رسائل فينشتاين لن توقف الاستيطان



وثيقة المبادئ الامريكية
شلومو بروم
نظرة عليا 10/2/2014

المفاوضات بين اسرائيل، الفلسطينيين والولايات المتحدة على وثيقة مبادىء أمريكي تسمح للطرفين بمواصلة المفاوضات على الاتفاق الدائم حتى بعد نهاية الاشهر التسعة التي خصصت للمفاوضات، والتي تنتهي في نيسان 2014، دخلت في المصاف الاخير. فوزير الخارجية الامريكي يتطلع الى الوصول الى وثيقة تكون مقبول من الطرفين، قبل التحرير المتفق عليه لمجموعة السجناء الفلسطينيين الاخيرة في اذار 2014.
لقد كانت نية كيري الاصلية هي التوسط بين الطرفين من أجل الوصول الى اتفاق اطار يوقع عليه الطرفان. وفقط بعد ان تبين بان الفجوات بين مواقف الطرفين كبيرة جدا ولا تسمح باتفاق اطار كهذا، تبنى كيري هدفا اكثر تواضعا وهو صياغة وثيقة مبادىء امريكية يمكن للطرين ان يقبلاها بشكل مبدئي حتى لو اعربا عن تحفظاتهما عن قسم من مضامينها. ثمة مسافة واسعة بين اتفاق اطار واتفاق دائم مفصل يمكن تطبيقه بعد التوقيع ومسافة حتى اكبر من ذلك بين ورقة مبادىء امريكية واتفاق دائم. الامر الوحيد الذي ستحققه على ما يبدو مثل هذه الورقة، اذا ما وافق الطرفان على تبنيها مبدئيا، فهو استمرار المفاوضات بعد نيسان 2014. اما مدى تأثير مثل هذه الوثيقة على جوهر المفاوضات التي ستستمر فمنوط بقدر كبير على مستوى تفاصيل الوثيقة وحجم التحفظات التي تكون لكل طرف من الطرفين. وتذكر مثل هذه الورقة بقدر ما بخريطة الطريق في 2002 والتي قبلها الطرفان مبدئيا مع قائمة طويلة من التحفظات مما أدى الى تطبيق قسم من المرحلة الاولى من اصل المراحل الثلاثة التي تضمنتها الوثيقة.
يحاول وزير الخارجية تصميم ورقة متوازنة تلبي الاحتياجات الجوهرية للطرفين والاحتياجات السياسية لزعيميهما على حد سواء، وذلك للتخفيف عنهما في تسويقها لجمهوريهما والساحتين السياسيتين في الطرفين. ولا تزال الورقة في مراحل المفاوضات مع الطرفين ولم تصمم نهائيا بعد. ثمة تصريحات تأتي من الاطراف الثلاثة عن جوهرها ولكن من الصعب ان نميز بين التقارير الدقيقة وبين التصريحات السياسية التي تستهدف التلاعب على الاطراف الاخرى، المفاوضين و/او الجماهير والساحات السياسية لاسرائيل والفلسطينيين.
سيكون، على ما يبدو، فرق بين مستوى التفصيل في المواضيع المختلفة. والاختلاف سيعبر بقدر كبير عن الجهد الذي بذله الامريكيون لتلبية المطالب الاسرائيلية في موضوع الامن والذي سيكون كما يبدو الاكثر تفصيلا، وذلك للسماح لرئيس الوزراء نتنياهو التقدم نحو الفلسطينيين في المواضيع الاخرى. وتبين أن الامر ليس سهلا لان الوسيط الامريكي، الذي ركز على الدور الامني لغور الاردن، سعى الى طرح منظومة بديلة تضمن منع تهريب الوسائل القتالية والاشخاص عبر الغور حتى دون تواجد اسرائيلي. وفي نظر الخبراء الامريكيين (الجنرال ألن وفريقه) فان مثل هذه المنظومة يمكنها أن تسمح باخلاء قوات الجيش الاسرائيلي من الغور بعد بضع سنوات. ويمكن تحقيق ذلك من الفلسطينيين لانهم يفهمون بان تطبيق الاتفاق، ولا سيما اخلاء المستوطنات سيستغرق على اي حال عدة سنوات (عباس وافق منذ الان على خمس سنوات). وفي هذه الاثناء لا توجد مؤشرات على أن اسرائيل تنازلت عن مطلبها مواصلة تواجد قواتها في الغور على مدى سنوات طويلة. في نظر الفلسطينيين أكثر خطورة من ذلك بكثير هي حقيقة ان اخلاء قوات الجيش الاسرائيلي سيشترط بالاداء العام للفلسطينيين في موضوع الامن في كل مناطق الدولة الفلسطينية، وضمنيا بحكم اسرائيلي في هذا الموضوع.
