية".
تعليقات