وفي نظر الفلسطينيين فان هذا هو السبيل الاسرائيلي لمواصلة الاحتلال بشكل آخر ودون قيد زمني، لان اسرائيل لن توافق ابدا على أن تقول ان الفلسطينيين نجحوا في الاختبار. وفي ضوء تجربتهم التاريخية مع اسرائيل، من الصعب القول ان هذا التقدير مدحوض. اضافة الى ذلك، فان اسرائيل تطالب بحق المطاردة الساخنة في كل اراضي الدولة الفلسطينية. في هذه الحالة ايضا فان الفلسطينيين مقتنعون بان اسرائيل ستستخدم هذا الحق لتحقيق حرية عمل كاملة في الاراضي الفلسطينية. في نظرهم، تريد اسرائيل ان تواصل مظاهر نشاطها الحالي رغم وجود دولة فلسطينية سيادية ولكن الامر لن يسمى احتلالا. اما الفلسطينيون فيقترحون بديلا، مثلما فعل الرئيس عباس في مقابلته الاخيرة مع ‘نيويورك تايمز′ ان ترابط في اراضي الدولة الفلسطينية في غور الاردن وفي كل مكان آخر يلزم ذلك، قوات الناتو (بتعزيز قوة اردنية)، بقيادة امريكية، ولكن اسرائيل تتمسك بمعارضتها لقوة دولية كبديل عن التواجد العسكري الاسرائيلي. ويبدي الفلسطينيون استعدادا لقبول تجريد الدولة الفلسطينية ولكن ليس واضحا ما هو الوضع بالنسبة لمطالب اسرائيلية اخرى كالسيطرة في المجالين الجوي والالكترومغناطيسي ومحطات الانذار المبكر في الاراضي الفلسطينية. وختاما، من الصعب في هذه المرحلة أن نرى كيف سينجح فريق كيري في تربيع الدائرة في مجال الامن.
ومع ان المخفي اعظم من البين في ما يتعلق بمضمون الوثيقة، ولكن يبدو أن وزير الخارجية يعتزم التقدم نحو اسرائيل في ثلاثة مواضيع اخرى، الاعتراف باسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي، نهاية النزاع وعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اسرائيل. ثمة سبل مختلفة للصياغة بشكل ايجابي عدم عودة اللاجئين وليس واضحا بعد اذا كان الامريكيون اختاروا واحدا من هذه الطرق لمنع معارضة فلسطينية حادة لبند يقول: ‘لا حق عودة’ والا فلا. كما أن كيري على ما يبدو سيتقدم نحو الفلسطينيين في المسألة الاقليمية حين سيقرر بان الحدود بين الدولتين ستكون على اساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي، وهكذا يتم في مسألة القدس، وان كانت ثمة مؤشرات على أن الفلسطينيين غير راضين في هذه النقطة لانهم يعتقدون بان البند في موضوع القدس غامض جدا. وسيبذل كيري على ما يبدو جهدا أعلى ايضا للوصول في نهاية المطاف بعد الفترة الزمنية المقررة، الى ألا يكون تواجد عسكري اسرائيلي في اراضي الدولة الفلسطينية.
تضع مساعي وزير الخارجية كيري لانتاج وثيقة متوازنة الطرفين أمام معضلة قاسية. فمن جهة كل واحد منهما سيضطر الى ‘ابتلاع عدة ضفادع′ ستضعه في مصاعب سياسية مع ساحته السياسية نفسها ومع جمهوره. ومن جهة اخرى، فان من سيعتبر مسؤولا عن فشل الخطوة من شأنه ان يدفع على هذا ثمنا باهظا في الاسرة الدولية. والامر صحيح بالنسبة للجانب الفلسطيني الذي يدين باستمرار وجود السلطة الفلسطينية للمساعدة المالية الدولية وكذا يفهم بانه الطرف الضعيف حيال اسرائيل ووحدها الاسرة الدولية يمكنها أن تساعده على خلق توازن ما بين الطرفين. عمليا، الخيار الوحيد للطرف الفلسطيني، بعد فشل هذه الخطوة، هو التوجه الى الاسرة الدولية. والامر صحيح ايضا بالنسبة للطرف الاسرائيلي الذي يخشى من تسريع عملية نزع الشرعية والمقاطعات على اسرائيل ولا سيما من تضعضع العلاقات مع الادارة الامريكية. والانطباع الناشيء ان الطرفين، اللذين لا يؤمنان بنجاح هذه الخطوة السياسية، يركزان على الجهود لالقاء الذنب على الطرف الاخر، وفي هذا الاطار تكاد تكون كل الوسائل مشروعة، بما في ذلك الاحابيل الاعلامية والتسريبات الجزئية.
في نهاية المطاف يمكن للطرفين أن يجدا نفسيهما في وضع يضطران فيه الى قبول وثيقة المبادىء رغم استيائهما ومع الكثير من التحفظات وذلك لانهما لا يمكنها أن يلقيا بالذنب فقط على الطرف الاخر. واذا كان هذا ما سيحصل فمن الصعب الافتراض بان الوثيقة موضع البحث يمكنها أن تكون اساسا جيدا لمفاوضات سريعة وناجعة، وخير تفعل الاطراف الثلاثة اذا ما استغلت الفترة الزمنية الاضافية للبحث في بدائل اخرى غير بديل الوصول السريع الى اتفاق دائم. والذي لا يبدو في الافق.

اتفاق واضح المعالم
تشيلو روزنبرغ
معاريف 10/2/2014

التسريب المقصود لتصريحات مارتين اينديك، المبعوث الامريكي لمحادثات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين بتكليف من وزير الخارجية الامريكي جون كيري، والتي جاء فيها انه ستتحقق تسوية يتمكن فيها 80 في المئة من المستوطنين اليهود البقاء في اماكنهم في اطار اتفاق لتبادل الاراضي بين اسرائيل والفلسطينيين، يقوم على اساس خطوط الرابع من حزيران 1967، يرمي الى ان يكون بالون اختبار قبيل الحسم المقترب في المحادثات الجارية بين اسرائيل والفلسطينيين برعاية امريكية.
ينبغي التشديد منذ البداية بانه لا يوجد يقين في أن الطرفين سيتوصلان الى اتفاق لان المسائل موضع الخلاف معقدة. اضافة الى ذلك، حتى لو جاءت تصريحات اينديك لفحص رد فعل الطرفين، فليس فيها اي جديد. فمنذ البداية وحتى اليوم، واغلب الظن منذ اليوم ايضا وحتى زمن بعيد، يعرف الجميع مقاييس الحل الموفور، وان لم يكن الكامل. فالمحادثات السرية تستهدف القضاء على الاحابيل والتدخلات من الجهات المعادية لكل تسوية، ولكن من حيث الجوهر يمكن القول انه لا تغيير حقيقي في الخطط وفي الفهم بشأن طبيعة التسوية، التي نبتعد نحن عنها مسافة بعيدة جدا.
دنيس روس، المبعوث الامريكي للمحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين، والذي كان سلف اينديك، يقول في كتابه ‘عن السياسة’ الامور التالية: ‘المسيرة (المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين) انتهت في ختام عهد ادارة كلينتون بفشل المفاوضات على المسائل الجوهرية للنزاع: القدس، الحدود، الامن واللاجئين. كواحد من مهندسي المفاوضات وكمن شارك فيها أعرب بان الفوارق في نهاية المحادثات كانت قابلة للجسر. كما اني اعرف بانه رغم خيبات الامل والجدوى الخائبة على مدى المسيرة، كان الاتفاق ممكنا وكذا أيضا آمنت الشعوب والوفود الى المفاوضات’ (صفحة 249). ويمكن الاشارة الى أن روس يلقي بالذنب على عرفات الذي كان رافضا للسلام لم يكن مستعدا لان يتغير ويصبح زعيما بل بقي ثوريا خالدا. في حينه وجدنا المذنب وشنقناه في ميدان المدينة غير أنه منذئذ يوجد زعيم آخر، أبو مازن، وانتقلت غزة الى ايدي رجال حماس، وجولات الضربات المتبادلة بين الطرفين لا تتوقف وما كان الان هو حاضر. كيف نشرح هذا إذ ان عرفات لم يعد موجودا منذ زمن بعيد والاتفاق مع الفلسطينيين ليس موجودا؟
المبادرات الامريكية والمحادثات بين الفلسطينيين والاسرائيليين كانت كثيرة. رئيس الوزراء السابق، اولمرت، يصر على الادعاء بانه لو كان أنهى مهام منصبه كرئيس للوزراء فأغلب الاحتمال ان يكون الطرفان قريبين جدا من الاتفاق. في نظرة الى الوراء يمكن ادعاء كل انواع الادعاءات ‘ماذا كان سيحصل لو ان’، ليس في هذا أي اهمية حقيقية. بالعكس. لنفترض أن اولمرت كان محقا في قوله، فلا يزال يبقى دون جواب السؤال المركزي: هل في وضع اتفاق يحصل فيه الفلسطينيون على أكثر من 90 في المئة من اجمالي اراضي يهودا والسامرة، وتبقى الكتل الاستيطانية الكبرى في يد اسرائيل ويجري تبادل للاراضي، فهل ستجد مسألة القدس ومشكلة اللاجئين حلا لهما؟ بالنسبة لنا، لا أمل في أن في الوضعية السياسية في اسرائيل تكون أغلبية لتقسيم القدس. وبالتأكيد تنطبق الامور على حق العودة للاجئين. معقول اكثر بكثير الا يكون الفلسطينيون مستعدين للتخلي عن حق العودة وشرقي القدس. والدليل حتى في الجولة الحالية من المحادثات، كما تسرب عنهم، فان النية هي أن تكون شرقي القدس عاصمة فلسطين. ليس في اسرائيل ولا بين الفلسطينيين أغلبية سياسية لاتفاق من هذا النوع. وبالضبط هنا المفارقة: فالجميع يعرف ما هو الحد الادنى الذي يرغب كل طرف في تحقيقه في المفاوضات، من ناحية على جثتي. غير أن الجميع يعرف بانه لا توجد امكانية للوصول الى توافق على ذلك الان. ومع ذلك فان الطرفين يواصلان ذات المسار.
لا يوجد اتفاق أكثر واقعية مما عرض حتى الان. ما سيقرر هو الجرأة السياسية لزعيمي الطرفين وحساب المنفعة والخسارة. الادعاءات تجاه الفلسطينيين معروفة جيدا وخسارة تكرارها. اسرائيل برئاسة نتنياهو وائتلافه غير ناضجة لمثل هذه الخطوة الدراماتيكية. نحن لا نزال بعيدين جدا عن هذا الوضع. من غير المستبعد ان يكون الحل الفوري اتفاق مرحلي وتوافق على استمرار المفاوضات. عندها ايضا الواقع السياسي في اسرائيل لن يكون بوسعه احتواء الواقع.

ربيع ثقافي عربي
سمدار بيري
يديعوت 10/2/2014

مرت ثلاث سنوات منذ بدأ ‘الربيع العربي’، الذي فقد الآن رياح التفاؤل وأصبح في أحسن الحالات ‘انتفاضة’، وأصبح في رؤية أكثر يقظة ‘زعزعة’. انها ثلاث سنوات، وهي وقت للتلخيص المرحلي.
في هذه المدة طرد الشارع اربعة طغاة: ابن علي التونسي، ومبارك المصري، وصالح اليمني والقذافي الليبي. وتخلص ملك البحرين بعد جهد كثير، وما زال رئيس سوريا الاسد غير آمن، أما الباقون فيتصرفون كأن انتفاضة قد تنشب عندهم في كل لحظة. ولم يعد العالم العربي بسبب الزعزعة كيانا واحدا. فلا توجد قمة عربية ويجهد الحكام في اوقات نادرة فقط اذا جهدوا أصلا في الحديث بعضهم الى بعض. واختفى ايضا التقسيم بين محور معتدل ومحور شر المتطرفين. فهم في الغرب يُقسمون مواطني الدول العربية الى أكثرية مسلمة سنية وأقلية من أبناء الطائفة الشيعية خطرهم المحتمل أكبر الاخطار.
ونلاحظ بين القصور الفاخرة ومشعلي الميادين، نلاحظ الطبقة الثالثة الصامتة وهم المثقفون والأدباء الذين لم يجدوا مكانهم ولا يريدون أن يُغضبوا فيختارون الانطواء على أنفسهم والصمت. وهذا الصمت محرج. فهم متعلقون جدا بالسلطة ويخشون الخروج من الصندوق. وهم في الاساس مشغولون بالسؤال المصيري وهو كيف لا يفقدون وظائف ثابتة ولا يورطون أنفسهم مع الاجهزة الظلامية.
على هذه الخلفية صدر الكتاب الجديد للدكتور مروان المعشر الاردني، وهو مثقف اجتُذب الى السياسة (وزير الاعلام في حكومة عمان ووزير الخارجية) والى مناصب رئيسة في وزارة الخارجية (سفير الاردن في اسرائيل وواشنطن)، وفضل آخر الامر الجلوس في المقعد الوثير لمركز اكاديمي في الولايات المتحدة. ‘اليقظة العربية الثانية والنضال من اجل التعددية’، وهو بقلمه، وثيقة مُلزمة لكل من يبحث عن التأليف بين التغلغل الى أسرار العالم العربي وتحليل بعيد للبواعث والمسارات.
يعتذر المعشر من أنه استقر رأيه على انهاء الكتابة قبل أن تبلغ سلسلة الزعزعات خط النهاية، وهو يشير الى مسارين رئيسين. الاول ‘اليقظة المتكلفة’، وحدثت حينما انتقضت الدولة العثمانية الى دول انشأت مستبدين كصدام حسين والقذافي ومبارك و’كل من هم موجودون في الحكم الى اليوم’، كما يقول المعشر بصراحة. وفي الزعزعة الثانية خرج عشرات الملايين الى الشوارع ونجحوا في اسقاط اربعة حكام ‘فقط’ من اولئك الذين ‘كانت ثقافة الحكم الديمقراطي غريبة عليهم’. وطُرد الاسلاميون، كما في تونس ومصر، بعد ذلك من القصور لأنهم لم يعرفوا كيف يحكمون.
يجب أن نقول في فضل المعشر إنه كسر صمت المثقفين العرب آخر الامر. وقد وجدت نفسي أوافق على مقولتين قاطعتين عنده. الاولى هي أن مقولة ‘الله هو الحل’ (الاسلام هو الحل المترجم)، والثانية أن المفتاح موجود في المشهد الاقتصادي. فشباب الميادين لم يدعوا حاكما يتجاهل البطالة والفرق المؤلم بين الطبقات. فالاقتصاد الصحيح سيأتي بالاستقرار والمستثمرين والسياح والاستثمارات في البورصة. والذي يحلم بأن يتبنى النموذج القديم القبضة الحديدية والفساد على حساب الطبقات الضعيفة ليس من المؤكد أن يبقى.
وحينما يغوص المعشر الى الجرح المفتوح للديمقراطية في العالم العربي وحقوق الانسان ومكانة النساء المتدنية، أتفق معه مرة اخرى. لا يمكن أن تُفرض خطط من الخارج، وما هو جيد للامريكيين ليس من الضروري أن ينجح في مصر أو الاردن أو السعودية.
قد يكون المعشر ساذجا ورومانسيا بل قد يكون يعيش في الأوهام، لكنه يُصر على أن يعلق الأمل بالجيل الجديد على الخصوص ذاك المنفتح على الانترنت والذي يعيش في الفيس بوك وله توقعات تبلغ السماء وأرجل ذات عضلات يغرق الشوارع بها. وقبل أن يعود المؤلف الى بيته، الاردن، بلحظة يهدي هذا الكتاب الى هذا الجيل، الى ‘شباب العالم العربي الذين خرجوا للتمرد لا على آبائهم بل لأجل أنفسهم’.
لن يحكمنا الفلسطينيون
الياكيم هعتسني
يديعوت 10/2/2014

من يرفض رفضا باتا فكرة جعل أقاليم من بلاد اسرائيل الغربية دولة غريبة، يجد صعوبة في أن يبحث في فكرة ابقاء مواطنين يهود كأقلية. ومع ذلك، فان الفكرة كبحث نظري تبعث على التحدي.
ثلاثة اشارات ضوئية كانت على الطريق لدولة اسرائيل: تصريح بلفور (1917)، مؤتمر سان ريمو (1920) والانتداب على بلاد اسرائيل من عصبة الامم (1922). وفيها جميعها وعدت البلاد للشعب اليهودي. المادة 80 من ميثاق الامم المتحدة وعدت هي ايضا بحفظ الحقوق صراحة في صالح ‘الشعوب’، وبنية مقصوده للشعب اليهودي. هذه الحقوق هي ‘الاعتراف بالصلة التاريخية للشعب اليهودي ببلاد اسرائيل وبالمبدأ الاساس لاقامة وطنه القومي من جديد في هذه البلاد’، الهجرة الجماعية والاستيطان المكثف. وهما ينطبقان على جانبي الخط الاخضر وممنوحان مباشرة للشعب اليهودي.
حسب خطة ‘الدولتين’، يفترض بدولة اسرائيل، خدمة لمصالح مواطنيها ان تقيم لشعب اجنبي دولة على أراض تنزع من الشعب اليهودي.
وذلك رغم ان الحكومة واعية لان صاحب الحقوق هو الشعب اليهودي، والدليل على ذلك القرار في يوم 2/12/12 ردا على قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة منح الفلسطينيين مكانة دولة: ‘للشعب اليهودي حق طبيعي، تاريخي وقانوني في وطنه وعاصمته الخالدة، القدس… لدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي حق ومطالبة بالمناطق التي مكانتها موضع خلاف في بلاد اسرائيل… ليس في قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة ما ينتقص من اي حقوق لدولة اسرائيل والشعب اليهودي في بلاد اسرائيل’.
ويطرح السؤال: وهل لدولة اسرائيل يوجد حق في ان تنتقص من حقوق الشعب اليهودي على قلب البلاد؟ السؤال لم يطرح طالما عملت الدولة حصريا في صالح الشعب اليهودي، كوصية عليه. أما الان، حين جاءت لان تأخذ اجزاء من بلاده، فهل هذا الفعل يلزم الشعب اليهودي؟ الجواب سيعطيه اليهود الذين سيبقون في تلك الاماكن بمثابة ابناء ‘الشعب اليهودي’، الذي سيبقى صاحب الحقوق حتى بعد أن تكف الدولة عن تمثيله في هذه الاقاليم.
لهذا الوضع الجديد يوجد أثران. مبدئيا، حكومة تتنكر لاحتكار التمثيل الحصري للشعب اليهودي في اجزاء معينة من بلاد اسرائيل لا يعود بوسعها ان تظهر كـ ‘دولة الشعب اليهودي’. وهي، بكلتي يديها، خلقت واقعا جديدا. صلة يهودية مباشرة بالبلاد خارج نطاق حكمها. جالية يهودية في بلاد اسرائيل تحت حكم اجنبي ستتصرف تجاه الجاليات اليهودية في المنفى وفي دولة اسرائيل كجسم مستقل: فقد فصلت رغم انفها عن جسم الدولة، ولكنها بقيت متمسكة ببلادها.
على المستوى العملي ستقف الدولة امام خيار صعب: فهل على حد توصية احيتوبل اليسار المتطرف تنهض وتذهب وتبقي المستوطنين لمصيرهم؛ ام تتحمل المسؤولية عن مواطنيها، وفي كل اتفاق يوقع ضمان حياتهم وحقوقهم؟ في الحالة الاولى، السيناريو معروف: اليهود سيضطهدون والدولة الملتزمة بالسيادة الفلسطينية لن تتمكن من انقاذهم. وستكون أعمال قتل ولعل اليهود سيردون النار ايضا، وعندها مشكوك أن تصمد الحكومة وربما الجيش الاسرائيلي ايضا سيجتذب الى الميدان، وعندها… باي باي للسلام. من اجل منع حمام دماء وتفجير السلام، ستضطر الحكومة الى أن تدخل الى الاتفاق تواجد عسكري للجيش الاسرائيلي في البلدات وفي المواقع المشرفة وضمان الحركة الحرة في الطرق المؤدي الى مئات النقاط ومنها (‘لن يخلى اي مستوطن’، وعد رئيس الوزراء). فهل سيقبل الفلسطينيون هذا؟ وهل احد آخر كان سيقبل؟
لعناية اولئك الذين لا يزالون يفكرون بتعابير المقاومة، كهذه او تلك، لـ ‘الاخلاء’: قواعد اللعب تغيرت. فالبقاء على الارض هو الرد، وهو الذي يثبت بان تقسيم البلاد لم يعد ممكنا.

‘هنا المنفى’
روبيك روزنتال
معاريف 10/2/2014

صادقت الحكومة الاسبانية هذا الاسبوع على قانون يسمح لمن نفي منها قبل اكثر من 500 سنة ويمكنه أن يثبت ذلك ان يحصل على الجنسية الاسبانية. القرار، الذي أعلن عن النية لاتخاذه قبل اكثر من سنة، او استمرار لقرار اسباني يعود الى 50 سنة لالغاء قضاء الطرد بأثر رجعي وكذا محاكم التفتيش. الجانب العملي فيه لا يبدو صاخبا ولكن القرار يثير أفكارا ذات صلة بحياتنا هنا في الدولة اليهودية.
يذكر هذا القرار كل من يريد أن ينسى بان المصير اليهودي الذي ينطوي على الاضطرابات والتنقلات لم يبدأ بالكارثة، ولا حتى في اضطرابات العشرينيات. فالحركة القومية اليهودية ليست نتاجا مصطنعا لليقظة القومية في القرن التاسع عشر، وهي تحمل معها امورا تاريخية تتعلق بتجربة فاشلة للانخراط في الشعوب الاخرى. وهذه الامور موجهة لاولئك الذين يتمسكون بالنظريات العابثة عن ما بعد الصهيونية.
يذكر هذا القرار كل من يريد أن ينسى وان ينسي، بان التقاليد السفرادية (الاسبانية او الشرقية) والاشكنازية (الغربية) وان كانت تختلف في الجوانب الدينية المختلفة ولكننا جميعنا جئنا من ذات المصدر. أجدادي، حسب الشجرة الموثقة الى هذا الحد او ذاك وصلوا الى اوروبا في اعقاب نفي البرتغال ولهذا فقد كانوا ‘سفراديم’ (اسبانيين). وتحولوا الى ‘اشكنازيين’ إذ اختلطوا بيهود شرق اوروبا وبعد ذلك المانيا، وتحولوا في موجة التنور التي المت باوروبا الى يهود علمانيين.
الى الدولة اليهودية عاد وتدفق من جديد مهاجرو منافي اسبانيا والبرتغال في موجات الهجرة، الحركة القومية وفي اعقاب الكارثة واقامة الدولة. والمفارقة هي ان الدولة اليهودية بالذات تحفظ بوسائل مؤطرة وجاليات دينية متزمتة هذا التضارب بل وحتى العداء بين ‘السفراديم’ و ‘الاشكناز′. ويعزز هذا الحفظ التشخيص المغلوط والمشوش بين ‘السفراديم’ و ‘الشرقيين’. ‘فالشرقيون’ هم سليلو بلدان آسيا وافريقيا، وان كانت أغلبيتهم غربيون بالذات. ‘السفراديم’ هم سليلو البلدان التي سيطرت فيها التقاليد الدينية السفرادية (الاسبانية)، والكثيرون منهم وصلوا من بلدان اوروبا. لا ضير بالطبع في حفظ الثقافات المختلفة لسليلي الشتات المختلف.
فثمة في ذلك حتى جمال وثراء. المشكلة هي أن التقسيم بين ‘السفراديم’ وبين ‘الاشكناز′ ليس تقسيما متعدد الثقافات، تغذي فيه وتخصب كل ثقافة الثقافة المشتركة بل هو تقسيم يثير الشقاق، يخلق الانفصال، العداء والمراتبية. وبدلا من ان نسمع في العالم الديني الاسرائيلي صوت الاعتدال والقبول السفرادي الذي تصمم في العصر الذهبي ما قبل نحو الف سنة، نسمع صوت التزمت الحريدي الاشكنازي الذي تصمم في اجواء العزلة والاضطهاد في بلدان الاشكناز. فالمنظور التاريخي الذي يعود الى 500 سنة يحل محل منظور قصير العهد للدولة التي على الطريق والتي فشل فيها ‘الاشكناز′ المهيمنون، في فهم، في تقرب وفي تطوير ‘السفراديم’ المنبوذين.
ثمة فقط مجال واحد خلقت فيه الاشكنازية والسفرادية تعايشا مثمرا اللغة. بن يهودا ورفاقه اعلنوا عن اللفظ السفرادي لسبيل للتهجئة السائدة في بلاد اسرائيل. فقد قرر بن يهودا بان هذا هو السبيل بعد أن سمع يهود جزيرة جربا التي في الجزائر يتكلمون العبرية. وتخلى الاشكناز عن العزف الاشكنازي، رغم أن النشيد القومي نغنيه باللفظ الاشكنازي، ولكنهم أثروا على اللغة بوسائل عديدة اخرى، واليوم توجد لنا لغة مختلطة، لا سفرادية ولا اشكنازية، عبرية اسرائيلية. يمكن للمرء أن يتعلم شيئا من هذا.

رسائل فينشتاين لن توقف الاستيطان
حاييم لفنسون
هآرتس 10/2/2014

في تشرين الثاني 2008 قدم منسق اعمال الحكومة في المناطق اليوم، ورئيس الادارة المدنية آنذاك، يوآف (بولي) مردخاي، ‘مرسوم ترتيب الأولويات’ لهدم البناء غير المرخص في منطقة يهودا والسامرة. وكان الهدف رفض الاستئناف لاجل البناء غير المرخص في البؤرتين الاستيطانيتين هيوفيل وحورشاه.
في الوثيقة التي عرضها مردخاي وضع في المكان الاول هدم هو تنفيذ لاوامر قضائية. وفي المكان الثاني بناء جديد، وفي الثالث بناء على ارض خاصة. وفي 2011 في رد على استئناف آخر جيء بسياسة جديدة وهي أن يهدم ما يوجد على ارض خاصة ويتم تنظيم ما يوجد على اراضي الدولة. لكن حينما رفعت استئنافات طلبت هدم مبان على ارض خاصة، غيرت الدولة سياستها مرة اخرى، فصارت أن يهدم ما يوجد على ارض خاصة ورفع استئناف في شأنه ولا يهدم ما عدا ذلك. أي أنه كي تتفضل الدولة بهدم بيت بني بلا رخصة يجب أن يستأنف صاحب الارض الفلسطيني الى المحكمة العليا.
وأصبح للدولة الآن سياسة رابعة. إن المستشار القانوني للحكومة، يهودا فينشتاين، يفخر برسالة استصدرها من وزير الدفاع موشيه يعلون يهدم بحسبها كل مبنى جديد (قبل السكن فقط). ويمكن أن نفرض مرة اخرى أنه لن يحدث شيء من كل ذلك، والسؤال الوحيد هو هل يخدع فينشتاين ويعلون أنفسهما أم يخدعاننا؟.
بيّنت جولة في المناطق في يوم الاحد وجود بناء غير مرخص واسع. فلا يوجد من معسيه إيل في الجنوب الى ايتمار في الشمال مكان لا يبنون فيه في حفات يئير ونوفيه نحاميا ورحليم وتقوع وجفعات هآفوت. ومراقبو الادارة المدنية يأتون ويصدرون اوامر هدم ويلتقطون صورا. والتهديد بالهدم فكاهة وهذا فهمه المستوطنون منذ زمن.
هذا ما كان مثلا في عوفره. ففي 2008 استأنف اصحاب ارض خاصة ومنظمة ‘يوجد حكم’ لهدم تسعة بيوت بنيت على الارض بلا رخصة. وردت الدولة بأن البيوت لن تهدم، لكنه سيتم الحرص منذ الآن فصاعدا على تنفيذ قوانين التخطيط في عوفره، وطوبى لمن يصدق ذلك.
منذ ذلك الحين بدأت شركة ‘أمانه’، وهي الذراع الاستيطانية لغوش ايمونيم بادارة زئيف حفير، بدأت بناء حي جديد فيه عشرات الوحدات السكنية، وبدل أن تهدم الدولة وعدت حفير بأن تمنحه رخص بناء.
لا ينبغي أن يتوقع في واقع الامر شيء من الادارة المدنية لأنه حينما يتجول حفير، وهو من اكبر مخالفي البناء في المناطق، حرا في أروقتها ويأتي بهدايا وداع الى رؤساء الادارة الذين يتركون اعمالهم، تنتقل الرسالة الى المراقبين في أسفل. فتخيلوا زئيف روزنشتاين يدعى الى حفل رفع كؤوس في مكاتب العلاقات العامة.
إن المستوى السياسي ايضا أسير المستوطنين. فقد حصل يعلون على دعم واسع منهم وهو لا يستطيع أن يخرج في عملية هدم كبيرة. وقد حصل على البرهنة على ذلك في الاسبوع الماضي فقط حينما هدم افراد الادارة بيت مُركز لجنة مستوطني السامرة ساغي كرايزلر بالقرب من كيدا. فقد سارع مقاولو الاصوات في الضفة الى اعلان اسقاط دعم يعلون الذي استقبلهم للقاء في مكتبه ردا على ذلك. إن عند كرايزلر دعاوى حق عن هدم بيته لأنه توجد بيوت اخرى أعلى منزلة في ترتيب الاولويات لكن هذه الحالة تصور الشرك لأنه اذا كان هذا هو الرد على هدم بيت واحد فتخيلوا كيف يكون الرد على هدم عشرات ومئات بيوت المستوطنين.
في هذا الواقع يكون البديل عن الهدم البدء باجراءات جنائية كما يحدث عند مخالفي البناء في اسرائيل. واصبحت الكرة في هذا المجال موجودة عند يهودا فينشتاين، فهو يرسل منذ سنة ونصف رسائل متأثرة في هذا الشأن لكن جهاز تطبيق القانون بعيد عن العمل.

يفضل المستشار بدل أن يأمر الشرطة بالتحقيق مع حفير وأمانه وضبط وثائق واغلاق مشروع البناء غير القانوني هذا، يفضل أن ينظم جلسات تنسيق بين وزيرة القضاء ووزير الدفاع وقادة الشرطة. فقد تبين له كالجميع أن ارسال الرسائل أفضل من مواجهة اشخاص ساسة ذوي قوة كبيرة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نيويورك تايمز: بوتين من الانزلاق من رجل دولة إلى طاغية !

ريتا محمود درويش هل هي تمارا بن عامي أم تانيا رينهارت ؟ The Beloved Jewish

الحراكات والإسلاميين ينظمون مسيرة اصلاحية كبرى عشية الإنتخابات